الغموض يحيط بالضربة الجوية في «القائم» العراقية ورئيس البرلمان يطالب بالتحقيق

التحالف ينفي مسؤوليته وقيادة العمليات المشتركة تصفها بـ«القصة المفبركة»

عراقيون اصطفوا في طوابير خارج مركز توزيع إغاثة تابع للأمم المتحدة في منطقة الزهراء شرق الموصل (رويترز)
عراقيون اصطفوا في طوابير خارج مركز توزيع إغاثة تابع للأمم المتحدة في منطقة الزهراء شرق الموصل (رويترز)
TT

الغموض يحيط بالضربة الجوية في «القائم» العراقية ورئيس البرلمان يطالب بالتحقيق

عراقيون اصطفوا في طوابير خارج مركز توزيع إغاثة تابع للأمم المتحدة في منطقة الزهراء شرق الموصل (رويترز)
عراقيون اصطفوا في طوابير خارج مركز توزيع إغاثة تابع للأمم المتحدة في منطقة الزهراء شرق الموصل (رويترز)

دعا رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، أمس، إلى إجراء تحقيق رسمي في غارات جوية على بلدة القائم الحدودية الغربية، قتل فيها نحو 60 شخصا أغلبهم من المدنيين. وذكرت مصادر في مستشفى وبرلمانيان محليان، أن ثلاث ضربات جوية قتلت عشرات المدنيين منهم 12 امرأة و19 طفلا، في سوق مزدحمة في بلدة القائم التي يسيطر عليها تنظيم داعش، والقريبة من الحدود مع سوريا.
وقال الجبوري إن الغارات الجوية استهدفت مراكز تسوق مدنية، مما تسبب في وفاة العشرات وجرح آخرين، ودعا إلى معاقبة المسؤولين عن ذلك، حسب ما نقلته «رويترز».
وكان النائب العراقي عن محافظة الأنبار، فارس الفارس، قال لوكالة الأنباء الألمانية، إن الغارات الجوية التي استهدفت سوق القائم الكبير (500 كلم غرب بغداد)، تسببت في مقتل 120 مدنيا وإصابة 170 آخرين، مؤكدا أن «ما حصل مجزرة كبرى تتحملها الحكومة المركزية». وأضاف الفارس أن «تحالف القوى العراقية السنية فتح تحقيقا رفيعا لمعرفة هوية الطائرات التي نفذت الغارات الجوية»، لافتا إلى «أن هناك معلومات وصلت لنا، أكدت بأن الطائرات المنفذة هي عراقية».
وكانت مصادر مختلفة أعلنت، عن مقتل 66 مدنيا وإصابة 88 آخرين، إثر قصف نفذته طائرات مجهولة، على السوق الرئيسية وسط قضاء القائم. وقد نفى متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لدعم القوات العراقية في قتالها ضد تنظيم داعش، أن تكون قوات التحالف قد نفذت، أي ضربات جوية حول القائم. بينما حملت وكالة أنباء «أعماق» التابعة للتنظيم المسؤولية للقوات الجوية العراقية. وأظهرت لقطات مصورة نشرتها، حافلات صغيرة بيضاء تحترق، على طريق رئيسي، تصطف على جانبيه المتاجر. وأمكن رؤية جثث تفحم بعضها وأغرقت الدماء بعضها الآخر في الشوارع، بينما ظهرت جثث بعض الأطفال، ودمرت مبان.
من جانبها، نفت قيادة العمليات المشتركة، في بيان أصدرته، ونقلته وكالة الأنباء الألمانية، صحة ما جرى تناقله، مؤكدة أنه «لا يصح اعتماد وسائل إعلام وبعض الساسة، على دعايات عصابات داعش الإرهابية، حيث إن القائم، ما تزال تحت سيطرة داعش، ويتعرض المواطنون هناك لبطش إرهابي فظيع، ولا يصدر أي إعلام أو (يبث) تصوير من هناك، إلا تحت سيطرة الدواعش من أجل الدعاية الرخيصة لتوجهاتهم الإجرامية». وقالت: «من الواضح أن مواقع إلكترونية نشرت خبر القصة» التي اعتبرتها «مفبركة» و«روجت لها مواقع أخرى». وروت قيادة العمليات، في بيانها، ما اعتبرته «حقائق كاملة»، قائلة إنه في الساعة 12:00 أقلعت طائرات القوة الجوية العراقية لتنفيذ ضربة على أحد أوكار الإرهابيين في منطقة الكرابلة، وتفاصيل الهدف، منزل (من) طابقين، يوجد فيه 25 انتحاريا من جنسيات أجنبية، المسؤول عنهم (أبو ميسرة القوقازي). وأوضحت القيادة، أنه «في الساعة 12:55، أقلعت طائرات القوة الجوية العراقية لتنفيذ واجب آخر، بتوجيه ضربة إلى وكر داعشي ومضافة انغماسيين، الهدف منزل من طابقين مطلي باللون الأصفر، يتواجد فيه من 30 إلى 40 إرهابيا من جنسيات أجنبية، وتم تحديد الأهداف بناء على معلومات استخبارية دقيقة، وبدلالة وتأكيد مصادرنا في المنطقة».
وتضم القائم ومحافظة الأنبار الغربية التي تقع فيها، أغلبية سنية. وتقع البلدة على نهر الفرات شمال غربي بغداد، وهي جزء من منطقة نائية قرب الحدود مع سوريا، ما تزال تحت سيطرة مقاتلي «داعش».
ووقع الهجوم الجوي، فيما تشن القوات العراقية حملة عسكرية للأسبوع الثاني على التوالي لتحرير مدينة الموصل، على بعد نحو 280 كيلومترا شمال شرقي القائم. وقد حققت وحدات مكافحة الإرهاب تقدما في شرق الموصل، لكنها واجهت مقاومة شرسة من مقاتلي «داعش» المرابطين في جميع أنحاء المدينة.
وذكرت «رويترز»، أن مدفعية اللواء التاسع المدرع «حي القدس»، التابعة للجيش العراقي، قصفت من مواقعها في منطقة كوكجلي القريبة، مواقع لتنظيم داعش. بهدف «تخفيف الضغط على قوات مكافحة الإرهاب العراقية التي تقود القتال في شرق الموصل، على مدى الشهر الأخير، وتواجه الأسلحة الفتاكة للمتشددين».
ويقول ضباط عراقيون إنهم يخوضون حرب شوارع شرسة، ويواجهون المئات من الانتحاريين الذين يقودون سيارات ملغومة، وقناصة، ومتشددين يستخدمون شبكة من الأنفاق تحت المناطق السكنية، لشن هجمات مضادة.
ويقول سكان في المنطقة إن القوات العراقية المدعومة من الغرب، بدأت في قصف مناطق غرب الموصل، تمهيدا لفتح جبهة جديدة مع تنظيم داعش بعد سبعة أسابيع من انطلاق الحملة الصعبة لطردهم من المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».