تقارير عن إرسال موسكو قوات شيشانية إلى سوريا بذريعة أمن حميميم

فوضى وغموض في جهود تفادي الكارثة في حلب

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لطائرات روسية تشارك في الغارات الجوية على سوريا منطلقة من حاملة طائرات قبالة الساحل السوري (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لطائرات روسية تشارك في الغارات الجوية على سوريا منطلقة من حاملة طائرات قبالة الساحل السوري (رويترز)
TT

تقارير عن إرسال موسكو قوات شيشانية إلى سوريا بذريعة أمن حميميم

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لطائرات روسية تشارك في الغارات الجوية على سوريا منطلقة من حاملة طائرات قبالة الساحل السوري (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لطائرات روسية تشارك في الغارات الجوية على سوريا منطلقة من حاملة طائرات قبالة الساحل السوري (رويترز)

تحت ذريعة تأمين الحماية للقاعدة الجوية في مطار حميميم، بمحافظة اللاذقية السورية، نشرت صحيفة «الإزفستيا» نقلا عن مصادر من وزارة الدفاع الروسية أن موسكو قررت إرسال قوات من كتيبتي «فوستوك» و«زاباد» أي (شرق) و(غرب) إلى سوريا. غير أن رمضان قاديروف رئيس جمهورية الشيشان (الذاتية الحكم داخل روسيا) نفى خبر الصحيفة في صفحته على «تويتر».
قاديروف كتب مساء أمس في صفحته تغريدة قال فيها «أعلن بكل المسؤولية أنه لا يوجد في الشيشان كتائب اسمها الشرق والغرب، وبحال طلب من القوات التابعة لوزارة الدفاع الموجودة على الأراضي الشيشانية بالذهاب لحماية القاعدة في سوريا فسيكون الحظ قد حالفهم». وللعلم، كانت روسيا قد شرعت بتشكيل الكتيبتين منذ العام 2003. وغالبية عناصرهما من المواطنين الشيشانيين، لذا عرفت تلك القوات باسم «القوات الخاصة الشيشانية». ومنذ تأسيس الكتيبتين المذكورتين كلفتا بكثير من المهام الخطيرة، في مقدمتها التصدي للمجموعات الإرهابية على أراضي الشيشان، كما رافق عناصر منهما فرق نزع الألغام الروسية إلى لبنان عام 2006.
«الإزفستيا» نشرت نقلا عن خبراء عسكريين أن الكتيبتين تتمتعان بخبرة واسعة في العمل بالمناطق الجبلية، ما يجعل عناصرهما أكثر كفاءة من غيرهم لتأمين حماية القواعد الروسية في جبال الساحل السوري، نظرا لتشابه التضاريس. وحسب الصحيفة من المتوقع أن تكتمل عملية نشر الكتيبتين حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وبعدها ستباشران مهامهما في حماية القواعد العسكرية الروسية على الأراضي السورية.
من جهته، قال البرلماني الروسي ليونيد كلاشنيكوف في حديث لوسائل إعلام روسية إن القوات الشيشانية المرسلة «ستلعب دورا في اقتفاء أثر المواطنين الشيشانيين الذين يقاتلون إلى جانب المجموعات الإرهابية في سوريا». ولفت إلى أن «انسجام عناصر الكتيبتين لجهة طبيعة التفكير والتقاليد مع السوريين» كان أحد الأسباب التي دفعت إلى اختيارهم للذهاب إلى سوريا. أما فلاديمير جباروف، نائب رئيس لجنة المجلس الفيدرالي للشؤون الدولية، فقد دعا في وقت سابق إلى تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية المواطنين الروس في سوريا، وذلك إثر القصف الذي أصاب المشفى العسكري الروسي في حلب.
ويرى مراقبون أن مهام القوت التي سترسلها روسيا إلى سوريا قد لا تكون مطابقة لما هو معلن. ويشيرون بهذا الصدد إلى أن موسكو كانت قد أعلنت رسميا أن قوام قواتها في قاعدة حميميم (قرب مدينة جبلة الساحلية) يقارب 4000 جندي، بما في ذلك قوات مشاة مزودة بأحدث الآليات، مهمتها الرئيسية حماية القواعد الروسية في اللاذقية وطرطوس. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الشيشاني قاديروف كان قد عرض على الكرملين أكثر من مرة، منذ بداية التدخل الروسي في سوريا، إرسال قوات مشاة، بصورة خاصة متطوعين من الشيشان والقوات الخاصة الشيشانية للقيام بعمليات مطاردة الإرهابيين في سوريا.
في غضون ذلك تكثفت الجهود السياسية يوم أمس في سياق محاولات مستمرة للتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار في مدينة حلب. وكان ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، قد اعتبر أن «انقطاع المفاوضات السياسية حول سوريا أمر لا يمكن السماح به». وأردف أن «الاتصالات مستمرة على مستوى وزراء الخارجية (الروسي والأميركي) ضمن الرؤية التي عبر عنها رئيسا البلدين أثناء محادثاتهما القصير في البيرو»، كاشفا أن القضايا العالقة في المحادثات الأميركية - الروسية حول سوريا ما زالت كثيرة.
ويبدو أن الأمر يتجاوز مسألة «قضايا كثيرة عالقة»، إذ برزت تناقضات جذرية في تصريحات الوزيرين الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري حول أسس الحل في سوريا. وكان وزير الخارجية الأميركي قد أكد عقب لقائه مساء أول من أمس مع نظيره الروسي في هامبورغ (ألمانيا) أن العمل مستمر مع لافروف، داعيًا إلى التريث بانتظار «رد الفعل الروسي» على الاقتراحات الأميركية. أما لافروف فقد استهل محادثاته مع كيري بالتشديد على أن «موسكو تدعم المبادرة الأميركية التي قدمها كيري يوم الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري»، ويقصد بذلك الاقتراحات حول خروج جميع المسلحين بلا استثناء من شرق حلب، والتي كان من المفترض أن يجتمع خبراء روس وأميركيون في جنيف لبحث آليات تنفيذها، إلا أن واشنطن، حسب قول لافروف قامت بسحب تلك الاقتراحات، وقدمت اقتراحات جديدة سارع وزير الخارجية الروسي إلى وصفها بأنها «ترمي إلى منح متنفس للمجموعات المسلحة كي تعزز قواها».
وفيما يبدو أنها عودة إلى «الحلقة الأولى» والتباين حول الأولويات، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان حول لقاء لافروف - كيري في هامبورغ مساء الأربعاء إن «كيري وافق على ضرورة الإطلاق العاجل للحوار السياسي بين السوريين برعاية الأمم المتحدة». في هذه الأثناء أشار لافروف إلى أن «الشرط الرئيسي للتسوية في سوريا يتجسّد بالحرب بلا هوادة ضد المجموعات الإرهابية». إلا أن هذا الوضع لم يمنع سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، من التأكيد بأن موسكو وواشنطن باتتا قريبتين من التوصل إلى اتفاق حول الوضع في حلب. لكن ريابكوف دعا إلى تفادي «التوقعات المفرطة» بهذا الشأن، موضحا أن الأيام الماضية شهدت تبادلا مكثفا للاقتراحات بين موسكو وواشنطن حول الوضع في حلب.
ولفت إلى تعديلات تطرأ على تلك الاقتراحات نتيجة التطورات الميدانية. ومن جانبه أكد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية، في حديث للصحافيين يوم أمس أن روسيا والولايات المتحدة تبحثان إمكانية إعلان هدنة إنسانية في حلب، وكذلك مسألة التصدي للإرهاب، معربا عن أمله في أن تتوج اللقاءات بين الوزيرين وعلى مستوى الخبراء بالتوصل لاتفاق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».