الجنرال راؤول كاسترو المنفتح على الجار الأميركي

تولى مهمة «تحديث» الاقتصاد لجعل النظام «غير قابل للرجوع فيه»

الجنرال راؤول كاسترو المنفتح على الجار الأميركي
TT

الجنرال راؤول كاسترو المنفتح على الجار الأميركي

الجنرال راؤول كاسترو المنفتح على الجار الأميركي

اسم راؤول كاسترو تصدر عناوين الأخبار العالمية عندما استأنفت الولايات المتحدة وكوبا العلاقات، واستضافت هافانا الرئيس الأميركي أوباما في يوليو (تموز) 2015. لكن قبل ذلك بخمس سنوات صرح راؤول كاسترو في عام 2010: «إما أن نصحح أو نغرق»، مشددًا على أن الغرق سوف ينطوي على إهدار «جهود أجيال بأكملها» من الكوبيين. لكنه أصر أيضًا في عام 2011 على أن المهمة هي «الحفاظ على الاشتراكية، والعمل على تطبيقها في أكمل صورة، وعدم السماح أبدًا بعودة النظام الرأسمالي». غير أنه يأمل في تحقيق ذلك ببرنامج إصلاحي موجه نحو السوق، وخفض الوظائف الحكومية، والتشجيع على درجة ما من المبادرات الخاصة، وكذلك الانفتاح على الجارة القوية لكوبا عبر مضيق فلوريدا، ولهذا يطلق المراقبون عليه اسم عليه «راؤول البراغماتي».
وراؤول كاسترو معروف لدى هؤلاء الذين عملوا معه، كما أوردت الوكالة الألمانية للأنباء في تقريرها من هافانا، بأنه مدير عملي وواقعي، وسلم الأراضي الزراعية لمزارعين من عامة الشعب بهدف زيادة الإنتاج الغذائي، وهي إحدى أولويات حكومته.
لعب راؤول كاسترو دورًا رئيسيًا في السياسة الكوبية لعقود بعدما تولى شقيقه الأكبر فيدل كاسترو السلطة في عام 1959، ولكنه كان على الأغلب في الظل. تولى راؤول كاسترو قيادة كوبا على نحو مؤقت في أواخر يوليو 2006. وفي فبراير (شباط) 2008، أصبح رسميًا رئيس كوبا، في حين أنه تولى قيادة الحزب الشيوعي الكوبي في أبريل (نيسان) 2011، وفي كل الحالات خلف شقيقه الذي قاد الدولة الجزيرة منذ عام 1959. لا يزال راؤول كاسترو، الذي ولد في الثالث من يونيو (حزيران) 1931 في بلدة بيران بشرق كوبا، يبدو لائقًا من الناحية الصحية، ولم يعط أي إشارة لرغبته في التقاعد.
وسمح أيضًا راؤول كاسترو، الذي لديه أربعة أبناء من زواجه من الكوبية الراحلة فيلما إسبين (1930 - 2007)، للشعب الكوبي بشراء هواتف جوالة وأجهزة كومبيوتر، واستئجار سيارات، والإقامة في الفنادق الفخمة بالجزيرة.
قاتل راؤول جنبًا إلى جنب شقيقه في النضال الثوري في كوبا، والذي بدأ بمحاولة فاشلة في عام 1953 أعقبها السجن والعفو. وفر راؤول وفيدل معًا إلى المكسيك وعادا إلى كوبا وبصحبتهما 80 مؤيدًا على يخت غرانما في عام 1956، ونجا من حرب العصابات التي انتهت بهروب باتيستا عام 1959. وبصفته الأطول بقاء في منصب وزير الدفاع في العالم، استغل راؤول الدعم السوفياتي لبناء الجيش الكوبي ليصبح أحد أقوى الجيوش في أميركا اللاتينية.
وبعد الثورة، قاد راؤول عمليات قتل قاسية لأنصار باتيستا، وينسب له الفضل في القيام بموجات من التطهير السياسي على مدار سنوات.
ويقول محللون إن راؤول كاسترو تولى مهمة «تحديث» الاقتصاد الاشتراكي لكوبا، ولكن أيضًا لجعل النظام «غير قابل للرجوع فيه»، كما ذكرت الوكالة الألمانية للأنباء. التصحيح بدأ في الاقتصاد، وفي هذا السياق، سمح للكوبيين، على سبيل المثال، بامتلاك المنازل والسيارات. وضخ جرعات من اقتصاد السوق، مثل السماح لأصحاب المهن بالعمل لحسابهم الخاص، وترشيد القطاع العام، وتشجيع التعاونيات، وتوسيع الإدارة الذاتية في مؤسسات الدولة، والموافقة على بيع المركبات والوحدات السكنية.
وبصفته رئيسًا، اعترف راؤول كاسترو على أن المعركة التي يواجهها الشعب الكوبي «اقتصادية»، وأن بقاء نظامهم يتوقف على تصحيح الأخطاء التي ترجع لعقود. هذه الإصلاحات كانت وراء إبرام اتفاق مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما في ديسمبر (كانون الأول) 2014، إضافة لقيامه بإطلاق سراح العشرات من السجناء السياسيين في كوبا، واستعادة الروابط الدبلوماسية التي انقطعت بين الجارتين لعقود كثيرة.
أما القطاع السياحي البالغ الحساسية إذ يتضمن اتصالات مع الأجانب وعائدات مباشرة قوية بالعملات الأجنبية، فإنه أحد المجالات التي يهيمن عليها الجيش الذي يدير شركات الطيران والفنادق والمطاعم وموانئ الترفيه ووكالات تأجير المركبات أو المتاجر الكبيرة.
ويتبع مجمعا «غافيوتا» و«كوباناكان» السياحيان لشركة مملوكة للدولة تديرها القوات المسلحة، ورئيسها التنفيذي هو الكولونيل لويس البرتو رودريغيز لوبيز كاليهاس صهر راؤول كاسترو.
إلا أن راؤول لا ينطلق من الصفر، فقد أمضى ثماني سنوات في التمهيد للإصلاحات بدعم من نواة من الأنصار الأوفياء من القوات المسلحة التي قادها قرابة 50 عامًا، وتدير قطاعات كاملة من الاقتصاد. وبعد وفاة فيدل، من المرجح أن تصبح بصمة راؤول أكثر وضوحًا.
ونادرًا ما يعرب راؤول المتكتم كثيرًا عن آرائه في وسائل الإعلام، لكنه يناور في الظل «لنزع بصمات فيدل عن كوبا بشكل منهجي»،.
خطوة راؤول للتقارب مع الولايات المتحدة التي قد تتوج برفع الحصار الشديد المفروض على الجزيرة منذ عام 1962، أبرزت قدراته على التخطيط السياسي ومهاراته الدبلوماسية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».