الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف

استهداف النظام حلب يعقّد المشهد شمالاً

الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف
TT

الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف

الأجواء السورية مفتوحة أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية والتحالف

الغارات الجوية التي استهدفت بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين المواليتين للنظام السوري، زادت من تعقيدات المشهد العسكري في شمال حلب، في ظلّ تضارب المعلومات عن هوية الطائرات التي نفّذت تلك الغارات، رغم أن صفحات البلدتين على مواقع التواصل الاجتماعي اتهمت الطائرات الروسية بتنفيذ هذا القصف الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أضفى البيان الذي أصدرته قاعدة حميميم الجوية الروسية مزيدًا من الغموض على الموقف، إذ اعترفت أن «منظومات الدفاع الجوي رصدت طائرات تقصف البلدتين المذكورتين، لكنها لم تتلق أمرًا من القيادة في موسكو لكشف هوية الطائرات والتعامل معها».
ولم يمض 24 ساعة على غارات نبّل والزهراء التي يكتنفها الغموض والالتباس، حتى أفادت معلومات بأن «طائرات مجهولة الهوية داخل سوريا، قصفت ليل الاثنين منطقة أثريا، في الأطراف الجنوبية لمدينة حلب، التي تعتبر خط الإمداد الرئيسي لقوات النظام الموجودة داخل حلب»، مشيرة إلى أن «غارات مماثلة استهدفت بالتوقيت نفسه بلدة رتيان التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية».
وفي حين نفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، امتلاكه معلومات عن قصف منطقة أثريا في جنوب حلب، وبلدة رتيان في شمال المدينة. قال الناطق العسكري باسم تجمّع «فاستقم» عمّار سقّار، لـ«الشرق الأوسط، إن المعلومات «باتت شبه أكيدة عن استهداف قريتي نبّل والزهراء، بأكثر من أربع غارات جوية وعلى الأغلب من قبل الطيران الروسي». وأوضح أن الطيران الروسي «استهدف مواقع للنظام في جنوب حلب وتحديدًا في منطقة أثريا ومحيط خناصر، وأيضا بلدة رتيان في ريف حلب الشمالي القريبة من نبل والزهراء». ورأى سقّار أن «هذا القصف عبارة عن رسائل روسية موجهة إلى إيران، أكثر منها إلى النظام». وأضاف: «روسيا دولة عظمى تعمل وفق مصالحها، ويبدو أن الهيمنة الإيرانية على ساحة المعارك في سوريا وضخّ المزيد من المقاتلين، بدأ يضرّ بالمصالح الروسية».
وكانت قاعدة حميميم الروسية، أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه «تعرّض بلدتي نبل والزهراء، الشيعيتين المواليتين للنظام لقصف جوي». وأعلنت أنها لم تحصل على «الإذن للكشف عن هوية الطائرات التي نفذت 8 غارات على البلدتين». وقال البيان: «رُصدت الطائرات عبر منظومات الدفاع الجوي، ولكن لم نتلق أي أمر عسكري بالتعامل معها من القيادة العسكرية في موسكو».
في هذا الوقت، لم يجد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس حنّا، في القصف، رسائل روسية باتجاه النظام أو إيران. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حصل، إذا كان صحيحًا، لا يتعدّى الخطأ في الإحداثيات أو عدم تنسيق على صعيد العمليات»، مشيرًا إلى أن «الأجواء السورية باتت مفتوحة اليوم أمام الطائرات الروسية والتركية والإسرائيلية وطائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن». وإذ استبعد تبادل رسائل روسية إيرانية على هذا المستوى، سأل: «لماذا يذهب الروسي لقصف مناطق مثل نبّل والزهراء أو رتيان أو خناصر، وهي ليست بأهمية معركة حلب؟ وما مصلحته في فتور علاقته مع النظام السوري ومع الإيرانيين؟».
في المقابل لا تزال صفحات أهالي بلدتي نبل والزهراء على مواقع التواصل الاجتماعي، توجه الاتهامات المباشرة للطيران الروسي بقصف بلدتيهم، واستهداف مجموعات تابعة لما يسمى «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني فيهما. ورجّحت الصفحة الرسمية لنبّل والزهراء على «فيسبوك» أن تكون الغارات الروسية «استهدفت بلدتيهم عن طريق الخطأ»، مشيرة إلى أن «الغارات الروسية على نبل والزهراء تسببت في مقتل ثلاثة أشخاص، وجرح 15 آخرين». وفي رواية مختلفة كليا عما هو متداول، زعمت وكالة «سبوتنيك» الروسية أن «القصف الذي استهدف نبل والزهراء تقف خلفه طائرات تركية».
ورغم القراءات التي تعزو القصف الروسي لمناطق نفوذ النظام والإيرانيين، ردًا على مضي قوات الأسد والحرس الثوري والميليشيات الأخرى في معركة حلب التي تنكفئ عنها موسكو، أوضح العميد إلياس حنّا أن «الروسي منكفئ في حلب، ربما بتنسيق مع الأميركي»، مذكرًا بالاجتماع الذي عقده نجل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مع وفد المعارضة السورية القريبة من النظام في سويسرا. وقال: «صحيح أن روسيا تفضل تأخير معركة حلب إلى حين تسلم الإدارة الأميركية الجديدة، لأن موسكو رابحة في كل الأحوال وتعتبر سوريا ورقتها الأقوى للتفاوض مع الأميركيين، بينما إيران والنظام يستعجلان الحسم في حلب لتحسين شروطهما على طاولة المفاوضات». وشدد حنّا على أن الإيراني «يسعى لتعزيز وضعه في المنطقة بالاستناد إلى فائض القوة لديه، بينما هدف موسكو وواشنطن في المرحلة المقبلة، إعادة إيران إلى حجم معين، لإحداث توازن في المنطقة برعاية روسية أميركية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».