وفاة فيدل كاسترو.. نهاية أم بداية مرحلة؟

التقارب مع الولايات المتحدة قد يشهد تعثرًا إثر انتخاب ترامب رئيسًا

يختبر بندقية خلال زيارة لفيتنام عام 1973 (أ.ف.ب)
يختبر بندقية خلال زيارة لفيتنام عام 1973 (أ.ف.ب)
TT

وفاة فيدل كاسترو.. نهاية أم بداية مرحلة؟

يختبر بندقية خلال زيارة لفيتنام عام 1973 (أ.ف.ب)
يختبر بندقية خلال زيارة لفيتنام عام 1973 (أ.ف.ب)

وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو أتت بعد ستين عاما بالضبط من وصول مركب غرانما، الذي كان يحمل مجموعة من الثوار الكوبيين، من المكسيك إلى شواطئ كوبا، والذي شكل بداية تمرد في الجزيرة الصغيرة الواقعة في أميركا الوسطى، التي تبعد 200 كيلومتر عن شواطئ الولايات المتحدة. استمر التمرد 25 شهرا، وانتهى بالإطاحة بالديكتاتور الكوبي المؤيد لواشنطن فولغينسيو باتيستا في الأول من يناير (كانون الثاني) 1959.
شقيقه راؤول كاسترو أعلن في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني: «توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية في الساعة 22:29 هذا المساء (في التوقيت المحلي)»، عن تسعين عاما، وأعلن مجلس الدولة «الحداد الوطني لتسعة أيام» اعتبارا من السبت وحتى الأحد 4 ديسمبر (كانون الأول).
يعتبر كاسترو أبًا للثورة الكوبية، لكنه حكم بلاده بيد من حديد، من خلال نظام سياسة الحزب الواحد، الصيغة التي كانت سائدة في دول المعسكر الشيوعي والاتحاد السوفياتي، وتحدى القوة الأميركية العظمى لأكثر من نصف قرن، قبل أن يسلم السلطة لشقيقه راؤول.
إعلان الوفاة استقبل بالفرح من الكوبيين، الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وخصوصا ميامي، وبصيحات: «كوبا حرة» و«حرية، حرية»، وسط التقاط صور السلفي والأهازيج على وقع الطبول والأواني.
وانتشر نبأ وفاة كاسترو الذي أعلن نحو منتصف الليل، بسرعة في شوارع هافانا، حيث عبر كثير من السكان عن ألمهم لرحيل «الكومندنتي»، كما يطلقون عليه. أما آخرون فكانوا يمسحون ساخرين على لحاهم، مقلدين كاسترو المشهور بلحيته، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسة.
وقال بائع السيجار ميشيل غونزاليز (30 عاما) للوكالة الفرنسية: «لقد فاجأنا النبأ جميعا، كنا نأمل حقا في أن يعيش لفترة أطول قليلا. لقد بدا في صحة جيدة في آخر ظهور له». ومن جانبه قال عامل المقهى ميغيل غونزاليز (24 عاما): «أنا مثل آلاف الكوبيين أشعر بمرارة، وحزين، لقد وقع الأمر فجأة».
بوفاة فيدل، كما يحلو لأبناء بلده تسميته مستخدمين الاسم الأول فقط، يغيب واحد من أهم السياسيين في القرن العشرين، وأحد رموز الحرب الباردة، الذي جعل من جزيرة صغيرة في الكاريبي محور اختبار قوة بين القوتين العظميين الأميركية والسوفياتية، قبل أن ينسحب من السلطة لدواع صحية. لكنه ورغم ذلك وتنازله عن السلطة لصالح شقيقه، فإن شبحه ظل يخيم على الأوضاع السياسية. «لن أتقاعد أبدا من السياسة، السلطة عبودية وأنا عبدها»، هذا ما كان يؤكده كاسترو الذي تحدى جاره الشمالي الجبار على مدى نصف قرن، قبل أن ينأى بنفسه عن الحكم اعتبارا من عام 2006.
تبناه نيكيتا خروتشيف، وأراد نصب صواريخ نووية في كوبا، فنشبت «أزمة الصواريخ» في أكتوبر (تشرين الأول) 1962، التي قادت العالم إلى شفير نزاع ذري، وخرج منها فيدل كاسترو بمرارة لعدم استشارته، بعدما تم التوصل إلى اتفاق بين القوتين العظميين.
مع سقوط الاتحاد السوفياتي، اضطر كاسترو في التسعينات إلى تقديم تنازلات خجولة للرأسمالية، عاد وتراجع عنها ما إن وجد حليفا جديدا في الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي توفي عام 2013، بعدما رفع على مدى سنوات شعلة حركة «كاسترية» جديدة.
لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991، سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي. وواجه السكان نقصا كبيرا في التزويد. وأعلن فيدل كاسترو عندها «فترة خاصة في زمن السلم» وتكهن كثيرون بنهاية نظامه. غير أن كاسترو، الذي اعتبر بطل الاستمرارية السياسية، وجد مصدرا جديدا للدخل مع السياحة، وخصوصا مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا، في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدمه فيدل كاسترو باعتباره «ابنه الروحي».
وأراد فيدل كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الأرجنتيني أرنستو تشي غيفارا، أن يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في أميركا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا، وخصوصا في أنغولا التي انخرطت فيها قوات كوبية لمدة 15 عاما. وساعد في النضال ضد نظام جنوب أفريقيا العنصري، وهذا ما قاله أمس اللورد بيتر هين في تصريحات لهيئة البث البريطاني (بي بي سي)، الذي أضاف أن العالم يجب أن يتذكر ما حققه كاسترو على الصعيد المحلي، من نظام تعليمي متطور ونظام صحي، اعتبر من بين أفضل الخدمات الصحية في العالم. نيلسون مانديلا اختار زيارة كوبا ليشكر كاسترو على نضاله في أفريقيا ضد نظام الأبرتايد.
وأثارت الثورة الكوبية حينها نوعا من الإعجاب، وافتخر النظام الكوبي بأنه قضى على الأمية وأقام نظاما صحيا ناجعا وناجحا، حسب تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية، في متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11.1 مليون نسمة، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في أميركا اللاتينية.
وقبل رحيله شهد فيدل قبل عامين الإعلان التاريخي عن التقارب بين كوبا والولايات المتحدة. وتطوي وفاته بذلك نهائيا صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم إلى حافة نزاع نووي أثناء أزمة الصواريخ في 1962.
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند دعا مباشرة بعد إعلان الوفاة إلى رفع الحظر عن كوبا «بشكل نهائي»، معتبرا أن كاسترو جسَّد الثورة الكوبية «بآمالها وخيباتها».
وحتى الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف، الذي كان نفسه وراء نهاية مرحلة الشيوعية، أشاد هو الآخر بالزعيم الكوبي الراحل، معتبرا أنه ترك «بصمة عميقة في تاريخ الإنسانية» وأنه قاوم الحصار الأميركي.
القرن الحادي والعشرين لم يكن قرن كاسترو، واعتبارا من 2001 أصيب بسلسلة من النكسات الصحية. ففي يوليو (تموز) 2006، أرغمته عملية جراحية على التخلي عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول، ذراعه الأيمن ووزير الدفاع منذ 1959. وفي فبراير (شباط) 2008، نقل السلطة إليه رسميا، وتحول القائد الأعلى فيدل إلى «جندي أفكار»، مكتفيا بنشر «تأملاته» في الصحافة الكوبية، وباستقبال بعض الشخصيات التي تأتي زائرة.
وسلَّم الزعيم الكوبي السلطة في 2006 لشقيقه راؤول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في 1965، بعد إصابته بالمرض. وفي أبريل (نيسان) 2011، تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي.
شقيقه راؤول يجد نفسه للمرة الأولى وحيدا في القيادة، وهو الذي كان قد أكد عند تعيينه أنه سيستشير «القائد الأعلى» في القرارات المهمة كافة. وبدأ راؤول، 85 عاما، منذ عشر سنوات عملية بطيئة لنزع بصمة فيدل عن النظام، ترجمت في أبريل باعتماد مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي الكوبي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة لإنقاذ كوبا من الإفلاس. كما رتب بعيدا عن الأنظار تقاربا تاريخيا مع الولايات المتحدة أعلن في منتصف ديسمبر، ليكشف بذلك عن نزعة برغماتية تناقض مناهضة شقيقه فيدل العميقة للولايات المتحدة. لكن هذا التقارب قد يشهد توقفا إثر انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وكان ترامب قد أبدى تحفظا على هذا التقارب، مؤكدا أنه سيبذل ما بوسعه «للحصول على اتفاق متين» مع هافانا، ملمحا إلى احتمال حدوث انتكاسة.
اختار الرئيس الأميركي المنتخب إرسال تغريدة عبر «تويتر» للتعبير عن رد فعله الأول على الوفاة، لكنه لم يتطرق في هذه المرحلة إلى تحفظاته على إعادة العلاقات التاريخية بين واشنطن وهافانا.
وفي أبريل الماضي، تحدث كاسترو عن إرث الشيوعية الكوبية، في وقت تسلك الجزيرة منذ نهاية 2014 تقاربا تاريخيا مع «العدو» الأميركي السابق، في انعطافة دبلوماسية اعتمدها شقيقه ولم يعارضها فيدل، حتى لو أنه يذكِّر دوما بريبته حيال واشنطن. وقال فيدل كاسترو في ختام مؤتمر الحزب الشيوعي الكوبي: «قريبا ينتهي أمري مثل جميع الآخرين. دورنا سيحين، كلنا». ولم يوضح راؤول كاسترو أسباب الوفاة، لكنه قال إن الجثة ستحرق. وقال: «بناء على رغبة عبَّر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه». وخلال هذا الأسبوع المخصص لذكرى الزعيم الكوبي الراحل، سينقل رماد فيدل كاسترو ليجوب كل أنحاء البلاد على مدى أربعة أيام.
وتنظم الجنازة الرسمية في الرابع من ديسمبر في سانتياغو دي كوبا، ثاني مدن البلاد (جنوب شرق) والتي تحمل رمزية كبرى؛ لأن فيدل كاسترو أعلن منها انتصار الثورة.



الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.