كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وجه تحذيرا لوزرائه ولنواب اليمين، المتحمسين لسن القانون الهادف إلى منح الشرعية القانونية للبؤر الاستيطانية، وتكبيل المحكمة العليا الإسرائيلية التي تعارضه. ونقل عن لسان نتنياهو قوله إن «المصادقة على هذا القانون، ستدخلنا جميعا إلى قفص الاتهام في محكمة لاهاي لجرائم الحرب».
وقالت هذه المصادر، إن نتنياهو الذي كان، في البداية، مؤيدا مشروع القانون المذكور، حتى لا يدخل في صدام مع المستوطنين داخل حزبه أو معسكره، تراجع عن موقفه، في أعقاب توصية المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي أوضح له، بأن المشروع يتنافى مع القانون الدولي والقانون الإسرائيلي على السواء، وأنه لا يستطيع الدفاع عنه في المحكمة. وقد حظي بتأييد وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، في موقفه هذا.
المعروف أن المشروع، جاء ليمنع إخلاء البؤر الاستيطانية، ويهدم كل البيوت التي بنيت فيها على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة. وقد جرى طرح المشروع بسبب قرار محكمة العدل العليا، هدم تسع بيوت في بؤرة الاستيطان عمونة، قرب بيت لحم. وقد كشف قرار المحكمة، في حينه، أن هناك آلاف البيوت الاستيطانية التي ينبغي هدمها للسبب نفسه. وقد هدد حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، ما يعني عمليا، إسقاط حكومة نتنياهو، في حال عدم سن قانون يمنع الهدم. فرضخ نتنياهو وجرى تمرير المشروع في اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريع، وكان من المفروض أن يطرح على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في جلسة اليوم، الأربعاء.
وقد دعا نتنياهو إلى جلسة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، الأحد، لبحث الموضوع، وشرح لوزرائه بأن هذا القانون خطير أكثر مما يتصورون. وأكد لهم، بأنه في حال إقرار القانون، سيطرح موضوع الاستيطان برمته على محكمة لاهاي. وعندها لن تقتصر المشكلة على البؤر الاستيطانية، بل سيطال البحث الاستيطان في الضفة الغربية أيضا، وكذلك في القدس الشرقية وهضبة الجولان. وحسب القانون الدولي، تعتبر هذه مناطق محتلة ولا يجوز لإسرائيل أن تنقل إليها سكانا من مواطنيها.
كما طرح نتنياهو ومستشاروه، سببا آخر يبرر الامتناع عن تمرير القانون، هو الفترة الانتقالية للرئيس الأميركي الحالي، باراك أوباما. وقال إنه يتخوف من إمكانية قيام أوباما بدفع الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني خطوة أخرى في مجلس الأمن الدولي، تكون المستوطنات في صلبها. وقالوا إن من شأن تمرير القانون، خلال الأسابيع القريبة، أن يدفع أوباما للحسم، ودعم اتخاذ خطوة في مجلس الأمن، أو الامتناع عن استخدام حق الفيتو خلال التصويت على القرار الذي يدفعه الفلسطينيون.
وامتنع نتنياهو عن طرح الموضوع للتصويت، وجرى تأجيل البحث إلى يوم أمس. لكنه ألغى الاجتماع في آخر لحظة، بدعوى أن طبيبه نصحه بأن يرتاح من أي عمل بسبب إصابته بالزكام. وقد اعتبر وزير المعارف وزعيم حزب المستوطنين الزكام ذاك «مرضا سياسيا»، وأعلن إصراره على طرح القانون على الكنيست في الموعد المقرر (اليوم).
وفي هذه الأثناء، يحاول المستشار القضائي للحكومة إيجاد حلول وسطى، يجري من خلالها، تطبيق القانون، وتنفيذ قرار المحكمة بهدم تسعة بيوت في مستوطنة عمونة، قبيل الخامس والعشرين من الشهر المقبل، وهو الموعد الذي حددته المحكمة كموعد أخير. ومن بين الاقتراحات التي طرحها، أن تهدم البيوت ويجري نقل سكانها إلى منطقة مجاورة من جهة، وسن قانون يمنع إعادة الأراضي لأصحابها الفلسطينيين من جهة أخرى. وقد اعترضت على ذلك منظمة «يش دين» (يوجد قانون)، التي تترافع عن أصحاب الأراضي الفلسطينيين التي أقيمت عليها عمونة، وهددت بالتوجه مرة أخرى إلى المحكمة لإجهاض هذا الحل. وقالت المنظمة في بيان لها: «بدلا من إنهاء المس المتواصل بأصحاب الأراضي الفلسطينيين، استسلم المستشار القانوني للضغوط السياسية ووافق على حل يمس القانون وبحقوق الملكية المحمية للفلسطينيين، يتعارض مع القانون الدولي». وقد التمست «يش دين» إلى العليا، من أجل السماح لسكان القرى المجاورة لعمونة بالعودة إلى أراضيهم، وستواصل النضال معهم دفاعا عن حقوقهم.
نتنياهو يحذر وزراءه من {لاهاي} في حال {شرعنة} الاستيطان
مستشاره القانوني أكد أنه لن يدافع عن مشروع القانون أمام أي محكمة
نتنياهو يحذر وزراءه من {لاهاي} في حال {شرعنة} الاستيطان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة