«الصمامات الثنائية العضوية الباعثة للضوء».. تقنية عروض المستقبل

تمتاز بخفة وزنها وقدراتها العالية على عرض الألوان والتباين بمائتي ضعف وتستخدم في شتى القطاعات

خفة وزن التقنية سمحت بتعليق أكبر شاشة في العالم في مطار إنتشون الكوري
خفة وزن التقنية سمحت بتعليق أكبر شاشة في العالم في مطار إنتشون الكوري
TT

«الصمامات الثنائية العضوية الباعثة للضوء».. تقنية عروض المستقبل

خفة وزن التقنية سمحت بتعليق أكبر شاشة في العالم في مطار إنتشون الكوري
خفة وزن التقنية سمحت بتعليق أكبر شاشة في العالم في مطار إنتشون الكوري

برزت في الآونة الأخيرة تقنية «الصمامات الثنائية العضوية الباعثة للضوء»Organic Light - Emitting Diode OLED الخاصة بشاشات العرض، والتي انتشرت في الهواتف الجوالة والتلفزيونات المتقدمة بسبب دقتها العالية جدا وألوانها المبهرة ومعدلات التباين غير المسبوقة التي تقدمها وخصوصا فيما يتعلق بشدة سواد الألوان مقارنة بالألوان الأخرى من حوله. وامتدت هذه التقنية لتشمل مجالات أخرى غير الترفيه المنزلي، مثل قطاعات المطارات والفنادق والأغذية وتجارة التجزئة، وغيرها.
وتحدثت «الشرق الأوسط» حصريا مع عدي الطائي، المدير الإقليمي لمبيعات الشركات في «حلول إل جي للشركات»، للحصول على مزيد من المعلومات حول هذه التقنية واستخداماتها الواسعة، ونذكر ملخص الحوار.
* قدرات جوهرية متقدمة
تتيح تقنية OLED التحكم بمكونات الصورة على مستوى البيكسل الواحد، فتسمح بإضاءته أو خفض شدة الإضاءة مع تغيّر الصورة، مما ينهي الحاجة إلى وجود إضاءة خلفية للشاشة ويسمح بعرض لون أسود مثالي ومعدلات تباين لوني غير محدودة. وتولد هذه التقنية درجات من ظلال اللون الأسود كان يستحيل عرضها على الشاشات قبل أعوام قليلة، وتكمن فائدة ذلك في تعزيز تباين الألوان في الصور التي تولدها، الأمر الذي يمنحها حيوية فائقة أثناء المشاهدة، وهي تقدم أفضل جودة للصورة على الشاشات مقارنة بالتقنيات الأخرى المتوفرة اليوم.
وتعتبر شاشات OLED فئة جديدة تماما من تقنيات العرض الرقمية، حيث تمتاز بقدرتها على عرض صورة مذهلة بتدرجات مثالية للون الأسود، مع ألوان مبهرة يمكن مشاهدتها حتى من زوايا مشاهدة واسعة، على خلاف الشاشات التي تعتمد على تقنية «إل إي دي» LED أو «إل سي دي» LCD وبإمكان تقنية OLED الإعتام التام لكل بيكسل من بين 8 ملايين بيكسل تظهر على الشاشة، الأمر الذي ينجم عنه لون أسود أكثر عمقا بما يقارب مائتي ضعف مقارنة بشاشات LCD، بالإضافة إلى أنها تستطيع عرض نسبة تباين لانهائية لم تكن ممكنة في السابق، وبالتالي تحويل مساحة الشاشة إلى بقعة جذابة حيوية للمشاهدين.
* مقارنة تقنيات العرض
ولدى مقارنة تقنية OLED مع التقنيات الأخرى، نجد أنه وعلى خلاف شاشات LCD التي تؤدي فيها الإضاءة الخلفية التقليدية إلى ظهور بقع محلية كاملة من الشاشة بألوان باهتة، فإنه يمكن التحكم بكل بيكسل في شاشات OLED وتغيير حالته بصورة مستقلة بين التشغيل وعدمه، مما يجعلها تظهر ألوانا غنية تنبض بالحياة، وتقدم تفاصيل غنية بتدرجات ظلال اللون الأسود، حتى عندما تتقاطع مع أجسام صغيرة لامعة مباشرة في مساحات داكنة مظلمة، مثلما يحدث في عروض الفضاء والفلك التي تلمع فيها النجوم الصغيرة ضمن فراغ أسود هائل.
وتصل تقنية LED ذات المصابيح الصغيرة جدا إلى مستويات إضاءة ساطعة جدا مما يؤدي إلى تسربات لونية مختلفة من زوايا الشاشة، الأمر الذي ينجم عنه صور غير متوازنة نسبيا. وتجدر الإشارة إلى أنه لتقنيتي LED وLCD حدود قصوى من حيث القدرة على الوصول إلى مجال ديناميكي عال High Dynamic Range HDR للصورة المعروضة وكثافة العرض بتقنية 4K وإمكانية تصميمها في هياكل منخفضة السمك أو منحنية أو مرنة. ولكن يمكن الحصول في تقنية OLED على استجابة أسرع لتغيرات الصورة، وصور خالية من تسرب الضوء وألوان دقيقة ومتسقة وصورة عالية الجودة من أي زاوية مشاهدة. وتتمتع شاشات OLED بقدرتها على تفعيل ميزة المجال الديناميكي العالي المزدوج، وبهذا فهي تتوافق مع نوعي المجال الديناميكي العالي «دولبي فيجين» Dolby Vision و«إتش دي آر 10» HDR 10. وتوفر خيارات متنوعة غير مسبوقة بدعمها الدقة الفائقة 4K.
وأضاف الطائي بأنه وخلافا لشاشات العرض التقليدية، تقدم «إل جي» مجموعة متكاملة من التقنيات المتقدمة تجعلها الشاشات الأكثر اعتمادية في السوق، حيث تستخدم تقنية «آي بي إس» IPS التي يمكنها التضافر مع قدرات الدقة الفائقة Ultra HD UHD وعرض الصور بدقة عالية وتفاصيل حادة ووضوح فائق بزاوية عرض متسعة تبلغ 178 درجة.
* شاشات للطيران والتعليم
وتوفر تقنية OLED فوائد كبيرة لكثير من القطاعات، مثل الطيران والتعليم والمتاجر الفاخرة لمبيعات التجزئة ومطاعم الوجبات السريعة والضيافة، وغيرها. فمثلا، يستطيع قطاع تجارة التجزئة الاستفادة من شاشات OLED مسطحة مزدوجة العرض التي تعرض صورة مختلفة من جانبي الشاشة الأمامي والخلفي بالدقة العالية لتوفير المساحة وتقديم تجربة مريحة للمستخدمين، بالإضافة إلى انخفاض سمكها (8 ملليمترات فقط)، وهي قابلة للتركيب في عدة خيارات، مثل تعليقها بالسقف أو على الجدار أو على مسند أرضي. ويستفيد قطاع الفنادق بتقديم حل لتجاوز مشكلات تصميم الغرف، بحيث تقدم الزوايا الواسعة لتلفزيونات هذه التقنية سهولة مشاهدة التلفزيون من أي مكان في الغرفة بأدق تفاصيل الألوان والظلال مع المحافظة على جودة عالية للصورة. وتتمتع هذه الأجهزة بالقدرة على الارتقاء إلى الدقة الفائقة 4K، وتعتمد على أحدث نظام تشغيل للتلفزيونات الذكية «ويب أو إس 3. 0» Web O S 3.0 الذي يتيح البحث عن المحتوى أو التنقل بين خيارات المحتوى المختلفة، مثل البث التلفزيوني وخدمات البث التدفقي من الإنترنت Stream والأجهزة المحيطة بالتلفزيون بكل سهولة. وتسمح هذه التقنية بجذب انتباه الزبائن من كل زاوية، سواء كان ذلك في مراكز التسوق الكبيرة أو دور السينما، بحيث يتابع المرتادون عروضا ترويجية للأفلام المقبلة والمعروضة حاليا بكل وضوح أينما كانوا أمام شاشة العرض.
مثال آخر هو استخدام هذه التقنية في مطار «إنتشون» الدولي في كوريا الجنوبية، حيث تم اختيار هذه التقنية لتعليق أكبر شاشة في العالم بسبب خفة وزنها مقارنة بالتقنيات الأخرى التي تستخدم مصابيح خلفية ثقيلة (لأن كل بيكسل في تقنية OLED يصدر الضوء الخاص به)، الأمر الذي يعني تقديم مرونة كبرى للشركات في تركيب الشاشات المعلقة من السقف أو على الجدار بالحد الأدنى من المثبتات والملحقات.
وبعيدا عن شاشات التلفزيون والأجهزة المحمولة التي تستخدم هذه التقنيات، يحتاج قطاع الأعمال اليوم إلى قدرات إدارة مرنة للشاشات المتوفرة لديه، الأمر الذي يمكن توفيره في برنامج «سوبر ساين» Super sugn الذي يقدم وظائف التحكم المباشر بالشاشات، فضلا عن توليد الصور الرقمية وتوزيعها في أي مكان مستهدف.
* الشاشات الرقمية في السعودية
وقد شهدت سوق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اتجاها متزايدا من الطلب على الشاشات الرقمية المتقدمة، وخصوصا في السعودية، حيث أطلقت «رؤية المملكة 2030» موجة جديدة من بناء مراكز التسوق، والتي تعتبر من الاتجاهات الرئيسية لنمو الطلب على أجهزة العرض الرقمية في المملكة.وشهدت على مر الأعوام طلبا على الشاشات المتقدمة من عدد من القطاعات المتنوعة، ولا سيما في سوق السعودية. وتراوحت تلك القطاعات من مطاعم الوجبات السريعة إلى المراكز المشيدة حديثا. وتحتل مشاريع البيع بالتجزئة والتسوق داخل المملكة جزءا كبيرا من عائدات الشاشات الرقمية، وتمثل أكبر شريحة عمودية في السوق. وطرحت الشركة أخيرا مجموعة حلول الشاشات الرقمية المعدة، خصيصا لعرض المحتوى الديناميكي لمواكبة الطلب المتزايد على الحلول التسويقية المبتكرة من قطاع الضيافة في المملكة، مع تركيز كبرى العلامات التجارية في قطاع مبيعات الأغذية والوجبات السريعة على استخدام هذه التقنية، الأمر نفسه الذي لمسته الشركة في قطاع الفنادق الراقية في مدينة الرياض وقطاع التجزئة.
ويفرض دخول تقنيات متقدمة (مثل OLED) إلى السوق توفير مقدمي الشاشات الرقمية المزيد من الحلول التي تتضمن هذه التقنية للجمهور والشركات التجارية بسبب مزاياها الكثيرة؛ فمن عرض المحتوى المتماثل على جانبي الشاشة إلى زوايا المشاهدة الواسعة وعدد البيكسلات المهول الذي يبلغ 8 ملايين والتي يمكن التحكم بكل منها على حدة إن دعت الحاجة، وانتهاء بجودة اللون الأسود الحالك في عروض الفيديو والصور، تبشر تقنية OLED الثورية بمعايير جديدة أرقى في سوق الشاشات الرقمية لن يستطيع قطاع الأعمال تجاهلها بعد اليوم.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».