مشروع قانون الإعلام يثير أزمة جديدة بين البرلمان المصري والأوساط الصحافية

الحكومة أجرت تعديلات عليه دون التشاور مع «الصحافيين».. وخلاف على مواد الحريات

مشروع قانون الإعلام يثير أزمة جديدة بين البرلمان المصري والأوساط الصحافية
TT

مشروع قانون الإعلام يثير أزمة جديدة بين البرلمان المصري والأوساط الصحافية

مشروع قانون الإعلام يثير أزمة جديدة بين البرلمان المصري والأوساط الصحافية

في وقت تنتظر الأوساط الصحافية والإعلامية المصرية فيه صدور قوانين تنظيم الصحافة والإعلام، والتي سوف تحدد آليات العمل خلال الفترة المقبلة، أثار مشروع قانون الإعلام الجديد الذي يناقشه مجلس النواب (البرلمان) بعد إحالته من الحكومة له، أزمة كبيرة، عقب انتقادات طالت بنوده، وأنه ليس له علاقة بمشروع القانون الذي خلصت إليه اللجنة الوطنية للإعلام.
وقال مراقبون إن «التوافق على مشروع قانون الإعلام بين الجماعة الصحافية والحكومة، تحول لانشقاق وخلاف بعد تقديم حكومة شريف إسماعيل مشروعات متفرقة للهيئات الإعلامية وتنظيم العمل الصحافي والإعلامي إلى البرلمان، ما تسبب في اعتراض نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة على القانون الجديد».
إلى ذلك، أكد مجلس نقابة الصحافيين تمسكه بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام كوحدة تشريعية واحدة، حفاظا على كل ما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات، إضافة إلى تفعيل المادة 71 من الدستور المصري، التي تلغي العقوبات السالبة للحرية في الجرائم المتعلقة بالنشر.
ويشار إلى أن قانون الإعلام الجديد ليس أول أزمة بين الدولة ونقابة الصحافيين، وكانت محكمة مصرية قد قضت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بحبس يحيى قلاش نقيب الصحافيين وعضوي المجلس جمال عبد الرحيم، وخالد البلشي، عامين مع الشغل، لإدانتهم في اتهامات بإيواء مطلوبين للعدالة داخل مقر النقابة.
وأحالت الحكومة مشروع قانون الإعلام الموحد لمجلس النواب عبر قانونين متفرقين، يختص أولهما بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام وتشكيل الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، بينما يشمل الآخر مشروع قانون بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام.
وأوضح مجلس نقابة الصحافيين في بيان له أمس، أن «النقابة لا تحكمها إلا المصلحة العامة، ولا يمكن أن ترفض الحوار مع أي مؤسسة أخرى، وخصوصا مجلس النواب المنتخب، وأنها منفتحة دائما على الحوار مع المجلس ولجانه وأعضائه، وترفض محاولات البعض لافتعال أزمة أو الوقيعة بين النقابة ومجلس النواب أو الحكومة».
وقرر المجلس تشكيل لجنة لإعادة تجميع كل الملاحظات حول النسخة الأخيرة من مشروع القانون، وإعادة إرسالها إلى البرلمان والحكومة ونشرها على الرأي العام.
من جهته، قال نقيب الصحافيين يحيى قلاش، إن «المؤسسات الإعلامية والصحافية شكلت بالاتفاق مع إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق، اللجنة الوطنية للإعلام لتكون مهمتها إنجاز مشروع قانون (الإعلام الموحد) وضمت في عضويتها ممثلين للمجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحافيين واتحاد الإذاعة والتلفزيون ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس)، والنقابة العامة للعاملين بالطباعة والصحافة، وممثلين للهيئات والقنوات الإعلامية الخاصة، وأساتذة الإعلام والصحافة في الجامعات المصرية». مضيفا: «استمرت اللجنة في أعمالها نحو عام من سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى أغسطس (آب) من عام 2015. عقدت خلالها اجتماعات ولجان استماع لتعلن عن مشروع قانون الإعلام الموحد، وأرسلت نسخة منه لرئيس الدولة وآخر لرئيس الحكومة». موضحا أن الحكومة وضعت ملاحظات على بعض مواد قانون الإعلام الموحد، وشكلت لجنة من ممثلي اللجنة الوطنية للإعلام وممثلين للحكومة برئاسة أشرف العربي وزير التخطيط للتوافق حول مواد القانون، وهو ما تم بالفعل؛ لكن الحكومة أحالت مشروع القانون إلى مجلس الدولة شاملا تعديلات لم يؤخذ رأي نقابة الصحافيين وممثلي اللجنة الوطنية للإعلام بخصوصها.
وقال جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحافيين، إن «النقابة لم تطلع على نصوص مشروع القانون المرسل للبرلمان بشكل رسمي حتى الآن، وإنه طبقا للمادة 77 من الدستور فإن من حق النقابة المشاركة في وضع مشروعات القوانين المتعلقة بالمهنة، وأخذ رأيها في تلك المشروعات». وشدد صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، على تمسك المجلس الأعلى للصحافة بقانون الإعلام الموحد بالشكل الذي توافقت عليه الجماعة الصحافية مع الحكومة. وسبق أن عقد المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحافيين واللجنة الوطنية للتشريعات الصحافية، اجتماعا قبل أيام، وتم إرسال خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي يتضمن الملاحظات الجوهرية على بعض مواد المشروع الذي أحالته الحكومة إلى البرلمان. في المقابل، قال مصطفى بكري، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالبرلمان، إن الدستور لا يعرف شيئا يسمى قانون الإعلام الموحد؛ لكنه يعرف إنشاء الهيئات الثلاثة المنظمة للصحافة والإعلام، كما أن الحكومة أعلنت استجابتها لما ستتوافق عليه الجماعة الصحافية والإعلامية، مضيفا أن المشروع المقدم من الحكومة يتطابق تماما مع المشروع المقدم من لجنة الخمسين (التي أعدت دستور عام 2014)؛ لكن فقط تم فصله من سياق القانون الأساسي استجابة لتوصية قسم التشريع بمجلس الدولة. مشيرا إلى أن البعض يطالب بعدم الفصل من أجل بقاء حالة الشلل الراهنة، بعد انتهاء صلاحيات المجلس الأعلى للصحافة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
وينص القانون رقم 66 لسنة 2013 على أن يمارس المجلس الأعلى للصحافة صلاحياته لحين انتخاب مجلس النواب وصدور التشريع اللازم للصحافة. في السياق ذاته، قالت هويدا مصطفى، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، إن المشروع المقدم من الحكومة متميز ومحايد، وليس كما يدعي البعض، أنه محاولة لتكميم الحريات حتى فيما يخص مواد الحبس في قضايا النشر، مضيفة أن «القانون الجديد إنصاف لحرية الصحافة.. وما يحدث الآن من جدال تعطيل غير مبرر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.