موسكو تجدد تركيزها على استهداف «إرهابيي» حلب

متجاهلة قصف إسرائيل حليفها السوري

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهنئ مجموعة من الضباط الروس الكبار بمناسبة توليهم مناصبهم الجديدة في الكرملين  في نفس يوم إعلان موسكو عن مقتل ضابط برتبة عقيد خلال معارك في سوريا (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهنئ مجموعة من الضباط الروس الكبار بمناسبة توليهم مناصبهم الجديدة في الكرملين في نفس يوم إعلان موسكو عن مقتل ضابط برتبة عقيد خلال معارك في سوريا (أ.ب)
TT

موسكو تجدد تركيزها على استهداف «إرهابيي» حلب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهنئ مجموعة من الضباط الروس الكبار بمناسبة توليهم مناصبهم الجديدة في الكرملين  في نفس يوم إعلان موسكو عن مقتل ضابط برتبة عقيد خلال معارك في سوريا (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهنئ مجموعة من الضباط الروس الكبار بمناسبة توليهم مناصبهم الجديدة في الكرملين في نفس يوم إعلان موسكو عن مقتل ضابط برتبة عقيد خلال معارك في سوريا (أ.ب)

في مشهد يكشف طبيعة التعقيدات المقبلة التي ستواجهها السياسة الروسية ضمن تركيبة القوى الحالية في سوريا، وتعقيدات أخرى ستواجهها على ما يبدو خلال ما تقول إنها مساع تقوم بها لحل الأزمة السورية، لزمت روسيا يوم أمس الصمت حيال الانتهاك السافر من جانب حليفتها إسرائيل لـ«أجواء وأراضي وسيادة» حليفها النظام السوري، الذي استهدفت تل أبيب على أراضيه مستودعات ذخيرة تعود لحليف آخر لروسيا هو إيران.
لقد كان لافتا يوم أمس أن موسكو لم تعلق على القصف الإسرائيلي لمطار المزة العسكري الذي عمل فيه آلاف الخبراء السوفيات خلال الثمانينات من القرن الماضي. أما منظومات الدفاع الجوي الخطيرة القادرة على التصدي للصواريخ والطائرات فقد أصيبت بـ«الشلل» أثناء القصف الإسرائيلي لتلك المنطقة الحساسة من دمشق. وفي المقابل استمر التركيز في موسكو على الوضع في شرق حلب، التي أشار ديميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، إلى «معلومات حول سيطرة النظام يوما بعد يوم على مناطق جديدة فيها»، مؤكدًا أن «موضوع خروج المسلحين من هناك ما زال مطروحا على جدول الأعمال»، وذلك في إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت هناك محادثات تجري بهذا الخصوص أم لا.
وفي تناغم مع موقف النظام السوري، وصف بيسكوف فصائل المعارضة المسلحة في شرق حلب بأنها «مجموعات إرهابية»، لأنها تحالفت عمليا مع «جبهة النصرة» الإرهابية، حسب قوله.
في هذه الأثناء تواصل روسيا الحديث عن «موعد متوقع قريبًا» لتوقيع اتفاقية حول استخدام الأسطول الروسي قاعدة طرطوس. وفيما يبدو أنها إشارات تذكيرية لدمشق، التي لم يصدر عنها بعد أي إعلان صريح بخصوص تلك الاتفاقية، أكد فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الشؤون الدفاعية في المجلس الاتحادي، أن التحضيرات لتوقيع الاتفاقية بخصوص طرطوس دخلت مراحلها النهائية، إلا أنه لم يتمكن من تحديد الموعد المتوقع لطرح تلك الاتفاقية على البرلمان الروسي بغية المصادقة عليها، واكتفى بـ«التخمين» بأن يحيل الرئيس بوتين الاتفاقية إلى البرلمان إذا كانت شبيهة باتفاقية القاعدة الجوية الروسية في سوريا، التي خولت روسيا باستخدام مطار حميميم إلى أجل غير مسمى، ومنحت كل العاملين فيه من عسكريين ومدنيين روس حصانة مثل التي تمنح للدبلوماسيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.