الكنيسة البطرسية.. الإرهاب يغتال 105 أعوام من التاريخ

عائلة بطرس غالي بنتها فوق ضريحه... ورسام إيطالي أمضى 5 سنوات في تزيينها

الكنيسة البطرسية.. الإرهاب يغتال 105 أعوام من التاريخ
TT

الكنيسة البطرسية.. الإرهاب يغتال 105 أعوام من التاريخ

الكنيسة البطرسية.. الإرهاب يغتال 105 أعوام من التاريخ

في حي العباسية الشهير بوسط العاصمة المصرية القاهرة، تقبع الكنيسة البطرسية الملاصقة للمقر البابوي في الكاتدرائية المرقسية التي طالتها يد الإرهاب أمس، لتضيع ملامح 105 أعوام من التاريخ والحضارة والعمارة.
وتعد «البطرسية» أشهر كنيسة كرست على اسم القديسين بطرس وبولس، وتولت عائلة بطرس غالى بناءها على نفقتها الخاصة فوق ضريحه عام 1911 تخليدا لذكراه، ويوجد المدفن الخاص بالعائلة أسفل الكنيسة، وآخر من دفن فيه الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة.
وبُنيت الكنيسة البطرسية على الطراز البازيليكي، ويبلغ طولها 28 مترا وعرضها 17 مترا، ويتوسطها صحن الكنيسة والذي يفصل بينه وبين الممرات الجانبية صف من الأعمدة الرخامية في كل جانب.
ويعلو صف الأعمدة مجموعة من الصور رسمها الرسام الإيطالي بريمو بابتشيرولي وقد أمضى خمس سنوات في تزيين الكنيسة بهذه اللوحات والتي تمثل فترات من حياة المسيح والقديسين.
وقد تولى تصميم المباني والزخارف مهندس السرايات الخديوية أنطون لاشك بك، وتضم الكنيسة عددا من لوحات الفسيفساء التي قام بصناعتها الكافاليري أنجيلو جيانيزي من فينسيا مثل فسيفساء التعميد، والتي تمثل المسيح ويوحنا المعمدان في نهر الأردن، ويوجد أمامها حوض من الرخام يقف على أربعة عمدان، كما توجد صورة بالفسيفساء - في قبة الهيكل.
والعائلة البطرسية، هي عائلة مصرية قبطية سطر أبناؤها كثيرًا من صفحات تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وشاركوا في صنع كثير من الأحداث الفاصلة في تاريخ مصر منذ الثورة العرابية، مرورا بتوقيع اتفاقية السودان، وثورة 1919 واتفاقية 1936. ووصولا إلى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ومباحثات «كامب ديفيد»، ووصول واحد من أبنائها إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة كأول مصري وعربي يصل إلى تلك المكانة المرموقة.
والكنيسة البطرسية التي يحرص قاطنو حي العباسية من الأقباط على إقامة الصلوات فيها كل يوم أحد، بناها أهلها لتكون مكانا لتجمع الأقباط، خاصة أنها ملاصقة للمقر البابوي في الكاتدرائية المرقسية الأرثوذكسية التي بنيت في ستينات القرن الماضي، حيث تبرع الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر لبناء الكاتدرائية بعدة آلاف من الجنيهات. وفي يونيو (حزيران) عام 1968 احتفل رسميا بافتتاح الكاتدرائية بحضور عبد الناصر والإمبراطور هيلا سلاسي إمبراطور إثيوبيا وممثلي مختلف الكنائس، وفي صباح اليوم التالي احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية، وفي نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مارمرقس إلى حيث أودع في مزاره الحالي تحت الهيكل الكبير في شرقية الكاتدرائية.
ثم جاء حفل تتويج البابا الراحل شنودة الثالث للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1971 ليصبح البابا رقم 117 في تاريخ البطاركة. وفي مايو (أيار) 1977 تم الاحتفال بحضور رفات القديس أثناسيوس الرسولي وافتتاح قاعة القديس أثناسيوس الكبرى تحت الكاتدرائية، تذكارا بمرور 1600 سنة على نياحة القديس.
وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقر الكاتدرائية مرتين لتقديم التهنئة لأقباط مصر عشية احتفالهم بعيد الميلاد، وخلال زيارته العام الماضي، قال: «كان ضروريا أنا أحضر لكم لأقول كل سنة وأنتم طيبون..» ورغم أن مدة الزيارة لم تتجاوز دقائق معدودة؛ إلا أنها أحدثت صدى كبيرا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.