السيسي يشيد بعدم خروج المصريين للاحتجاج على الإجراءات الاقتصادية «المؤلمة»

قال إن هناك دولاً تصرف أموالاً لتدمير الدولة.. وجدد دعوته لتصويب الخطاب الديني

السيسي خلال مشاركته في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال مشاركته في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يشيد بعدم خروج المصريين للاحتجاج على الإجراءات الاقتصادية «المؤلمة»

السيسي خلال مشاركته في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال مشاركته في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف («الشرق الأوسط»)

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم خروج المصريين في الشوارع للاحتجاج على إجراءات اقتصادية «مؤلمة» اتخذت قبل نحو شهر، وأدت لموجة غلاء كبيرة في أسعار السلع والخدمات. وقال في خطاب بثه التلفزيون المصري أمس: «الدنيا كلها كانت محتارة الشهر الماضي.. ليه الناس متحركتش.. وعندما سئلت عن ذلك، قلت لهم: لأنه شعب عظيم»، واتهم دولاً - لم يسمها - بدفع أموال طائلة من أجل تدمير وهدم مصر.
وكانت دعوات قد وجهت على مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين للاحتجاج على غلاء الأسعار، يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أنها لم تلقَ أي استجابة لدى المواطنين.
وشهد السيسي أمس احتفال مصر بذكرى المولد النبوي الشريف الذي نظمته وزارة الأوقاف بـ«مركز الأزهر الدولي للمؤتمرات»، بحضور كبار رجال الدولة والأزهر والأوقاف. وفي كلمته، قال السيسي: «خلال الشهر الماضي كان هناك رهان على أن هذه الدولة خلاص راحت.. تخيلوا لما الأموال تنفق في هدم البشر وخراب الأمم». وقال الرئيس: «كانوا الشهر الماضي بيقولوا خلاص راحت مصر، وأنا عايز أقول لهم: (إن الله معنا).. ونحن لم نتآمر أبدا على أحد، ولن نتآمر.. ولا قتلنا أحدا، ولا سوف نقتل.. ولم نخن، ولن نخون.. وهنفضل نبني ونعمر ونصلح».
وقرر البنك المركزي في 3 نوفمبر الماضي تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل. وشهدت الأيام الماضية ارتفاعا كبيرا في سعر الدولار بالبنوك التي أصبحت مسؤولة عن تحديد سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه وفقا لآليات العرض والطلب.
وقال الرئيس السيسي: «أرجو إن كلامي يصل إلى كل الناس، فالظروف الآن صعبة والأسعار مرتفعة.. هذا كل جهدنا، لكن ما يجب توضيحه أننا تأخرنا كثيرا في الإصلاح». وأضاف: «الأمانة تقتضي أن أقول لكم: كان الخيار أن نبدأ الآن أو نؤجل الأمر لغيري»، متسائلا عن أنه في حال تأجيله «لغيري، ولا قدر الله راحت، أنا قدام ربنا هابقى مسؤول ولا لأ؟ طب ما أنا كنت عارف إنها لو اتسابت كده هتضيع، بس عشان ميتقالش إنها ضاعت معايا».
وأردف: «أقول لكم باختصار شديد.. لما تترفع المرتبات للقطاع الحكومي من 80 مليار جنيه لـ230 مليار جنيه؛ يعني 150 مليارا زيادة (سنويا).. هل جاءت موارد للدولة تغطي هذا المبلغ؟ بالطبع لأ، وأنتم تعرفون الظروف. الـ150 مليار جنيه تأتي عبر الاقتراض في 6 سنوات تقريبا بإجمالي مبلغ يصل إلى 900 مليار جنيه».
ووجه تحية للشعب المصري، وقال إنه ضرب مثلا رائعا.. «الدنيا كلها كانت محتارة الشهر الماضي.. ليه الناس متحركتش؟ وعندما سئلت عن ذلك، قلت لهم: لأنه شعب عظيم، وأنا لا أجاملكم في ذلك». وأضاف: «انتم ما وقفتوش جنبي أنا.. انتم وقفتم جنب مصر.. وما حافظتوش عليّ انا، انتم حافظتم على مصر».
ومضي يقول: «الكل كان يراهن الشهر الماضي، أنا لا أحب التعبيرات غير المنضبطة التي تقول: (هنقلب البلد دي)، 90 مليون مصري، واللي عمرها 7 آلاف سنة، كان صعب عليّ وأنا أسمع هذا الكلام، والأجهزة تخبرني أن هناك دولا بتصرف ليس لتخفيف معاناة الناس وتقديم المساعدة، وإنما للهدم والتدمير.. ونقول لهم: سيبونا في حالنا بس واحنا إن شاء الله هنبقى كويسين».
وجدد السيسي تأكيده على ضرورة تصويب الخطاب الديني. وقال: «إن أول التحديات التي نعاني منها هي انفصال خطابنا الديني عن جوهر الإسلام، وأجمع علماؤنا على احتياجنا الماس لتحديث الخطاب الديني».
وأضاف السيسي: «إننا مطالبون اليوم بوقفة مع النفس نواجه فيها بجراءة وبشجاعة ما نعلم أنه دخيل على ديننا الحنيف فنصوبه إلى صحيح الإسلام.. وقفة مع النفس نرفض ما يعادي العقل والإنسانية ونقوم بتحديث التفسيرات».
وأشار السيسي في كلمته إلى أنه تحدث مع وزير الأوقاف سابقا بشأن خطبة الجمعة وأهمية مراعاة ما تتناوله، مضيفا: «حالة التشرذم اللي في المجتمع ما ينفعش أترك القضية الخطيرة ديه؛ اللي هي صياغة الفهم الحقيقي للدين، لاجتهاد الخطيب، مع كل التقدير والاحترام لخطيب الجمعة.. ديه أمة بيعاد صياغتها، محمد بيقتل محمد، وعبد الرحمن بيقتل عبد الرحمن.. وبينهم الله أكبر».
وتابع: «أنا فوجئت بعد كده إن وزير الأوقاف كان (متحمس) وأعلن عن خطبة موحدة.. احنا كده بنختزل الموضوع يا جماعة».
وكان وزير الأوقاف قرر في شهر يوليو (تموز) الماضي، توحيد خطبة الجمعة في كل المساجد على مستوى الجمهورية. وتسبب القرار في خلاف بين الوزارة والأزهر، عقب رفض الأزهر وهيئة كبار العلماء القرار، عادّين أنه تجميد للخطاب الديني.
وقال السيسي: «احنا بنتكلم في أمر جلل وعظيم، احنا مش بنتكلم في أمر الدين الإسلامي بس، لكن في فكرة إن الأديان بتنتهك كلها.. اللي بيتم هو التراجع عن فكرة الدين وليس الإسلام فقط. الناس مش بس بتنتقد الخطاب التكفيري بس، ولكن ابتدى الشباب يكفر بفكر الدين».
وشدد السيسي: «إننا، وإذ نؤكد عزمنا خوض هذه المعركة الفكرية الكبرى؛ معركة تصويب الخطاب، سنستكمل بنفس العزم باقي جوانب المعركة، ونؤكد أنه لا مكان للإرهاب وجماعاته وأفكاره وممارساته داخل مصر، ومواجهتنا إياه بالوسائل العسكرية والأمنية ستستمر».
وتابع: «لا يجب أن نقدم الدين بطريقة تفزع الناس وتروعهم ولا يقبلها الله وتجعل الناس يقتل بعضهم بعضا، ويصور البعض ذلك الخراب والدمار في كل مكان على أنه نصر لله، وهو بالتأكيد ليس من عند الله». وأردف: «فيه ناس من 2013، تسعى لهدم الدولة.. وعندها استعداد تضيع الـ90 مليونا من أجل أفكار ليس لها مكان حقيقي، ولديها استعداد لترويع النساء والشيوخ والأطفال».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.