هادي يلتقي القيادات العسكرية ويشدد على استيعاب المقاومة في الجيش

تضييق الخناق على قوات الانقلابيين في تعز وإحباط خطط هجومية لهم في الجنوب

يمني ينظر إلى حجم الدمار الناجم عن المواجهات والقصف في تعز (أ.ف.ب)
يمني ينظر إلى حجم الدمار الناجم عن المواجهات والقصف في تعز (أ.ف.ب)
TT

هادي يلتقي القيادات العسكرية ويشدد على استيعاب المقاومة في الجيش

يمني ينظر إلى حجم الدمار الناجم عن المواجهات والقصف في تعز (أ.ف.ب)
يمني ينظر إلى حجم الدمار الناجم عن المواجهات والقصف في تعز (أ.ف.ب)

في إطار الترتيبات العسكرية الميدانية التي يجريها عقب عودته إلى عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، عددا من القيادات العسكرية في المنطقة العسكرية الرابعة، التي تضم محافظات عدن ولحج والضالع وأبين وتعز. وأطلع هادي القادة العسكريين على أبرز التطورات التي يشهدها اليمن على مختلف الصعد، ومنها ما يتصل بالجوانب العسكرية والميدانية التي تتطلب مزيدا من اليقظة والجاهزية القتالية والاهتمام بالتدريب النوعي، حسبما أفادت مصادر رسمية، أوضحت أيضًا أن الرئيس حث القادة على الضبط والربط العسكري باعتباره أساسا ونواة لبناء جيش وطني قوي قادر على حماية الوطن والدفاع عن الأرض.
وأشاد الرئيس اليمني بالتضحيات التي يقدمها منتسبو الجيش والمقاومة خلال معارك التحرير في مختلف الجبهات والمناطق، مشيرًا إلى أن تلك المقاومة، وبإسناد من قوات دول التحالف، أوجدت محافظات محررة ومستقرة. وشدد الرئيس هادي على ضرورة العمل بمسؤولية واحترافية مجردة بعيدًا عن الحسابات الدونية والضيقة باعتبار الوطن لم يتحرر بعد، «والأخطار محدقة تتطلب تطهير الوطن من شرورها لينعم اليمنيون بالأمن والاستقرار». وأكد الرئيس هادي تقديم كل أشكال الدعم الممكنة والمتاحة لمختلف الوحدات من حيث الإمكانات والتسليح والترقيم وإعادة التأهيل وصرف المعاشات لجميع منتسبي الجيش والمقاومة المستوعبة في إطار الوحدات القتالية.
بدورهم، وضع القادة العسكريون الرئيس أمام المعوقات والصعوبات التي تواجه سير المعارك والعمل الميداني في خطوط التماس، ومنها محور تعز شمال غربي محافظة لحج جنوب البلاد.
وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة الرئيس هادي للمنطقة ولقاءه بقياداتها من شأنهما تعزيز وضعية المؤسسة العسكرية وجاهزيتها القتالية واستعدادها وتنظيمها. وأضاف المصدر أن الرئيس هادي أعطى توجيهاته بشأن معالجة عدد من المشكلات، وتقديم الدعم الممكن والمتوافر لتلك الوحدات العسكرية، من ناحية تسليحها أو تأهيل أفرادها أو صرف المرتبات الشهرية لضباطها وجنودها وكذا كل من يتم دمجه وترقيمه في الجيش من أفراد المقاومة.
ميدانيًا، تمكنت قوات الجيش والمقاومة في جبهة مريس دمت شمال شرقي محافظة الضالع جنوب البلاد، من قتل وجرح نحو 70 مسلحًا من عناصر الحوثي وصالح، إضافة إلى أسر سبعة عناصر آخرين إثر اشتباكات وقعت أمس. وقال العقيد عبد الله مزاحم، قائد جبهة مريس دمت لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث يعد هزيمة نكراء للميليشيات الانقلابية التي شنت هجوما صباح أمس من مكان وجودها في قرية رمه شمال غربي مريس، موضحًا أن مقاتلي الجيش والمقاومة نجحوا في استدراجهم إلى وادي الرحبة وسون، وتطويق القوات المهاجمة وتكبيدها خسائر بشرية وعتادا. وأضاف مزاحم أن ما ذكره إحصائية أولية لعدد قتلى وجرحى الميليشيات الذين فاقت خسارتهم أي معركة خاضوها خلال الفترة الماضية، وتحديدًا منذ استعادتهم مدينة دمت مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
وأشار إلى سقوط قتيلين وجرح اثنين من عناصر الجيش والمقاومة، وما زالت الاشتباكات مستمرة، لافتًا إلى أن هجوم الميليشيات تم من ثلاثة محاور جميعها أحبطت وفشلت بفضل يقظة رجال المقاومة والجيش.
وتسيطر الميليشيات على مديرية دمت 60 كلم شمال الضالع منذ مطلع نوفمبر العام الماضي، وهي المديرية المتاخمة لمديرية الرضمة بمحافظة إب وسط البلاد. وطوال عام، تحاول الميليشيات استعادة المناطق التي خسرتها إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل في جبهتي مريس دمت والأخرى حمك العود شمال غربي الضالع.
وفي محافظة تعز، تمكنت قوات الجيش من تضييق الخناق على الميليشيات الانقلابية في مختلف جبهات القتال. وقالت مصادر عسكرية إن المواجهات تجددت بين قوات الجيش والميليشيات الانقلابية في حي الدعوة ومحيط القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات، شرق مدينة تعز، على إثر هجوم شنته قوات الجيش على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في محاولة مستميتة منها للتقدم والسيطرة على القصر والتشريفات، بعدما سيطرت على الأحياء والمواقع المحيطة بها.
وأعلن الجيش اليمني إفشال هجوم شنته الميليشيات على مواقعها في محيط المكلل وصالة، شرق تعز، والضباب ومحيط جبل الهان، غربا، بالإضافة إلى محاولة ميليشيات الحوثي وصالح استعادة معسكر الدفاع الجوي.
كما تجددت المواجهات في مديرية الصلو، جنوب المدينة، بعد هدوء متقطع، وتصدت فيه قوات الجيش لهجوم ميليشيات الحوثي وصالح في قرية الحود، الذي رافقها القصف العنيف والمتبادل، في حين تمكنت مدفعية الجيش من استهداف مواقع الميليشيات في تبة الدباعي وتبة الخزان، في جبهة حيفان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.