ترقب حذر في القطاع العقاري السعودي مع قرب مهلة «الأراضي البيضاء»

استمرار انخفاض الأسعار وتوقعات بالتوجه نحو التوازن

السوق العقارية السعودية تتأهب بحذر لمرحلة تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميسي)
السوق العقارية السعودية تتأهب بحذر لمرحلة تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميسي)
TT

ترقب حذر في القطاع العقاري السعودي مع قرب مهلة «الأراضي البيضاء»

السوق العقارية السعودية تتأهب بحذر لمرحلة تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميسي)
السوق العقارية السعودية تتأهب بحذر لمرحلة تطبيق رسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميسي)

بدأت السوق العقارية السعودية تتأهب لمرحلة تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، الأمر الذي قاد حجم الصفقات إلى الانخفاض بشكل ملحوظ، وسط بوادر تؤكد أن الأسعار أخذت في النزول، فيما أكد عقاريون أن المؤشرات الحالية تظهر أن القطاع يسير بسرعة كبيرة نحو التوازن، موضحين أن النزول المتتالي في مختلف القطاعات العقارية شمل مختلف قطاعات السوق ومنتجاته، عدا التجارية التي لا تزال تؤدي نتائج جيدة ولم تتأثر بشكل كبير.
وذكر خالد الدوسري الذي يدير استثمارات عقارية، أن فقدان السوق نحو 20 في المائة من قيمتها مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، معدل كبير يحتاج إلى خفض ملائم للسعر خصوصًا في ظل انخفاض الطلب.
وأضاف أن الدولة تسعى إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار، بشكل لا يستطيع معه كثير من الناس مجاراتها، ما يعكس حال السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين. لافتا إلى أن شريحة كبيرة من الناس تنتظر ما ستفضي إليه رسوم الأراضي البيضاء، من انخفاض حقيقي في الأسعار حتى تتمكن من الشراء.
واعتبر الدوسري أن السوق تترنح بين انخفاض للطلب يصاحبه انخفاض في القيمة، وهو ما يحدث منذ أكثر من 8 سنوات، وسيزيد مع انتهاء أيام المهلة الممنوحة لتسجيل الأراضي غير المطورة الخاضعة للرسوم.
وتوقع بمستقبل مليء بالصعوبات للتطوير العقاري إذا استمر بطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا معرفة توجه السوق وعقلية المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال الكافي للأسعار الحالية.
وأكد الدوسري أن القطاع قد يحقق مفاجآت خلال ما تبقى من العام الحالي، إذ سيبدأ تحصيل رسوم الأراضي البيضاء ما سيغير خريطة أداء العقار المحلي خصوصًا في معدل العرض والطلب وانخفاض الأسعار، بعد أن وصلت فقاعة العقار إلى أقصى درجاتها من دون مبرر لها.
وتستعد السوق العقارية المحلية بعد 12 يوما فقط، لدخول مرحلة فرز وتقييم الأراضي البيضاء غير المطورة الخاضعة لنظام الرسوم، لتبدأ الفوترة وتحصيل الرسوم المحتسبة عليها، وهو الموعد النهائي لانتهاء فترة التسجيل المحددة بستة أشهر التي منحها النظام لمالكي الأراضي البيضاء التي تبلغ مساحتها عشرة آلاف متر مربع فأكثر، وبانتهاء المرحلة الراهنة من تسجيل الأراضي البيضاء غير المطورة، سيعد مالك الأرض غير المسجلة خلال الفترة المحددة مخالفًا لأحكام النظام الصادر عن مجلس الوزراء، وتفرض عليه غرامة تصل إلى 2.5 في المائة من القيمة الراهنة للأرض، تضاف إلى الرسوم المفروضة على الأرض البالغة أيضًا 2.5 في المائة.
إلى ذلك، أوضح مشعل الغامدي الاستشاري في كثير من الشركات العقارية، أن المشكلة تكمن في أن سوق العقار السعودية تسير دون توجهات أو دراسات واقعية أو خطط أو حتى خطوات ثابتة في التوزيع لتغطية تنامي الطلب منذ عقود، وتعتمد السوق على ما يعرف بالعرض والطلب، وهو ما لا تلتزم به السوق، خصوصا في السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود طلب.
وتوقع أن يشهد القطاع العقاري مزيدًا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال إلى أكثر مما هو حاصل، خصوصا أن القطاع الآن يسير نحو المجهول في ظل العزوف الكبير عن الشراء. وتابع: «ما كان يحدث هو ترجمة للعشوائية التي كانت سائدة، أما الآن فالقرارات التاريخية أثمرت انخفاضا واضحا في القيمة».
وتحدث الغامدي عن تخوف يسود بين بعض المستثمرين في القطاع العقاري، عن قرب حدوث انخفاض حقيقي في الأسعار ما يحدث مفاجأة كبيرة، ولذلك بدأوا التضحية بالمكاسب الكبيرة في سبيل تجنب هذا السيناريو والحصول على السيولة، خصوصًا أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عمومًا.
وسجل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بنسبة 12.1 في المائة، ليستقر عند 3769 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 11.7 في المائة. وارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 20.1 في المائة، ليستقر عند 4181 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 13.3 في المائة. فيما سجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع ارتفاعا قياسيا وصلت نسبته إلى 206.2 في المائة، مستقرة عند 557.2 مليون متر مربع.
وأشار فارس الحربي، الذي يمتلك شركة الفارس العقارية، إلى أن بعض المستثمرين الصغار يحاولون التحرر من نتائج السوق، إذ إن هناك انخفاضا ملموسًا استجابة للضغوطات التي يعيشها القطاع العقاري، لافتًا إلى أن الذين يضعون معظم سيولتهم في العقار هم أكثر من يخفض السعر ويتفاوض مع المشتري، بعكس كبار المطورين الذين يضعون قيمة محددة نادرًا ما يتفاوضون عليها، لكنه لم يستبعد حدوث سيناريو جديد يميل إلى تخفيضات بالجملة للتوازن مع الأسعار الجديدة في ظل انحسار السيولة.
ولفت الحربي إلى أن ما يحدث في القطاع العقاري الآن أحدث صدمة للمستثمرين الذين يعيشون في حالة جمود كاملة عدا بعض الصفقات البسيطة التي لا ترتقي لحجم العقار السعودي، معتبرًا أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هي رضوخ التجار لواقع السوق وانخفاض الأسعار لمستويات يستطيع المشتري التملك بموجبها، لأن بقاء الحال على ما هو عليه لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة لتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».