كوبا وفنزويلا.. تضامن أممي أم انتهازية؟

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي بدأ كاسترو يبحث عن ممول لاشتراكيته

جدارية للرئيس الراحل هوغو شافيز الذي قدم النفط بسخاء لكوبا مقابل العناية الطبية من قبل آلاف من الأطباء الكوبيين (رويترز)
جدارية للرئيس الراحل هوغو شافيز الذي قدم النفط بسخاء لكوبا مقابل العناية الطبية من قبل آلاف من الأطباء الكوبيين (رويترز)
TT

كوبا وفنزويلا.. تضامن أممي أم انتهازية؟

جدارية للرئيس الراحل هوغو شافيز الذي قدم النفط بسخاء لكوبا مقابل العناية الطبية من قبل آلاف من الأطباء الكوبيين (رويترز)
جدارية للرئيس الراحل هوغو شافيز الذي قدم النفط بسخاء لكوبا مقابل العناية الطبية من قبل آلاف من الأطباء الكوبيين (رويترز)

لم تشكل مشاعر الود التي أبدتها فنزويلا وغيرها من حكومات دول أميركا اللاتينية تجاه كوبا بعد وفاة فيدل كاسترو مفاجأة. حيث أعلنت البلاد الحداد العام لرجل لطالما كان الصديق المخلص لرئيسهم الراحل هوغو شافيز، وهي الصداقة التي ورثها الرئيس الحالي نيكولاس مودارو، الذي كان من بين القلائل الذين احتفلوا مع كاسترو بعيد ميلاده التسعين قبل وفاته بأيام.
ويرفض الكثير من الفنزويليين هذه الأيام مشاعر التقدير التي أبدتها بلادهم لفيدل كاسترو، وقال مواطن فنزويلي: «في الوقت الذي تبرأ فيه العالم من هذا الديكتاتور، نجد أنفسنا مجبرين على تكريمه. لن يوافق سوى عدد قليل على فترة الحداد تلك».
ورغم حديث الحكومة الفنزويلية عن روابط الأخوة التي تربط الشعبين، أكدت الكثير من قطاعات الدولة أن هدف كاسترو الحقيقي كان دائما نفط فنزويلا. وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أكد عدد من المراقبين أن هدف كاسترو منذ السنوات الأولى للثورة الكوبية أن يجعل فنزويلا – التي تعتبر إحدى أغنى دول أميركا اللاتينية بفضل إنتاجها النفطي - تمول مشروعه الاشتراكي وتستمر حليفة له كي يضمن استمرار الثورة الكوبية.
وبحسب المؤرخ أوغستين بلانكو الذي تقابل مع هوغو شافيز عند بداية اتصاله بكوبا: «فقد رأى الرجل في شافيز رمزا يمكن أن يشكل قاعدة للتيار السياسي اليساري الذي طالما بحث عنه. كان كاسترو قد تعرض للهزيمة بالفعل، ولم يعد يحظى بدعم الاتحاد السوفياتي. فمنذ قيامها عام 1959. اعتمدت الثورة الكوبية دوما على الدعم الاقتصادي من الاتحاد السوفياتي».
ولذلك لم تكن المفاجأة كبيرة أن فنزويلا كانت الدولة الأكثر زيارة من قبل فيدل كاسترو، أو أن العلاقة بين كوبا وفنزويلا بدأت دافئة في عهد حكومة كارلوس أندريا بيريز الذي تعرض لانقلاب عسكري عام 1991 قاده العسكري الشاب حينها هوغو شافيز. أودعه شافيز السجن ثم أفرج عنه لاحقا بعفو رئاسي، وفي ذلك الحين، وفق بلانكو، أدانت كوبا الانقلاب الذي تعرض له صديقها بيريز، لكن لاحقا عندما رأت كوبا أن شافيز يمتلك مقومات السلطة، شرع كاسترو في دعم علاقته بشافيز استراتيجيا.
بعد استيلاء شافيز على السلطة استطاعت كوبا توسيع نطاق نموذجها السياسي مستفيدة من موارد فنزويلا وضمان بقاء النظام في الجزيرة. وفي عام 2000، وقعت الدولتان اتفاقية وصفها المحلل السياسي غابريل ريس باتفاق تبادل «بضاعة محسوسة ببضاعة غير محسوسة». فبحسب الاتفاق، كانت فنزويلا تمنح كوبا نحو 100000 برميل من النفط يوميا في الوقت الذي كانت فنزويلا تستهلك أقل من نصف إنتاجها لتصدر الباقي لأغراض غير معلومة. كانت الصفقة تتم مقابل إرسال كوبا لأطباء ومدربين رياضيين، لكن في الحقيقة لم يكن أغلبهم أطباء ولا مدربين، بل عناصر من جهاز الاستخبارات الكوبية.
لا تزال الاتفاقية بين الجزيرة وفنزويلا سارية لليوم على الرغم من انخفاض أسعار النفط ورغم هشاشة الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد، الأمر الذي جعل توفير الاحتياجات الأساسية كابوسا. تشبه تلك الحقيقة الوضع القائم في كوبا، إذ يرثي المؤرخ أوغستين بلانكو الذي كان قريبا من شافيز، بألم بالغ حال فنزويلا التي خسرت استقلالها لتصبح «دولة فاشلة» تدار من كوبا؛ فالثورتان الكوبية الفنزويلية، في الحقيقة، ثورة واحدة. لم تعد فنزويلا كما كانت، بل «فينكوبا».
ومن جانبه، قال ريس إنه بالإضافة إلى النفط، فقد مررت فنزويلا كابلا تحت البحر إلى جزيرة كوبا المجاورة لتحسين الاتصالات. فبحسب نظريته في تفسير سعي كوبا لإعادة توطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة، يضيف ريس: «إن فنزويلا التي حافظت على وجود كوبا لن تستطيع الاستمرار في ذلك باستخدام عائدات النفط». وليزيل الغموض الذي اكتنف العلاقة المتينة بين فيدل وهوغو، قال ريس «لا أعتقد أن فيدل كان له أصدقاء طيلة حياته، فالاهتمام الذي وجده شافيز من فيدل كان بدافع المصالح التي كان يتحصل عليها الأخير لا أكثر».
ومع وفاة فيدل كاسترو، فقد يتسبب انخفاض أسعار النفط وحالة الغموض التي تكتنف سياسة التعامل مع كوبا في المستقبل في ظل وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض في تغيير العلاقة بين هاتين الدولتين التي طالما كانتا منارة لليسار في أميركا اللاتينية.
ومن جانب آخر أعلن مصدر في الحكومة البرازيلية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الدول الأربع المؤسسة «للسوق المشتركة لأميركا الجنوبية» (ميركوسور) علقت عضوية فنزويلا في هذا التكتل بسبب عدم احترامها لميثاقه. وقال هذا المصدر في اتصال هاتفي من ريو دي جانيرو طالبا عدم كشف هويته إن هذه الدول الأربع (الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي) وجهت إلى فنزويلا «رسالة إلكترونية» تبلغها بأن حقوقها في السوق المشتركة «معلقة».
وأضاف أن وزراء خارجية الدول الأربع المؤسسة «أعدوا تقارير تشير إلى أن فنزويلا لم تحترم تعهداتها». وتابع: «نتيجة لذلك وجهوا لها رسالة إلكترونية تبلغها بأن حقوقها علقت».
ولم تعلن «ميركوسور» رسميا هذا القرار الذي جاء مع انتهاء مهلة ثلاثة أشهر حددت في سبتمبر (أيلول) لسلطات كاركاس لملاءمة تشريعاتها مع ميثاق السوق المشتركة.



ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
TT

ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)

من المقرر أن يجتمع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو مع الملك تشارلز الثالث، بصفته ملك كندا، اليوم الاثنين حيث سيناقش تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا لتكون الولاية 51.

وتعرض الملك تشارلز لانتقادات في كندا بسبب صمته حيال تهديدات ترمب بضم كندا. وقال ترودو في لندن يوم الأحد إنه سيناقش مع تشارلز القضايا المهمة بالنسبة للكنديين وأضاف «لا شيء يبدو أكثر أهمية بالنسبة للكنديين في الوقت الحالي من الدفاع عن سيادتنا واستقلالنا كدولة». ويعتبر تشارلز هو رأس دولة كندا، التي هي عضو في الكومنولث البريطاني.

وبصفة عامة، فإن حركة مناهضة الملكية في كندا صغيرة، لكن صمت الملك حيال تهديدات ترمب أثار الحديث بهذا الشأن في الأيام الأخيرة. وكان الملك، الذي التقى يوم الأحد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعا ترمب للقدوم إلى اسكتلندا للقيام بزيارة دولة. وقال المحامي الدستوري لايل سكينر في منشور على «إكس»، «خبر رائع أن رئيس الوزراء سيجتمع مع ملك كندا غدا. نأمل أن يسفر هذا عن بيان من الملك بشأن مملكة كندا».

وعلى الرغم من أن الكنديين عموما غير مبالين بالملكية، فإن العديد منهم كان لديهم محبة كبيرة للملكة إليزابيث الراحلة، التي تزين صورتها عملاتهم المعدنية وزارت كندا 22 مرة أثناء فترة حكمها. يشار إلى أن إلغاء الملكية في كندا يعني تغيير الدستور. وهذا مسعى محفوف بالمخاطر بطبيعته، بالنظر إلى كيف تم تصميمه بعناية ليوحد أمة من 41 مليون شخص تضم الناطقين بالإنجليزية، والناطقين بالفرنسية، والقبائل الأصلية، والمهاجرين الجدد الذين يتدفقون باستمرار.