أكد وزير الإعلام البحريني ورئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية علي بن محمد الرميحي، أن قمة المنامة الخليجية تمثل لبنة إضافية في صرح المنظومة الخليجية القوية والمتماسكة على طريق الانتقال نحو الاتحاد الخليجي كضرورة تؤكدها روابط الأخوة الخليجية ووحدة الدم والدين والتاريخ والهدف والمصير المشترك، وتفرضها التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة وحتمية التضامن الجماعي في تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي والاجتماعي وردع التدخلات الخارجية.
وأشاد الرميحي في حوار مع «الشرق الأوسط» بالتوافق الخليجي بشأن تطبيق رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، والتنسيق المشترك في محاربة التطرف والإرهاب، والتعاطي مع الملفات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتعزيز أمن واستقرار البلدان العربية والتصدي للتدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، وفيما يلي نص الحوار.
* ما أبرز الملفات والقضايا التي ستناقشها القمة الخليجية السابعة والثلاثون؟
- تستضيف مملكة البحرين الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وللمرة السابعة في تاريخها منذ تأسيس المجلس عام 1981، وسط تحديات داخلية، ويركز جدول أعمال القمة الخليجية على محورين أساسيين.
* ما هذان المحوران؟
- المحور الأول تعزيز العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتعميق المواطنة الخليجية، وتفعيل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في هذا الخصوص، بعد إقرارها من قادة دول المجلس، وتشكيل هيئة مشتركة لتفعيل التعاون في الملفات الاقتصادية والتنموية نحو مزيد من الإنجازات التكاملية والوحدوية.
والمحور الثاني يتعلق بإبراز المواقف الخليجية الموحدة إزاء القضايا الإقليمية والدولية، في سياق حرص دول المجلس على أمن واستقرار الدول العربية ووحدة وسلامة أراضيها، وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وتضافر الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، بجميع صوره وأشكاله، وتجفيف منابعه المالية والفكرية، باعتباره ظاهرة دولية خطيرة عابرة للحدود الوطنية، ولا دين لها.
* بماذا تختلف هذه القمة عن القمم السابقة؟
- على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي، وبدعوة رسمية من الملك حمد بن عيسى، تعقد القمة الخليجية البريطانية الأولى بين قادة دول المجلس ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، وتأكيدًا على أن أمن ورخاء دول الخليج العربية أولوية بارزة للحكومة البريطانية، وذلك في أول زيارة لها إلى منطقة الشرق الأوسط منذ توليها منصبها في يوليو (تموز) الماضي، وباعتبارها ثاني زعيم أوروبي يشارك في القمة الخليجية كضيف شرف، بعد مشاركة الرئيس الفرنسي في القمة التشاورية بالرياض خلال العام الماضي، بما يعكس حرص دول المجلس على تعزيز الشراكة الخليجية الأوروبية في دعم جهود التنمية وترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
* هل سيكون الملفان الإيراني واليمني حاضرين على جدول أعمال القمة؟
- الأوضاع في اليمن والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية من البنود المحورية على أجندة القمة الخليجية، لارتباطها بالأمن القومي الخليجي، وبحرص دول المجلس على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، والحفاظ على سلامتها الإقليمية، وتجنيبها ويلات الحروب والنزاعات الطائفية البغيضة، والتزامًا بالرسالة الخليجية الداعية إلى الحوار والتفاهم والتعايش السلمي بين جميع الدول والشعوب والحضارات على أساس الاحترام المتبادل، والشرعية الدولية.
ومن هنا، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تطالب إيران بالالتزام بمبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، والتوقف عن إثارة الفرقة والفتن الطائفية، كونها تدخلات خطيرة تتنافى مع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، وقيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
كما تؤكد دول المجلس موقفها الثابت والداعم لحقوق دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في السيادة على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التي تحتلها إيران، وتدعوها إلى حل هذه القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو التحكيم الدولي، واستنكار تدخلاتها في شؤون البحرين وسوريا واليمن ولبنان والعراق وغيرها من دول المنطقة، وإدانة تسييسها لفريضة الحج، وإلزامها بالمعايير الدولية في برنامجها النووي، مع ضرورة إخلاء الخليج العربي والشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل، مع تأكيد حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتوقيع إيران على مواثيق السلامة النووية.
* هل توقفت كل المحاولات الإيرانية في محاولات الإخلال بالأمن الخليجي عبر البحرين، لا سيما بعد تمكن الأجهزة الأمنية البحرينية من ضبط كمية كبيرة من الأسلحة التي كانت تستهدف الخليج؟
- التدخلات الإيرانية العدوانية في شؤون البحرين ودول المنطقة العربية تأخذ أشكالاً كثيرة، سياسية وأمنية واستخباراتية وإعلامية، وهدفها زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الطائفية والكراهية داخل المجتمعات الخليجية الآمنة، وبفضل من الله ويقظة الأجهزة الأمنية البحرينية، وبالتعاون مع أشقائها في دول المجلس، تم تفكيك الكثير من خلايا التجسس والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والقوى التابعة لها مثل «حزب الله» الإرهابي وتنظيمات أخرى متطرفة، وإحباط مخططاتها الإرهابية وعملياتها لتهريب أسلحة ومتفجرات، وهو ما كشفته التحقيقات الأمنية والأدلة، وأثبتته الأجهزة القضائية.
* وهل هناك استراتيجية خليجية لمواجهة التهديدات الأمنية أو الأخطار الخارجية؟
- لقد قطعت دول مجلس التعاون الخليجي أشواطًا متقدمة في مجال التعاون والتنسيق الأمني، انطلاقًا من مبدأ الأمن الجماعي، وأن أمن دول المجلس هو كل لا يتجزأ، والتعاون في ردع أي تهديدات إرهابية أو تدخلات خارجية تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في أي من الدول الأعضاء، وجار في هذا الصدد تنفيذ الاستراتيجية الأمنية الشاملة لعام 1987، والمحدثة لعام 2008، والاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب لعام 2002، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب لعام 2004، والاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة لعام 2012.
وأود في هذا الصدد الإشادة بإجراء التمرين التعبوي المشترك «أمن الخليج العربي 1»، بمملكة البحرين خلال الفترة من 25 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، تحت شعار: «أمن واحد.. مصير واحد»، ونجاحه في تأكيد الكفاءة والجاهزية الأمنية لقطاعات وزارات الداخلية بدول مجلس التعاون، ودعم إمكاناتها في محاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والخبرات الفنية والتقنية، وتطوير أدائها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
* في ضوء ما حققته دول مجلس التعاون من إنجازات تنموية وخطوات تكاملية.. هل هناك مؤشرات على تدعيم الانتقال نحو إعلان الاتحاد الخليجي؟
- تمثل قمة المنامة الخليجية لبنة إضافية في صرح المنظومة الخليجية القوية والمتماسكة على طريق الانتقال نحو الاتحاد الخليجي كضرورة تؤكدها روابط الأخوة الخليجية ووحدة الدم والدين والتاريخ والهدف والمصير المشترك، وتفرضها التحديات الأمنية والاقتصادية وحتمية التضامن الجماعي في تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي والاجتماعي وردع التدخلات الخارجية.
وأعتقد أن الاتحاد الخليجي بات مسألة وقتية في ظل توافر جميع مقومات الوحدة، من روابط تاريخية ودينية ولغوية ومصيرية ومصالح أخوية مشتركة، والحرص على تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، والبناء على ما تحقق من إنجازات تكاملية منذ إقامة منطقة التجارة الحرة عام 1983 وإعلان الاتحاد الخليجي عام 2003 والسوق الخليجية المشتركة عام 2008، تفعيلاً للمادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، وتحقيق المساواة في التعامل بين مواطني دول المجلس في مجالات: التنقل والإقامة، والعمل ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، والتنقل بالبطاقة الذكية لجميع المواطنين بلا قيود، وارتفاع حجم التجارة البينية الخليجية من 6 مليارات دولار في عام 2003 إلى أكثر من 140 مليار دولار حاليًا، وأنجزت دول المجلس الكثير من المشروعات الاقتصادية، منها: دخول اتفاقية الاتحاد النقدي حيز النفاذ في فبراير (شباط) 2010، وتنفيذ مشروعات الربط البري والكهربائي ومتابعة مشروع السكك الحديدية، والعمل على إنجازه بنهاية عام 2023، إلى جانب الالتزام الجماعي بالاتفاقيات والاستراتيجيات الأمنية والدفاعية الموحدة من خلال تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك لعام 2000، وتطوير قوات درع الجزيرة المشتركة، وإنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وقوة الواجب البحري الموحدة، فضلاً عن التنسيق بين المجالس التشريعية الخليجية.
واستطاعت دول مجلس التعاون الخليجي، خلال ما يقرب من أربعة عقود، وبفضل حكمة قياداتها وتلاحم شعوبها أن تحافظ على أمنها واستقرارها، وتضمن الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لجميع أبنائها في خليج العزة والكرامة وسط موجة من الاضطرابات التي تشهدها دول المنطقة، وبرز مجلس التعاون كمنظومة إقليمية ناجحة وفاعلة على المستوى الدولي، وما يشكله من قوة اقتصادية نفطية هي الأكبر في العالم باحتياطي نفطي يتجاوز 33 في المائة من الاحتياطي العالمي، وناتج محلي إجمالي يتجاوز 1.63 تريليون دولار في المركز الثاني عشر عالميًا، وتجارة خارجية هائلة 1.4 تريليون دولار في المركز الخامس عالميًا، وبأكبر فائض تجاري عالمي قيمته 468 مليار دولار في عام 2013، وارتفاع المستوى المعيشي للمواطنين بمتوسط دخل للفرد قدره 33.5 ألف دولار، بما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط نصيب الفرد العالمي.
ونحن على ثقة في أن رؤية خادم الحرمين الشريفين، بدعم من إخوانه قادة دول المجلس، وبمتابعة من هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية عالية المستوى، ستقود أولويات التحرك الجماعي على صعيد تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، تحقيقًا لآمال وتطلعات القيادات والشعوب الخليجية، وتنفيذًا للمادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون لعام 1981، بما يجسد روح الأخوة ووحدة الهدف والإيمان بالمصير المشترك، والإدراك لحتمية الاتحاد الخليجي كمصدر قوة لجميع الأعضاء.
* ذكرتم قبل أيام أن نحو 80 في المائة من القنوات المتهمة بالابتعاد عن الهوية الخليجية مملوكة لخليجيين.. فهل هناك توجه لصياغة ميثاق إعلامي خليجي؟
- هناك 1294 قناة عربية بحسب تقرير اتحاد إذاعات الدول العربية، 87 في المائة منها خاصة، وأغلبها مملوك للقطاع الخاص الخليجي، ورغم تزايد أعدادها، فإنها لا تزال قاصرة عن مواجهة التحديات الراهنة، بالنظر إلى أن 1 في المائة منها فقط قنوات وثائقية يفترض أنها تعكس الهوية الثقافية والحضارية والتاريخية العربية، في مقابل 40 في المائة منها قنوات ترفيهية وربحية وتسويقية، و7 في المائة قنوات دينية، منها قنوات تنشر التطرف الديني أو المذهبي.
وأؤكد أننا بحاجة أكثر إلى تعزيز الحس القومي والالتزام المهني والأخلاقي لدى وسائل الإعلام الخليجية والعربية، خاصة أن جميع التشريعات تنص على حماية الهوية الخليجية والعربية، وهناك ميثاق للشرف الإعلامي العربي اعتمده وزراء الإعلام العرب في عام 2007 وتم تحديثه في عام 2013، ويفرض على وسائل الإعلام الالتزام بتعميق روح التسامح والتآخي ونبذ كل دعاوى التمييز والتعصب، وحماية الهوية العربية وإبراز الصورة الصحيحة للأمة وحضارتها.
وعلى المستوى الخليجي تم إقرار الاستراتيجية الثقافية الخليجية لعام 2008، واعتماد استراتيجية العمل الإعلامي الخليجي المشترك في عام 2010، وتضع في مقدمة أولوياتها بناء إعلام محترف يخدم مصالح دول المجلس وشعوبها على قيم من الحرية والمهنية والشفافية والجودة والالتزام والموضوعية والتعاون، والتمسك بالقيم والثقافة العربية والإسلامية، وترسيخ الهوية الخليجية والعربية الإسلامية لدول المجلس، وتدعو إلى تطوير السياسات والتشريعات، وتحديث القواعد المنظمة لمنح التراخيص لإنشاء القنوات الفضائية بما يتماشى مع مرجعيات المجتمعات الخليجية والعربية، ومراجعة مواثيق الشرف الإعلامية بما يواكب المستجدات.
* ذكرتم أن هناك 40 قناة طائفية تستهدف الهوية الخليجية وزعزعة أمن واستقرار المجتمعات الخليجية وتماسكها، ما الخطوات التي ترونها مناسبة لمواجهتها؟
- مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام الخليجية بمختلف أنواعها مطالبة بتحمل مسؤولياتها الوطنية والقومية في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لدول مجلس التعاون وشعوبها، وحماية الأمن القومي العربي، ونشر قيم التسامح والوسطية والتصدي للدعوات التحريضية على الفتنة الطائفية والكراهية والعنف والإرهاب، والالتزام بتعميق المواطنة الخليجية عبر تنمية روح الانتماء والولاء للوطن، والاعتـزاز بالمنظومة الخليجية وهويتها الجامعة، ورفض التدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية، والتصدي لأي محاولات مشبوهة لتقسيم المجتمعات على أساس ديني أو طائفي أو عرقي، أو ربطها بجهات أجنبية، وترسيخ الاعتزاز بالهوية الوطنية الخليجية والانتماء إلى الأمة وقيمها وتاريخها وحضارتها، وقيمها الدينية والأخلاقية في البرامج الإعلامية والمواد الإعلانية.
وقدمنا اقتراحًا وافق عليه مجلس وزراء الإعلام العرب في مايو (أيار) 2016، بشأن وضع آلية لوقف بث القنوات الفضائية المسيئة أو المحرضة على الكراهية والإرهاب، وإلغاء عضوية القنوات المخالفة في اتحاد إذاعات الدول العربية، واتخاذ الإجراءات القانونية لدى المنظمات الدولية بخصوص القنوات المثيرة للفتنة والمعادية للدول العربية، استنادًا إلى ميثاق الشرف الإعلامي العربي، والمواثيق الدولية، داعين في الوقت ذاته إلى تفعيل الاستراتيجية الإعلامية لمكافحة الإرهاب، وتطوير وتحديث ضوابط العمل الإعلامي الخارجي لدول مجلس التعاون.
وزير الإعلام البحريني: اليمن والتدخلات الإيرانية أبرز محاور القمة الخليجية
الرميحي قال لـ«الشرق الأوسط» إن القمة تأتي تأكيدًا على توثيق الأمن القومي
وزير الإعلام البحريني: اليمن والتدخلات الإيرانية أبرز محاور القمة الخليجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة