نزوح 7 آلاف مدني من الموصل خلال 48 ساعة

القوات العراقية تسيطر على ثلاث مناطق ضمن المحور الشرقي

عناصر من قوات الحشد الشعبي العراقية يفتشون مبنى دائرة الجنسية والأحوال المدنية في ناحية تل الأبطح التابعة لقضاء تلعفر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الحشد الشعبي العراقية يفتشون مبنى دائرة الجنسية والأحوال المدنية في ناحية تل الأبطح التابعة لقضاء تلعفر أمس (أ.ف.ب)
TT

نزوح 7 آلاف مدني من الموصل خلال 48 ساعة

عناصر من قوات الحشد الشعبي العراقية يفتشون مبنى دائرة الجنسية والأحوال المدنية في ناحية تل الأبطح التابعة لقضاء تلعفر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الحشد الشعبي العراقية يفتشون مبنى دائرة الجنسية والأحوال المدنية في ناحية تل الأبطح التابعة لقضاء تلعفر أمس (أ.ف.ب)

كشف مسؤول إغاثي عراقي، أمس السبت، نزوح 7 آلاف مدني من أحياء الموصل الشرقية والجنوبية خلال الـ48 ساعة الماضية، مع احتدام المعارك والقصف الصاروخي لـ«داعش» الذي يستهدف الأحياء المحررة.
وقال إياد رافد، عضو جمعية الهلال الأحمر العراقي لـ«الأناضول»، إن «قوات الجيش وفرق وزارة الهجرة أجلوا خلال الـ48 ساعة الماضية نحو 7 آلاف مدني من أحياء الموصل الشرقية والجنوبية، مع تواصل الاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم داعش».
وأضاف أن «نحو 6 آلاف مدني نقلوا إلى مخيم الجدعة في ناحية القيارة جنوب الموصل، الذي تشرف عليه الحكومة الاتحادية، ونحو ألف نقلوا إلى مخيمات الخازر وحسن شام».
ووفق رافد، فإن هذا العدد، هو أكبر رقم نزوح سجل في هذا الوقت منذ انطلاق عملية تحرير الموصل في السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويعكس مدى سوء الأوضاع الإنسانية في المناطق المحررة، إلى جانب شدة المعارك في بعض الأحياء.
وعلى صعيد متصل بالنازحين، أقدم نازح عراقي، على قتل والدته وشقيقته بسلاح رشاش قبل أن ينتحر قرب الموصل.
وقال هاوكار كوجر، الضابط بشرطة قضاء شيخان (35 كيلومترا شمال الموصل) لـ«الأناضول»، إن «نازحًا (لم يذكر اسمه) من المكون الإيزيدي من أهالي بعشيقة يبلغ من العمر 30 عامًا، أقدم على قتل أمه وشقيقته بسلاح كلاشنيكوف رشاش، ثم انتحر بنفس السلاح في بلدة شيخان شمال الموصل».
والأسبوع الماضي، أعلن وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد، ارتفاع عدد النازحين من الموصل، إلى أكثر من 90 ألف شخص منذ بدء عملية تحرير المدينة.
وتتوقع الأمم المتحدة، نزوح ما يصل إلى مليون مدني من أصل 1.5 مليون شخص، يقطنون في الموصل.
من جهته صرح ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق، أمس السبت، بأن القوات العراقية استكملت السيطرة على ثلاث مناطق ضمن المحور الشرقي من سيطرة «داعش» في الموصل، 400 كيلومتر شمال بغداد.
وقال العقيد دريد سعيد لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ»، إن قوات الجيش العراقي المتمثلة بجهاز مكافحة الإرهاب، تمكنت من تحرير مناطق القادسية الأولى والمشراق والمرور، ضمن المحور الشرقي في الساحل الأيسر بالموصل، وقتل وقنص 26 من عناصر التنظيم لا تزال جثثهم ملقاة في الشوارع، وتفجير عجلتين مفخختين قبل استهدافهما القطعات العسكرية شرق الموصل.
وأضاف أن القوات العراقية تقوم بتمشيط وتطهير المناطق المحررة وغلق منافذها، خشية تسلل عناصر «داعش» الإرهابي إليها شرق الموصل.
وقال الجيش العراقي، إنه سيطر بالكامل على منطقتين أخريين في شرق الموصل أمس السبت، وأجبر مقاتلي «داعش» على التقهقر في زحف بطيء وصعب بالمدينة التي يواجه سكانها، البالغ عددهم نحو مليون شخص، نقصا متزايدا في الوقود والمياه والغذاء.
وقال بيان عسكري من جهاز مكافحة الإرهاب، إن الجنود سيطروا على حيي المرور والقادسية الأولى ليوسعوا نطاق سيطرتهم في شرق المدينة.
ورغم التقدم المعلن فإن تقدم الجيش في الموصل لا يزال بطيئا بشكل ملحوظ، ويواجه هجمات مضادة وحشية من المتشددين المدربين جيدا والمدججين بالسلاح رغم قلة عددهم.
وفي محاولة لتغيير آليات الحملة التي دخلت أسبوعها السابع شق جنود من فرقة مدرعة طريقهم في عمق المدينة يوم الثلاثاء الماضي في هجوم على مستشفى يعتقد أن التنظيم حوله إلى قاعدة عسكرية.
لكن الجنود اضطروا إلى الانسحاب من المستشفى بعد هجوم مضاد وشرس لمقاتلي التنظيم الذين نشروا ست سيارات ملغومة على الأقل، رغم قول بعض السكان إن الجيش تمكن من السيطرة على بعض المناطق القريبة.
وتسيطر وحدات جهاز مكافحة الإرهاب على نصف الضفة الشرقية من المدينة التي يشقها نهر دجلة من منتصفها. ويقود الجهاز حملة الموصل منذ اجتيازه دفاعات التنظيم في الضواحي الشرقية من المدينة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول).
وعلى الرغم من أن «داعش» أجبر على الانسحاب من تكريت والرمادي والفلوجة فإن أتباع التنظيم ما زالوا يحتفظون بالسيطرة على مساحات كبيرة من مناطق سنية نائية قرب الحدود السورية وعلى منطقة تقع إلى الجنوب الشرقي من الموصل.
لكن التقدم البطيء في الموصل أثار مخاوف بين السكان ومنظمات الإغاثة من احتمال اضطرار المدينة إلى مواجهة ظروف حصار لعدة أشهر، ومع دخول الشتاء ومحاصرة الجيش وحلفائه للمدينة من جميع الجهات تزداد المشكلات الإنسانية.
وتعرضت وكالات الأمم المتحدة التي وزعت مساعدات داخل المناطق التي استعادتها القوات العراقية للمرة الأولى يوم الخميس الماضي لتدافع شديد من قبل السكان الذين حاولوا اجتياح مقر توزيع المساعدات في ظل معاناتهم من نقص حاد في الغذاء والوقود والمياه وبقائهم محاصرين لأيام في بعض الأحيان بسبب القتال، وأطلقت الشرطة العراقية النار في الهواء وهددت باستخدام خراطيم المياه كي تحافظ على النظام.
وقال موظف مساعدات عاد مؤخرا من منطقة في الموصل، في تصريح لـ«رويترز»: «بالتأكيد توجد حاجة كبيرة داخل الموصل للمساعدات الطبية والإنسانية». وتابع: «ما لا نعرفه اليوم هو حالة المؤسسات الطبية في الموصل واحتياجات السكان بالضبط».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».