بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رسائل مختلفة، في كلمته الافتتاحية في مؤتمر «فتح» السابع، أبرزها أنه لا يوجد تغيير منتظر على النهج الذي يسير عليه، وهو نهج الـ«خطوة خطوة» من أجل قيام الدولة الفلسطينية.
وقال عباس إنه «يؤمن بتحرير الأرض خطوة خطوة وليس دفعة واحدة»، مضيفا: «تحرير وطن والوصول إلى الاستقلال يتم بتراكم الخطوات طوبة طوبة خطوة خطوة، واللي بيقدر يحرر مرة واحدة يتفضل». وتابع: «احنا اللي بنقدر عليه خطوة خطوة».
وتحدث عباس عن مسلسل طويل من النضال «السياسي»، مؤكدا أنه يخطط الآن للذهاب إلى مجلس الأمن للمطالبة بالعضوية الكاملة. وقال: «سنقدم طلبا يوميا هناك. قلنا لسفيرنا اشغلهم كل يوم. نقدم طلبا كل يوم حتى نحصل على العضوية».
وتعهد عباس، إضافة إلى ذلك، بالانضمام إلى 522 منظمة دولية، موضحا: «انضممنا لـ44، ومنها اليونيسكو والمحكمة الجنائية الدولية، وسننضم للبقية وحينها يفرجها الله».
ودافع عباس عن اتفاق أوسلو قائلا إنه «اتفاق مبادئ». وأضاف: «كل ما فلعنا أننا مهدنا الطريق لعودة القيادة إلى أرض الوطن.. صحيح لم نمارس حق العودة، لكن كان خطوة هامة جدا لهذا الاتفاق أننا بدأنا نعود». وأضاف: «لم يحصل تقدم لكن ليس ذنبنا». وتابع: «أنا الذي وقعت أوسلو، وبهذا الاتفاق عاد الآلاف، كانت محطة من المحطات، وأنا أقول لكم إن الذين عادوا لا يقل عددهم عن 600 ألف مواطن فلسطيني وعربي وغير عربي». وأردف: «لا ندعي التحرير أو الاستقلال، نحن نقول دولة فلسطين تحت الاحتلال».
ووجه عباس رسالة إلى إسرائيل: «لن نخرج من هنا.. وتجربة 48 لن تتكرر، 67 لن تتكرر، وهذا الاستيطان سيزول غصبا عن إسرائيل». وأضاف: «عندما وقع اتفاق كامب ديفيد أزيل الاستيطان، وفجأة شارون خرج من غزة رغم أنه يعتبرها أرضا مقدسة.. لكنه خرج». وقال عباس: «هذا الشعب لن يهزم».
وأرسل عباس رسائل أخرى إلى الدول الضاغطة عليه في مسائل شتى، عندما روى كيف قاوم الضغوط من أجل عدم التصويت على دولة عضو في الأمم المتحدة، قائلا: «قلت لهم (الدول الضاغطة) اللي أعطتوني إياه خذوه خذو الأموال والكرسي». وشدد عباس على أنه «لن يحيد عن الثوابت». وقال: «الذين يسألون أين هي الثوابت.. إما أنهم لم يقرأوها أو تغافلوا عن الواقع». وأضاف: «أتحدى أننا تراجعنا عن ثابت واحد من الثوابت التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، ونحن مسؤولون أمام التاريخ أنها ستتحقق أو نموت دونها».
وقال عباس أيضا إن حركة فتح لن تتخلى عن هويتها وقرارها المستقل، و«ستواصل مسيرتها نحو تحقيق حلم شعبها بالحرية والاستقلال الذي نؤمن أنه سيتحقق». وعبر عن أمله في أن يكون المؤتمر الثامن على تراب القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.
وجاءت كلمة عباس بعد يوم من إعادة انتخابه قائدا عاما لحركة فتح بالإجماع، في تأكيد بداية مرحلة جديدة يتربع فيها أبو مازن على عرش الحركة الكبرى في منظمة التحرير.
وحذر عباس من «سايكس بيكو جديد» في العالم العربي. وقال إن الربيع العربي أرسل إلينا، وما يحصل الآن هو سايكس بيكو. وتابع: «الشعوب العربية لا تستحق هذه البهدلة». وقال إنه ضد التطرف وضد العنف بكل أشكاله ومنابعه، وهو يمارس هذه السياسة محليا ودوليا. وأردف: «أيضا هنا نحن ضد العنف».
ومن المتوقع أن تلاقي تصريحات عباس انتقادات داخلية من معارضيه داخل فتح وخارجها.
وزادت تصريحات عباس من سخونة الأجواء داخل المؤتمر وخارجه، حيث شهد خلافا داخليا مبكرا على ملف الرئيس الراحل ياسر عرفات، وحربا واسعة في الخارج بين تيار المؤتمر والتيار المستبعد الذي يجهز جزء منه، محسوب على دحلان، لمؤتمر «سابع» مواز. وقالت مصادر من داخل المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» إن ملف عرفات شهد خلافا مبكرا، وتلاسنا كذلك مع طرح اللواء توفيق الطيرواي تساؤلا حول خلو جدول أعمال المؤتمر من نقاش قضية عرفات، فرد عليه رئيس المؤتمر عبد الله الإفرنجي أن هذه القضية كان يجب أن تطرح أولا على اللجنة المركزية.
وقالت المصادر إنه أثناء النقاش تداخل البعض وتبادلوا اتهامات حول تحويل الأمر إلى دعاية انتخابية، قبل أن ينفض النقاش من دون اتفاق. وأكدت المصادر أنه سيجري نقاش نتائج التحقيق في ملف وفاة عرفات في جلسة سرية خاصة بعد التصويت على الأمر، لأن الرئيس الفلسطيني لا يريد جدلا إعلاميا حول الأمر، قبل التوصل إلى نتائج نهائية في هذا الملف. ويضاف إلى هذا الملف ملفات تنظيمية وسياسية يتوقع أن تشهد نقاشات حامية بعد اختتام الجلسات الافتتاحية، أمس، التي استمرت يومين، وشاركت فيها وفود دولية وعربية وفلسطينية، من بينها حركة حماس التي عرض أحد متحدثيها على «فتح»، باسم رئيس المكتب السياسي لحماس، «شراكة» متكاملة.
ومع استمرار عمل المؤتمر الفتحاوي، استمرت الحرب الكلامية بين مؤيدي الرئيس عباس ومؤيدي القيادي المفصول في فتح، محمد دحلان، بالتوازي مع حرب تسريبات صوتية، طالت كثيرا من أعضاء اللجنة المركزية الحالية، في حين بدأت تصفية حسابات على أبواب الانتخابات المرتقبة في آخر يومين من المؤتمر الذي يستمر خمسة أيام.
وجرى تداول تسريبات صوتية على «يوتيوب» على مراحل، لعدد من أعضاء المركزية، أحدهم يهاجم الرئيس و«فتح» وآخرين، وأحدهم يهاجم زميله ويتهمه بالتلاعب في انتخابات، وآخر يتهم آخر ويصفه بالجهوية والعنصرية. ولم يجر التحقق من صحة التسريبات التي يُحتمل أن تترك أثرها على المعركة الانتخابية، التي يفترض أن تأتي بلجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين، يطويان صفحة دحلان ومناصريه. لكن دحلان يخطط لإجراء مؤتمر سابع مواز الشهر الحالي.
وقال غسان جاد الله، الكادر الفتحاوي المحسوب على دحلان، إن «تيار دحلان» سيعقد مؤتمرا موازيا في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وأضاف أن المؤتمر يأتي ردًا على الحفلة التي يقيمها عباس وجوقة المصفقين في رام الله تحت مسمى المؤتمر السابع، مبينًا أن مؤتمرهم - أي أنصار دحلان - سيمثل الفتحاويين من قطاع غزة والضفة المحتلة والخارج كافة، وسيمثل كل الفئات العمرية والقطاعية في الحركة.
وأوضح أنه جرى تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر مكونة من 31 قياديا للإعداد والتجهيز له، وأن هذه اللجنة ستبدأ بعقد اجتماعاتها فور انتهاء حفلة المقاطعة المسماة المؤتمر السابع، على حد قوله. ولم يتضح بعد مكان انعقاد المؤتمر.
وأكدت النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح، نعيمة الشيخ، أن أعضاء حركة فتح الذين جرى إقصاؤهم مستمرون في التحضير لعقد المؤتمر السابع لحركة فتح الحقيقي وليس الإقصائي، لكوننا لا نعول على الاحتفال الذي يقام برام الله حاليًا.
ويستمر مؤتمر فتح حتى السبت، ما لم يجر تمديده، وينتهي بانتخاب الهيئات القيادية اللجنة المركزية بـ18 عضوا، ويجري تعيين 3 لاحقا، والمجلس الثوري المؤلف من ثمانين عضوا ويجري تعيين 21 لاحقا.
ويكتسب المؤتمر أهميته بأنه يمهد لقيادة جديدة ستأتي بـ«الخليفة المنتظر» للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يفترض أن يكون أحد أعضاء المركزية الجديدة، ويجري انتخابه لاحقا، في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
عباس: من يستطع تحرير الأرض مرة واحدة فليتفضل.. و{أوسلو} أعادت 600 ألف فلسطيني
جلسة سرية في قضية عرفات.. وحرب تسريبات صوتية.. ومؤتمر {دحلاني} الشهر الحالي
عباس: من يستطع تحرير الأرض مرة واحدة فليتفضل.. و{أوسلو} أعادت 600 ألف فلسطيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة