موافقة أوروبية على مقترح روسيا إجراء مشاورات لحل مشكلة إمدادات الغاز

موسكو حذرت من المخاطر التي تهددها في حال التخلف في سداد الديون الأوكرانية

امدادات الغاز الروسية الى دول الاتحاد الأوروبي تمر عبر أوكرانيا
امدادات الغاز الروسية الى دول الاتحاد الأوروبي تمر عبر أوكرانيا
TT

موافقة أوروبية على مقترح روسيا إجراء مشاورات لحل مشكلة إمدادات الغاز

امدادات الغاز الروسية الى دول الاتحاد الأوروبي تمر عبر أوكرانيا
امدادات الغاز الروسية الى دول الاتحاد الأوروبي تمر عبر أوكرانيا

وافق الاتحاد الأوروبي على اقتراح موسكو بإجراء مشاورات بين الجانبين وبمشاركة أوكرانيا، حول أمن وإمدادات الغاز، ووصفت المفوضية الأوروبية الأمر بأنه نهج يسمح بعملية مفيدة للغاية للأطراف المشاركة في هذه المشاورات الثلاثية. جاء ذلك في رسالة بعث بها رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونشرت أمس في بروكسل، وجاءت ردا على رسالة وجهها بوتين في 10 أبريل (نيسان) الحالي إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي. وقال باروسو: «بعد مشاورات بين الدول الأعضاء الـ28 جرى تكليفي بالرد على رسالتكم». وبعد أن لمح باروسو إلى الشراكة الاستراتيجية بين الأطراف الثلاثة المشاركة في هذا النقاش، قال: «هناك حاجة إلى ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي لأوكرانيا على المدى البعيد، وبالتالي سيعود الأمر بالفائدة على كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا، ولهذا هناك مصلحة مشتركة في انطلاق النقاش بمشاركة أوكرانيا».
وأوضح باروسو في رسالته أن بروكسل لا تتفق مع موسكو في تقييمها للعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وأن التجارة غير المتوازنة بين الاتحاد الأوروبي وكييف هي التي عجلت بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها أوكرانيا، وقال رئيس المفوضية الأوروبية: «هناك برنامج يقوده صندوق النقد الدولي سيكون حيويا في استقرار الاقتصاد في أوكرانيا، ولكن نجاح هذا البرنامج مرتبط بمدى التزام كييف بجهود الإصلاح والتعاون مع جميع الشركاء الدوليين والوفاء بالتزاماتها الدولية، وفي المقابل سيقدم الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الشركاء الدوليين مساعدات مالية كبيرة لأوكرانيا في إطار صندوق النقد، هذا إلى جانب ما جرى الإعلان عنه في بروكسل من أفضليات تجارية سخية ومجموعة من التدابير التي تتضمن مساعدات أخرى».
وفيما يتعلق بملف الطاقة، قال باروسو إن العلاقة يجب أن تستند إلى أساس المعاملة بالمثل والشفافية، والإنصاف، وعدم التمييز، والانفتاح على المنافسة، واستمرار التعاون لضمان فرص متكافئة، لتوريد وعبور إمدادات الطاقة، وبشكل آمن.
وشدد باروسو على أهمية إجراء حوار منظم وشامل فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي، «وينبغي أيضا النظر في القضايا المتعلقة بديون الغاز لدى أوكرانيا وأسعار الواردات، ويجب أن نضع في الاعتبار احتياجات التمويل الخارجي مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين الآخرين».
وأشار باروسو أيضا إلى أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في مجال الطاقة يقوم على المصالح المشتركة، وفي هذا الصدد خاطب باروسو في رسالته الرئيس الروسي قائلا: «في رسالتكم أشرتم إلى ديون الغاز المعلقة لشركة (نفتوغاز) الأوكرانية وأنها السبب وراء التحول من جانب شركة (غاز بروم) الروسية إلى اتباع نظام الدفع المسبق، وهي سياسة قد تنتهي إلى في نهاية المطاف إلى وقف (غاز بروم) الروسية بشكل جزئي أو كلي إمدادات الغاز إلى أوكرانيا. وهذا التطور يسبب قلقا بالغا لنا، لأنه يحمل خطر انقطاع الخدمة في الاتحاد الأوروبي ودول أخرى شريكة، وتؤثر على تخزين الغاز في أوكرانيا وإمدادات الغاز لفصل الشتاء المقبل، مما يشير إلى أن إمدادات الغاز إلى أوروبا هي المعنية. وفي هذا الصدد أود أن أشير إلى عقود التوريد الموقعة بين شركة (غاز بروم) الروسية والشركات الأوروبية، وبالتالي فهناك مسؤولية على الشركة الروسية لضمان تسليم الكميات المطلوبة على النحو المتفق عليه في عقود التوريد، وهو أمر يضمن مصلحة روسيا في بقائها مصدرا موثوقا به في سوق الغاز العالمي».
وأبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للتباحث مع جميع الأطراف المعنية في مسألة الالتزامات التعاقدية وأن تتحقق على أساس أسعار السوق والقواعد والقوانين الدولية، وبحيث يضمن الاتحاد الأوروبي وبطريقة شفافة وموثوق بها عمليات عبور وتخزين الغاز في أوكرانيا، كما لمحت رسالة باروسو إلى أهمية إجراء مفاوضات لإيجاد حل من خلال آليات قانونية لمشكلة المتأخرات لدى أوكرانيا التي تطالب بها موسك،» و«يجب ألا تطرأ تغييرات على الترتيبات التعاقدية بسبب الظروف السياسية».
واختتم باروسو بالإشارة إلى تلميحات بوتين إلى إمكانية اللجوء في آخر المطاف إلى وقف إمدادات الغاز في حال حدوث مزيد من الانتهاكات في مجال المدفوعات من جانب أوكرانيا، وقال باروسو: «نحن نحث وبشدة على الامتناع عن مثل هذه التدابير التي من شأنها أن تخلق شكوكا حول مدى الثقة في روسيا بصفتها موردا للغاز إلى أوروبا، وأذكركم بآلية الإنذار المبكر التي جرى الاتفاق بشأنها في 2009 بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وتحديثها في عام 2011، التي تنص على ضرورة تفعيلها في حال حدوث أي حالات طوارئ ودون اتخاذ خطوات أحادية الجانب».
واختتم البيان الأوروبي الذي تضمن رسالة باروسو، بالإشارة إلى التأكيد على استعداد بروكسل لاستضافة المشاورات الثلاثية، وبحيث تساعد في الخروج بسيناريو لحماية آمن ونقل إمدادات الغاز، وفي الوقت نفسه خلق الظروف الضرورية لتعاون منظم، وسيقوم المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة غونتر أوتينغر بمعالجة هذه القضايا مع مسؤولي الطاقة في روسيا وأوكرانيا، وبعد إجراء اتصالات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأيضا اتصالات لتنظيم عقد الاجتماع الأول بين الشركاء.
وقبل أيام قليلة، قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إنها ترفض تسييس ملف الطاقة، وجاء ذلك رد فعل على التهديدات التي صدرت عن موسكو بوقف إمداد أوكرانيا بالغاز إذا لم تسدد كييف ديونها، ويأتي ذلك في وقت تساهم فيه عقود الغاز مع أوروبا بنحو 50 في المائة من ميزانية الفيدرالية الروسية بحسب تقارير إعلامية أوروبية، ويأتي ذلك أيضا بعد أن كشفت المفوضية الأوروبية عن قواعد جديدة للدعم الذي تقدمه حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لصناعة الطاقة المتجددة، بهدف إلغاء هذا الدعم تدريجيا في محاولة من جانب الحكومات لخفض أسعار الكهرباء وزيادة التنافسية بين صناعات الاتحاد الأوروبي المختلفة.
إلى هذا، قال مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل إنه تقرر عقد قمة مجموعة السبع في بروكسل يومي 4 و5 يونيو (حزيران) المقبل، وذلك تنفيذا لاتفاق جرى التوصل إليه بين قادة تلك الدول في اجتماع لها انعقد في لاهاي يوم 24 مارس (آذار) الماضي على هامش قمة الأمن النووي. وقد تقرر استبعاد روسيا من تلك الاجتماعات التي كانت تعرف باسم «مجموعة الثماني»، وكان مقررا لها أن تجتمع في يونيو المقبل في سوتشي الروسية. وجاء استبعاد موسكو بسبب الأزمة في أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا. وجاء في بيان أوروبي ببروكسل أن قادة الدول السبع الكبرى ستشارك في الاجتماعات إلى جانب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي ورئيس المفوضية.
وأكدت أوروبا رفضها لتسييس قطاع الطاقة في إشارة للضغط الذي تمارسه موسكو على أوروبا، وأشارت إلى ضرورة إجراء مباحثات لحل الأزمة. وقالت المتحدثة باسم اللجنة الأوروبية سابين بيرغيه: «إمدادات الغاز الآتية من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي ما زالت مستمرة بشكل طبيعي حتى اللحظة، ونحن نتوقع من روسيا احترام الالتزامات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإمدادات الغاز، وكذلك على أوكرانيا احترام التزاماتها بشكل مماثل».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن أن موسكو ستفي بالتزاماتها على صعيد إمدادات الغاز إلى البلدان الأوروبية بعد رسالته التي حذر فيها من المخاطر التي تهدد إمداد أوروبا بالغاز في حال عدم تأمين تسديد الديون الأوكرانية التي تقدر بالمليارات. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف: «نرحب بالتغييرات الأخيرة في موقف الاتحاد الأوروبي وبالدعوات إلى مشاورات بين روسيا والاتحاد الأوروبي والدول الشريكة، ونحن مستعدون أيضا للتطرق إلى المسائل المرتبطة بالرسالة التي وجهها الرئيس بوتين إلى قادة الدول الأوروبية التي تتلقى الغاز الروسي عبر أوكرانيا».
ويرى الخبراء أن سلاح الطاقة ذو حدين وقد يكلف روسيا أسواقها. وأكد كارل بيلت وزير خارجية السويد على هذه الفرضية قائلا: «على روسيا أن تتعلم من تجربة عامي 2006 و2009، عندما جرى استخدام سلاح الطاقة، وهذا الأمر قد يأتي بنتائج عكسية على روسيا، أقصد على المدى البعيد. وروسيا تعتمد كثيرا في دخلها على بيع الغاز أكثر من أوروبا». وأضاف: «أعتقد أن موسكو ستواجه مشكلة إذا استمرت في إنتاج الغاز دون بيعه.. إنهم سيواجهون مشكلات أكثر من أوروبا».
وتسببت الأوضاع في أوكرانيا في أسوأ أزمة بين روسيا والغرب منذ نهاية الحرب الباردة.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.