تقييم «بيسا»: الدول الآسيوية في الطليعة

التقرير استخلص أن الوظائف المدرسية ليست من عوامل النجاح

تقييم «بيسا»: الدول الآسيوية في الطليعة
TT

تقييم «بيسا»: الدول الآسيوية في الطليعة

تقييم «بيسا»: الدول الآسيوية في الطليعة

خلص استقصاء أجراه البرنامج الدولي لتقييم الطلبة «بيسا»، الذي يشمل من هم في سن الـ15 في 72 دولة، إلى أن مستوى دروس العلوم كان أهم من «المعدات»، بل حتى من مستوى المعلمين. وأكد الاستقصاء نتائج تم التوصل إليها في وقت سابق تشير إلى أن تكليف الطلبة بفروض منزلية كثيرة، أو بمواد تعليمية إضافية لم يكن بالضرورة عاملاً أساسيًا من عوامل النجاح في العلوم. وتصدرت سنغافورة القائمة في ما يتعلق بتدريس العلوم، والقراءة والكتابة، والرياضيات، حيث حصل الطلبة في البلد على 556 نقطة في المتوسط، مقارنة بالمتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وقدره 493 نقطة. في الوقت الذي كانت فنلندا تحتل مركز الصدارة في التفوق في مجال التعليم، تعد سنغافورة حاليًا نموذجًا يحتذى به للدول أخرى، بحسب ما جاء في التقرير.
وكانت الدول الخمس الأولى في الاختبارات، التي تم إجراؤها عام 2015: سنغافورة، واليابان، واستونيا، وتايوان، وفنلندا. ويشير التقرير إلى أن 12 دولة فقط من الدول التي تم تقييمها قد طورت أداءها في العلوم منذ عام 2006، رغم الزيادة في الإنفاق على الطلبة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بنسبة 20 في المائة خلال الفترة ذاتها، وذلك حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
تجدر الإشارة إلى أن المدارس التي لم تقدم دروس علوم بشكل خاص، توجد في مناطق فقيرة بتلك البلدان، بحسب ما أوضح التقرير. وكانت المشكلة كبيرة بوجه خاص في النمسا، وبلجيكا، وكرواتيا، وفرنسا، وألمانيا، وسلوفاكيا، وتايوان.
كذلك أشارت النتائج إلى أن سر النجاح في تدريس العلوم، كان الوقت الذي يتم تخصيصه لتدريس المادة ويعد هذا أهم من الأقسام المجهزة جيدًا بالمعدات، والتي يوجد بها معلمون بارعون. أحرز المعلمون، الذين استعرضوا بالفعل الأفكار العلمية، وطوعوا طريقة تدريسهم بحيث تلائم احتياجات الطلبة نتائج أفضل بحسب ما جاء في التقرير. وأضاف التقرير أن ذلك عادة ما يحدث في الفصول الدراسية الأصغر، وأن احتمال خوض الطلبة - الذين تلقوا هذا النوع من التعليم - مجال متعلق بالعلوم كان أكبر. واحتلت الدول الآسيوية المراكز العشر الأولى على قائمة البرنامج الدولي لتقييم الطلبة، وسجلت اليابان ثاني أعلى متوسط بعد سنغافورة. ماكاو، وهونغ كونغ، وبر الصين الرئيسي، التي خضعت لاختبارات جاءت ضمن المراكز العشر الأولى مثل تايوان، وفيتنام.
مع ذلك الدولة الأولى بين الدول الأوروبية على القائمة جاءت في المركز الثالث وهي استونيا؛ وكانت الدولة الأوروبية الأخرى هي فنلندا، وشغلت المركز الخامس. واحتلت كندا المركز السابع على القائمة متقدمة على الولايات المتحدة الأميركية، التي جاءت في المركز الخامس والعشرين، من بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولم تكن نتائج الولايات المتحدة واعدة جدًا. ففي الرياضيات كان المتوسط الذي سجلته الولايات المتحدة 470، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 490. ويتراوح المتوسط بين 564 في سنغافورة و328 في جمهورية الدومينيكان. وفي العلوم كان المتوسط الذي سجلته الولايات المتحدة 496، وهو يقترب كثيرًا من المتوسط العالمي البالغ 493. ويتراوح المتوسط بين 556 في سنغافورة و332 في جمهورية الدومينيكان.
في القراءة والإنشاء سجلت الولايات المتحدة متوسطا قدره 497، وهو رقم قريب جدًا من المتوسط العالمي البالغ 493. ويتراوح المتوسط بين 535 في سنغافورة و347 في لبنان. وتفوق الطلبة من 36 دولة حول العالم على الطلبة الأميركيين في الرياضيات، وتفوق عليهم الطلبة في 18 دولة في العلوم، وفي 14 دولة في القراءة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.