الغارات الجوية التي استهدفت بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين المواليتين للنظام السوري، زادت من تعقيدات المشهد العسكري في شمال حلب، في ظلّ تضارب المعلومات عن هوية الطائرات التي نفّذت تلك الغارات، رغم أن صفحات البلدتين على مواقع التواصل الاجتماعي اتهمت الطائرات الروسية بتنفيذ هذا القصف الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أضفى البيان الذي أصدرته قاعدة حميميم الجوية الروسية مزيدًا من الغموض على الموقف، إذ اعترفت أن «منظومات الدفاع الجوي رصدت طائرات تقصف البلدتين المذكورتين، لكنها لم تتلق أمرًا من القيادة في موسكو لكشف هوية الطائرات والتعامل معها».
ولم يمض 24 ساعة على غارات نبّل والزهراء التي يكتنفها الغموض والالتباس، حتى أفادت معلومات بأن «طائرات مجهولة الهوية داخل سوريا، قصفت ليل الاثنين منطقة أثريا، في الأطراف الجنوبية لمدينة حلب، التي تعتبر خط الإمداد الرئيسي لقوات النظام الموجودة داخل حلب»، مشيرة إلى أن «غارات مماثلة استهدفت بالتوقيت نفسه بلدة رتيان التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية».
وفي حين نفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، امتلاكه معلومات عن قصف منطقة أثريا في جنوب حلب، وبلدة رتيان في شمال المدينة. قال الناطق العسكري باسم تجمّع «فاستقم» عمّار سقّار، لـ«الشرق الأوسط، إن المعلومات «باتت شبه أكيدة عن استهداف قريتي نبّل والزهراء، بأكثر من أربع غارات جوية وعلى الأغلب من قبل الطيران الروسي». وأوضح أن الطيران الروسي «استهدف مواقع للنظام في جنوب حلب وتحديدًا في منطقة أثريا ومحيط خناصر، وأيضا بلدة رتيان في ريف حلب الشمالي القريبة من نبل والزهراء». ورأى سقّار أن «هذا القصف عبارة عن رسائل روسية موجهة إلى إيران، أكثر منها إلى النظام». وأضاف: «روسيا دولة عظمى تعمل وفق مصالحها، ويبدو أن الهيمنة الإيرانية على ساحة المعارك في سوريا وضخّ المزيد من المقاتلين، بدأ يضرّ بالمصالح الروسية».
وكانت قاعدة حميميم الروسية، أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه «تعرّض بلدتي نبل والزهراء، الشيعيتين المواليتين للنظام لقصف جوي». وأعلنت أنها لم تحصل على «الإذن للكشف عن هوية الطائرات التي نفذت 8 غارات على البلدتين». وقال البيان: «رُصدت الطائرات عبر منظومات الدفاع الجوي، ولكن لم نتلق أي أمر عسكري بالتعامل معها من القيادة العسكرية في موسكو».
في هذا الوقت، لم يجد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس حنّا، في القصف، رسائل روسية باتجاه النظام أو إيران. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حصل، إذا كان صحيحًا، لا يتعدّى الخطأ في الإحداثيات أو عدم تنسيق على صعيد العمليات»، مشيرًا إلى أن «الأجواء السورية باتت مفتوحة اليوم أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية وطائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن». وإذ استبعد تبادل رسائل روسية إيرانية على هذا المستوى، سأل: «لماذا يذهب الروسي لقصف مناطق مثل نبّل والزهراء أو رتيان أو خناصر، وهي ليست بأهمية معركة حلب؟ وما مصلحته في فتور علاقته مع النظام السوري ومع الإيرانيين؟».
في المقابل لا تزال صفحات أهالي بلدتي نبل والزهراء على مواقع التواصل الاجتماعي، توجه الاتهامات المباشرة للطيران الروسي بقصف بلدتيهم، واستهداف مجموعات تابعة لما يسمى «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني فيهما. ورجّحت الصفحة الرسمية لنبّل والزهراء على «فيسبوك» أن تكون الغارات الروسية «استهدفت بلدتيهم عن طريق الخطأ»، مشيرة إلى أن «الغارات الروسية على نبل والزهراء تسببت في مقتل ثلاثة أشخاص، وجرح 15 آخرين». وفي رواية مختلفة كليا عما هو متداول، زعمت وكالة «سبوتنيك» الروسية أن «القصف الذي استهدف نبل والزهراء تقف خلفه طائرات تركية».
ورغم القراءات التي تعزو القصف الروسي لمناطق نفوذ النظام والإيرانيين، ردًا على مضي قوات الأسد والحرس الثوري والميليشيات الأخرى في معركة حلب التي تنكفئ عنها موسكو، أوضح العميد إلياس حنّا أن «الروسي منكفئ في حلب، ربما بتنسيق مع الأميركي»، مذكرًا بالاجتماع الذي عقده نجل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مع وفد المعارضة السورية القريبة من النظام في سويسرا. وقال: «صحيح أن روسيا تفضل تأخير معركة حلب إلى حين تسلم الإدارة الأميركية الجديدة، لأن موسكو رابحة في كل الأحوال وتعتبر سوريا ورقتها الأقوى للتفاوض مع الأميركيين، بينما إيران والنظام يستعجلان الحسم في حلب لتحسين شروطهما على طاولة المفاوضات». وشدد حنّا على أن الإيراني «يسعى لتعزيز وضعه في المنطقة بالاستناد إلى فائض القوة لديه، بينما هدف موسكو وواشنطن في المرحلة المقبلة، إعادة إيران إلى حجم معين، لإحداث توازن في المنطقة برعاية روسية أميركية».
الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف
استهداف النظام حلب يعقّد المشهد شمالاً
الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة