السودان: الحزب الحاكم يكوّن لجنة لمواجهة العصيان المدني

أحزاب معارضة تدعم الدعوة الشبابية لتنظيم الاحتجاجات

السودان: الحزب الحاكم يكوّن لجنة لمواجهة العصيان المدني
TT

السودان: الحزب الحاكم يكوّن لجنة لمواجهة العصيان المدني

السودان: الحزب الحاكم يكوّن لجنة لمواجهة العصيان المدني

كشف الحزب الحاكم في السودان عن تكوين غرفة مركزية لمواجهة دعوات النشطاء والمعارضين لتنظيم عصيان مدني، في وقت تصاعدت فيه حملات المعارضة لحشد المواطنين لعصيان مدني ثانٍ، يتزامن مع ذكرى استقلال البلاد في التاسع عشر من الشهر الحالي، وأعلنت أحزاب معارضة وتنظيمات مجتمع مدني دعمها، واعتبرته خطوة لضمان حشد شعبي لإسقاط حكم حزب المؤتمر الوطني.
وقال نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يرأسه الرئيس عمر البشير، في تصريحات صحافية بمقر الحزب بالخرطوم أمس، إن حزبه أطلق حملة إسفيرية لإخراس من اعتبرهم «خونة وأعداء الوطن».
وتوحد نشطاء على تنظيم عصيان مدني في البلاد في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد أن أداروا حوارًا بين مجموعات على الفيسبوك استمر خمسة أيام، أيدته الأحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء «نداء السودان»، وأحزاب وقوى اجتماعية كثيرة في البلاد.
وتحدى الرجل الثاني في الحزب ومساعد الرئيس قدرة دعاة العصيان المدني في الحصول على استجابة شعبية، ودعاهم للخروج للشوارع ومواجهة عضوية حزبه، بدل الركون لما أسماه «الخيال الإسفيري»، وقال لعضوية حزبه من الصحافيين: «لا تنشغلوا كثيرا بالشائعات والدعوة للعصيان»، ودعاهم لملء استمارات لربطهم بـ«الغرفة المركزية»، وقال بهذا الخصوص: «املأوا هذه الاستمارات لنربطكم بالغرفة المركزية للحزب إذا كانت عندكم أي استفسارات.. ونحن واثقون وعارفون أن الفضاء والخيال لا يصنع شيئًا، لذلك أقول لعضوية (الوطني): اتركوا هؤلاء يعيشون الخيال ولا تخافوا منهم».
وأعلنت أحزاب المعارضة والحركات المسلحة دعمها وتأييدها لدعوات العصيان المدني المعلنة في التاسع عشر من الشهر الحالي، باعتبارها خطوة لإسقاط نظام الحكم، ودعت عضويتها والمواطنين لدعمها. ودعت أحزاب «قوى نداء السودان»، التي تضم الحركات المسلحة، وحزب الأمة بقيادة المهدي، وقوى معارضة أخرى، في بيان المواطنين للاستجابة لدعوة وتفعيل آليات العصيان والعمل المستمر في التعبئة والحملات، وتكوين لجان عمل لتنفيذ عصيان مدني ناجح، يمهد لثورة شعبية ترغم نظام الحكم على الرحيل.
وشهدت البلاد إثر نجاح عصيان 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حملات تعبوية لحث الجماهير على التوحد والمشاركة في العصيان المدني، واستخدام كل أساليب المقاومة للوصول بالعصيان المدني لغاياته.
وأعلنت الجبهة الثورية السودانية، التي تتكون من حركات دارفور المسلحة والحركة الشعبية لتحرير السودان، عن تأييدها للعصيان، ودعت المواطنين وعضويتها للمشاركة الفاعلة فيه باعتباره واحدًا من وسائل التغيير التي تتكامل مع «ثورة الريف، التي تقودها طلائع الجبهة الثورية لإحداث التغيير الشامل والجذري».
وأصدرت الهيئة الرئاسية للحزب الاتحادي الديمقراطي بلاغًا، دعت فيه أعضاء الحزب للمشاركة الفاعلة في العصيان المدني، وطلبت من الطلاب والأساتذة والمهنيين، والعمال والمزارعين الموالين للحزب، الانضمام للجان الأحياء لقيادة العصيان المدني مع القوى الأخرى.
واعتبر الحزب الشيوعي السوداني العصيان المدني تتويجًا لما أسماه تراكم المقاومة حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة، وقال في بيان أمس إن «مبادرة العصيان المدني كانت خطوة متقدمة في سلسلة خطوات المقاومة للنظام الفاشي، وهي تصب في المجرى العام للانتفاضة الشعبية الشاملة التي تطيح بالنظام».
ودعا الحزب أعضاءه والقوى الديمقراطية كافة للمشاركة بفاعلية في العصيان المدني، و«محاصرة النظام بشعارات إطلاق سراح المعتقلين، وإلغاء الزيادات، ووقف الحرب، ووقف مصادرة الصحف، ووقف التعدي على حرية نشاط الأحزاب والتجمعات والمواكب»، داعيا لبناء ما أسماه تحالفًا واسعًا يشمل «قوى المعارضة السياسية والنقابية والحركات في المناطق الثلاث، ومتضرري السدود والمفصولين تعسفيًا، وتحالفات المزارعين في المشاريع الزراعية، والطلاب والحركات الشبابية والنسائية، وكل القوى الراغبة في إسقاط النظام»، لإنجاح شعار العصيان المدني والإضراب السياسي العام.
في غضون ذلك، أعلن نشطاء عن إطلاق إذاعة لجنة العصيان، التي تبث على الإنترنت، لحث الناس على المشاركة في العصيان، وقالوا في بيان إنهم قرروا الدخول في عصيان مدني في 19 ديسمبر، لتحقيق أهدافهم «المشروعة وهي زوال هذا النظام، وبكل الوسائل السلمية المعروفة، وصولاً لإسقاطه ورد الحقوق، تلك هي قضيتنا العادلة باسم كل مواطن سوداني».
وحمل البيان شعارات من قبيل «معًا من أجل نجاح العصيان، معًا لنجاح الحملة الاقتصادية ضد سارقي قوت الشعب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.