إسرائيل تقصف مطار المزة للمرة الثانية خلال أسبوع

ليبرمان : نحاول منع تهريب أسلحة دمار شامل من سوريا إلى حزب الله

إسرائيل تقصف مطار المزة للمرة الثانية خلال أسبوع
TT

إسرائيل تقصف مطار المزة للمرة الثانية خلال أسبوع

إسرائيل تقصف مطار المزة للمرة الثانية خلال أسبوع

في تصريح غير مألوف، لمح وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس الأربعاء، إلى أن إسرائيل هي التي شنت الغارات، فجر اليوم ذاته، على مطار المزة العسكري قرب العاصمة السورية دمشق. وتابع أن «إسرائيل تحاول منع تهريب أسلحة دمار شامل من سوريا إلى (حزب الله)».
أما في دمشق فقد غابت عن البيانات العسكرية السورية عبارة «الاحتفاظ بحق الرد في الوقت والمكان المناسبين» ليستعاض عنها بتعابير دعائية تبرّر عجز النظام عن الردّ على إسرائيل مقابل استشراسه في الهجوم على معارضيه عبر وصف الهجمات الإسرائيلية بـ«المحاولات اليائسة لدعم المجموعات الإرهابية ورفع معنوياتها المنهارة». وكان سكان الأحياء الغربية في العاصمة دمشق قد استفاقوا عند الساعة الرابعة فجرا على دوي انفجارات قوية داخل مطار المزة واندلاع حريق فيه. وذكرت مصادر إعلامية أن قصفًا استهدف مدرج مطار المزة العسكري، بالإضافة إلى مقر قيادة عمليات الفرقة الرابعة داخل المطار، ما أدى إلى اشتعال النيران.
ليبرمان، الذي كان يتحدث خلال لقائه مع سفراء الاتحاد الأوروبي في تل أبيب، قال إن «إسرائيل لا تتدخل في شؤون سوريا، إلا أنها ترى أن أي تسوية في سوريا يجب أن تبقي إيران وبشار الأسد خارج الحكم. ولكن، في ظل أي تسوية وقبل وبعد أي تسوية، فإن إسرائيل تعمل أولاً من أجل الحفاظ على أمن مواطنيها، وحماية سيادتها، ونحاول منع تهريب أسلحة متطورة وعتاد عسكري وأسلحة دمار شامل من سوريا إلى (حزب الله)». ولقد بدا لافتًا أن الوزير الإسرائيلي كسر القاعدة الرسمية التقليدية، التي التزمت معه إسرائيل بالصمت إزاء الغارات التي تشنها على سوريا. ويذكر أنها قبل بضعة أيام فقط قد رفضت التعليق على التقارير التي ذكرت أنها قصفت في دمشق. وفي جانب متصل، أعلنت السلطات الإسرائيلية حالة تأهب على الحدود تحسبًا لأي رد، بيد أنها رفضت التعقيب على تساؤلات الإعلام إن كانت هي التي قصفت. ثم جاء ليبرمان في هذا التصريح ليعترف ضمنيًا بمسؤولية إسرائيل. وفي أعقاب هذا التصريح لوحظت حركة طيران نشطة لسلاح الجو الإسرائيلي عند الحدود الشمالية.
في هذه الأثناء، في العاصمة السورية، جاء في بيان صدر أمس عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة التابعة للنظام أن مطار المزة العسكري في دمشق تعرض لقصف بصواريخ «أرض - أرض» فجر الأربعاء 7 ديسمبر (كانون الأول) متهما الجيش الإسرائيلي بتنفيذ الهجوم انطلاقًا من الجولان المحتل. ومعلوم، أن هذه الضربة هي الثانية لإسرائيل على غرب دمشق خلال أسبوع، وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» قد بثت الأسبوع الماضي بيانًا صادرًا عن مصدر عسكري، بأن الطائرات الإسرائيلية عمدت إلى «إطلاق صاروخين من المجال الجوي اللبناني سقطا في منطقة الصبورة بريف دمشق الغربي دون وقوع إصابات»، واضعا العملية ضمن «محاولة صرف الأنظار عن نجاحات الجيش العربي السوري ورفع معنويات العصابات الإرهابية المنهارة»!! دون ذكر أو إشارة إلى هدف الضربة الإسرائيلية.
في حين قالت مصادر إعلامية إن الطائرات الإسرائيلية أغارت على مواقع للفرقة الرابعة بالقرب من مطار المزة العسكري، واستهدفت مستودعات لمخازن أسلحة، ورتلاً لسيارات تابعة لما يسمى «حزب الله» اللبناني على طريق الصبورة - بيروت وخلّفت دمارًا بالمنطقة وتسببت بمقتل عدد من عناصر الحزب بينهم قائد عسكري بارز.
وجاء في البيان الصادر عن القوات المسلحة التابعة للنظام أن «العدو الإسرائيلي أقدم عند الساعة الثالثة فجر الأربعاء على إطلاق عدة صواريخ أرض أرض من داخل الأراضي المحتلة، غرب تل أبو الندى، سقطت في محيط مطار المزة غرب دمشق، ما أدى إلى نشوب حريق في المكان دون وقوع إصابات». وأضاف البيان موضحا موقف النظام من تلك الضربات عبر وصفها بأنها «محاولات يائسة». وتقوم إسرائيل بدعم «المجموعات الإرهابية ورفع معنوياتها المنهارة» وتلك المحاولات «لن تزيدنا إلا إصرارا على بتر الأذرع الإرهابية المرتبطة بالكيان الصهيوني الذي يتحمل كامل المسؤولية عن تبعات ونتائج هذه الاعتداءات الإجرامية».
ويشار إلى أنه منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام الأسد في سوريا، نفذت إسرائيل عددًا من الغارات. وفي أبريل (نيسان) الماضي أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل شنت عشرات الهجمات الجوية، مستهدفة منع ما يسمى «حزب الله» من امتلاك أسلحة متطورة. ومن جانبه اكتفى النظام السوري باتهام إسرائيل بتنفيذ ضربات جوية على يحتوي المطار على أحدث الآليات وأجهزة المراقبة، ولقد صمم بشكل خاص للطيران المروحي (الهليكوبترات) أراضيها، وربط تلك الضربات بدعم المجموعات المناهضة لحكمه.
من ناحية ثانية يرى المراقبون أن الأمر اللافت للنظر توجيه ضربتين إسرائيليتين إلى منطقة مطار المزة خلال أقل من أسبوع. وكما هو معروف على نطاق واسع، فإن مطار المزة العسكري يعتبر أكبر وأهم موقع عسكري للنظام. ويعد الدرع الرئيسية لحماية وجود النظام في العاصمة التي يبعد عنها أقل من خمسة كيلومترات. وتتمركز داخل مجمع المطار فرق عسكرية وأمنية ومخابراتية متعددة منها المخابرات الجوية والدفاع الجوي وسرية المهام الخاصة التابعة للمخابرات الجوية.
كذلك يحتوي المطار على أحدث الآليات وأجهزة المراقبة، ولقد صمم بشكل خاص للطيران المروحي (الهليكوبترات) مع وجود حظائر تربض فيها الطائرات المقاتلة القاذفة من نوعي «الميغ» و«السوخوي» لكن بوصفها مستودعا، وجميع أبنيته الداخلية عبارة عن مخابئ للسلاح ومعدات الطائرات والمروحيات الحربية. ومع بدء الثورة ضد النظام جرى تحصين المطار بخندق يعزله عن محيط الثائر، لا سيما مدينة داريا. كما سبق أن منع الرئيس السابق الراحل حافظ الأسد منذ تأسيس المطار أن تجاوره أبنية عالية، فأقرب مبنى مرتفع يبعد عن المطار أكثر من كيلومترين. وراهنًا يوجد في المطار واحدٌ من أكبر وأخطر المعتقلات التابعة للمخابرات الجوية، وفيه يوضع المعارضون المصنفون خطيرين، حيث يتلقون هناك أشد أنواع التعذيب، وقلما نجا معتقل من الموت تعذيبا في هذا المعتقل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.