عباس: من يستطع تحرير الأرض مرة واحدة فليتفضل.. و{أوسلو} أعادت 600 ألف فلسطيني

جلسة سرية في قضية عرفات.. وحرب تسريبات صوتية.. ومؤتمر {دحلاني} الشهر الحالي

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
TT

عباس: من يستطع تحرير الأرض مرة واحدة فليتفضل.. و{أوسلو} أعادت 600 ألف فلسطيني

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رسائل مختلفة، في كلمته الافتتاحية في مؤتمر «فتح» السابع، أبرزها أنه لا يوجد تغيير منتظر على النهج الذي يسير عليه، وهو نهج الـ«خطوة خطوة» من أجل قيام الدولة الفلسطينية.
وقال عباس إنه «يؤمن بتحرير الأرض خطوة خطوة وليس دفعة واحدة»، مضيفا: «تحرير وطن والوصول إلى الاستقلال يتم بتراكم الخطوات طوبة طوبة خطوة خطوة، واللي بيقدر يحرر مرة واحدة يتفضل». وتابع: «احنا اللي بنقدر عليه خطوة خطوة».
وتحدث عباس عن مسلسل طويل من النضال «السياسي»، مؤكدا أنه يخطط الآن للذهاب إلى مجلس الأمن للمطالبة بالعضوية الكاملة. وقال: «سنقدم طلبا يوميا هناك. قلنا لسفيرنا اشغلهم كل يوم. نقدم طلبا كل يوم حتى نحصل على العضوية».
وتعهد عباس، إضافة إلى ذلك، بالانضمام إلى 522 منظمة دولية، موضحا: «انضممنا لـ44، ومنها اليونيسكو والمحكمة الجنائية الدولية، وسننضم للبقية وحينها يفرجها الله».
ودافع عباس عن اتفاق أوسلو قائلا إنه «اتفاق مبادئ». وأضاف: «كل ما فلعنا أننا مهدنا الطريق لعودة القيادة إلى أرض الوطن.. صحيح لم نمارس حق العودة، لكن كان خطوة هامة جدا لهذا الاتفاق أننا بدأنا نعود». وأضاف: «لم يحصل تقدم لكن ليس ذنبنا». وتابع: «أنا الذي وقعت أوسلو، وبهذا الاتفاق عاد الآلاف، كانت محطة من المحطات، وأنا أقول لكم إن الذين عادوا لا يقل عددهم عن 600 ألف مواطن فلسطيني وعربي وغير عربي». وأردف: «لا ندعي التحرير أو الاستقلال، نحن نقول دولة فلسطين تحت الاحتلال».
ووجه عباس رسالة إلى إسرائيل: «لن نخرج من هنا.. وتجربة 48 لن تتكرر، 67 لن تتكرر، وهذا الاستيطان سيزول غصبا عن إسرائيل». وأضاف: «عندما وقع اتفاق كامب ديفيد أزيل الاستيطان، وفجأة شارون خرج من غزة رغم أنه يعتبرها أرضا مقدسة.. لكنه خرج». وقال عباس: «هذا الشعب لن يهزم».
وأرسل عباس رسائل أخرى إلى الدول الضاغطة عليه في مسائل شتى، عندما روى كيف قاوم الضغوط من أجل عدم التصويت على دولة عضو في الأمم المتحدة، قائلا: «قلت لهم (الدول الضاغطة) اللي أعطتوني إياه خذوه خذو الأموال والكرسي». وشدد عباس على أنه «لن يحيد عن الثوابت». وقال: «الذين يسألون أين هي الثوابت.. إما أنهم لم يقرأوها أو تغافلوا عن الواقع». وأضاف: «أتحدى أننا تراجعنا عن ثابت واحد من الثوابت التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، ونحن مسؤولون أمام التاريخ أنها ستتحقق أو نموت دونها».
وقال عباس أيضا إن حركة فتح لن تتخلى عن هويتها وقرارها المستقل، و«ستواصل مسيرتها نحو تحقيق حلم شعبها بالحرية والاستقلال الذي نؤمن أنه سيتحقق». وعبر عن أمله في أن يكون المؤتمر الثامن على تراب القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.
وجاءت كلمة عباس بعد يوم من إعادة انتخابه قائدا عاما لحركة فتح بالإجماع، في تأكيد بداية مرحلة جديدة يتربع فيها أبو مازن على عرش الحركة الكبرى في منظمة التحرير.
وحذر عباس من «سايكس بيكو جديد» في العالم العربي. وقال إن الربيع العربي أرسل إلينا، وما يحصل الآن هو سايكس بيكو. وتابع: «الشعوب العربية لا تستحق هذه البهدلة». وقال إنه ضد التطرف وضد العنف بكل أشكاله ومنابعه، وهو يمارس هذه السياسة محليا ودوليا. وأردف: «أيضا هنا نحن ضد العنف».
ومن المتوقع أن تلاقي تصريحات عباس انتقادات داخلية من معارضيه داخل فتح وخارجها.
وزادت تصريحات عباس من سخونة الأجواء داخل المؤتمر وخارجه، حيث شهد خلافا داخليا مبكرا على ملف الرئيس الراحل ياسر عرفات، وحربا واسعة في الخارج بين تيار المؤتمر والتيار المستبعد الذي يجهز جزء منه، محسوب على دحلان، لمؤتمر «سابع» مواز. وقالت مصادر من داخل المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» إن ملف عرفات شهد خلافا مبكرا، وتلاسنا كذلك مع طرح اللواء توفيق الطيرواي تساؤلا حول خلو جدول أعمال المؤتمر من نقاش قضية عرفات، فرد عليه رئيس المؤتمر عبد الله الإفرنجي أن هذه القضية كان يجب أن تطرح أولا على اللجنة المركزية.
وقالت المصادر إنه أثناء النقاش تداخل البعض وتبادلوا اتهامات حول تحويل الأمر إلى دعاية انتخابية، قبل أن ينفض النقاش من دون اتفاق. وأكدت المصادر أنه سيجري نقاش نتائج التحقيق في ملف وفاة عرفات في جلسة سرية خاصة بعد التصويت على الأمر، لأن الرئيس الفلسطيني لا يريد جدلا إعلاميا حول الأمر، قبل التوصل إلى نتائج نهائية في هذا الملف. ويضاف إلى هذا الملف ملفات تنظيمية وسياسية يتوقع أن تشهد نقاشات حامية بعد اختتام الجلسات الافتتاحية، أمس، التي استمرت يومين، وشاركت فيها وفود دولية وعربية وفلسطينية، من بينها حركة حماس التي عرض أحد متحدثيها على «فتح»، باسم رئيس المكتب السياسي لحماس، «شراكة» متكاملة.
ومع استمرار عمل المؤتمر الفتحاوي، استمرت الحرب الكلامية بين مؤيدي الرئيس عباس ومؤيدي القيادي المفصول في فتح، محمد دحلان، بالتوازي مع حرب تسريبات صوتية، طالت كثيرا من أعضاء اللجنة المركزية الحالية، في حين بدأت تصفية حسابات على أبواب الانتخابات المرتقبة في آخر يومين من المؤتمر الذي يستمر خمسة أيام.
وجرى تداول تسريبات صوتية على «يوتيوب» على مراحل، لعدد من أعضاء المركزية، أحدهم يهاجم الرئيس و«فتح» وآخرين، وأحدهم يهاجم زميله ويتهمه بالتلاعب في انتخابات، وآخر يتهم آخر ويصفه بالجهوية والعنصرية. ولم يجر التحقق من صحة التسريبات التي يُحتمل أن تترك أثرها على المعركة الانتخابية، التي يفترض أن تأتي بلجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين، يطويان صفحة دحلان ومناصريه. لكن دحلان يخطط لإجراء مؤتمر سابع مواز الشهر الحالي.
وقال غسان جاد الله، الكادر الفتحاوي المحسوب على دحلان، إن «تيار دحلان» سيعقد مؤتمرا موازيا في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وأضاف أن المؤتمر يأتي ردًا على الحفلة التي يقيمها عباس وجوقة المصفقين في رام الله تحت مسمى المؤتمر السابع، مبينًا أن مؤتمرهم - أي أنصار دحلان - سيمثل الفتحاويين من قطاع غزة والضفة المحتلة والخارج كافة، وسيمثل كل الفئات العمرية والقطاعية في الحركة.
وأوضح أنه جرى تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر مكونة من 31 قياديا للإعداد والتجهيز له، وأن هذه اللجنة ستبدأ بعقد اجتماعاتها فور انتهاء حفلة المقاطعة المسماة المؤتمر السابع، على حد قوله. ولم يتضح بعد مكان انعقاد المؤتمر.
وأكدت النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح، نعيمة الشيخ، أن أعضاء حركة فتح الذين جرى إقصاؤهم مستمرون في التحضير لعقد المؤتمر السابع لحركة فتح الحقيقي وليس الإقصائي، لكوننا لا نعول على الاحتفال الذي يقام برام الله حاليًا.
ويستمر مؤتمر فتح حتى السبت، ما لم يجر تمديده، وينتهي بانتخاب الهيئات القيادية اللجنة المركزية بـ18 عضوا، ويجري تعيين 3 لاحقا، والمجلس الثوري المؤلف من ثمانين عضوا ويجري تعيين 21 لاحقا.
ويكتسب المؤتمر أهميته بأنه يمهد لقيادة جديدة ستأتي بـ«الخليفة المنتظر» للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يفترض أن يكون أحد أعضاء المركزية الجديدة، ويجري انتخابه لاحقا، في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.