زيارة جاويش أوغلو لطهران غطت ملفي سوريا والعراق.. وبحثت عودة الدفء لعلاقات أنقرة ـ طهران

مصادر تركية لـ «الشرق الأوسط»: تقييم المواقف ضرورة فرضتها التطورات

زيارة جاويش أوغلو لطهران غطت ملفي سوريا والعراق.. وبحثت عودة الدفء لعلاقات أنقرة ـ طهران
TT

زيارة جاويش أوغلو لطهران غطت ملفي سوريا والعراق.. وبحثت عودة الدفء لعلاقات أنقرة ـ طهران

زيارة جاويش أوغلو لطهران غطت ملفي سوريا والعراق.. وبحثت عودة الدفء لعلاقات أنقرة ـ طهران

قام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يرافقه رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان بزيارة سريعة خاطفة إلى العاصمة الإيرانية طهران، أمس، حيث التقيا الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وعددًا آخر من المسؤولين، وتناول البحث التطورات الأخيرة في سوريا والعراق، إلى جانب العلاقات الثنائية.
مصادر دبلوماسية تركية أبلغت «الشرق الأوسط» أن الزيارة تقرّرت في ضوء التقييمات التي أجرتها أنقرة عقب القصف الذي تعرّض له جنودها في شمال سوريا، يوم الخميس الماضي، التي شملت اتصالات مع مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، في مقدمتها روسيا إلى جانب حلف شمال الأطلسي (ناتو) وواشنطن.
ولفتت المصادر إلى أن ثمة اعتقادا لدى بعض الدوائر في أنقرة بأن طهران ربما كانت على علم من النظام السوري بأمر القصف قبل وقوعه، أو كان لها دور في دفع النظام السوري لاستهداف العسكريين الأتراك بسبب الفتور غير المعلن مع تركيا. وهذا الفتور تجدّد بشكل ما في أعقاب رفع مستوى الاتصالات بينهما على خلفية الموقف الإيجابي الذي أبدته القيادة الإيرانية في دعم القيادة التركية بعد محاولة الانقلاب التي وقعت منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، إذ جرت اتصالات وتبادل وزيرا الخارجية الإيراني والتركي زيارتين خلال أغسطس (آب)، إلا أن الاتصالات هدأت بعد ذلك في ضوء استمرار التباين في المواقف بين أنقرة وطهران بشأن التعامل مع الوضع في سوريا، ووقوفهما على طرفي نقيض من رئيس النظام السوري بشار الأسد.
هذا، وخرجت عن لقاءات جاويش أوغلو - فيدان مع روحاني وظريف رسالة تشير إلى «اتفاق على الإطار العام» بشأن الوضع في سوريا، رغم ما يبدو أنه احتقان مكبوت. إذ شدّد الجانب الإيراني على أن استقرار المنطقة يجب أن يكون من أصول التعامل التركي - الإيراني، وفي المقابل، أكد الجانب التركي أن الحفاظ على وحدة أراضي العراق وسوريا ووحدتهما الوطنية يصب في مصلحة إيران وتركيا.
من ناحية أخرى، لامس روحاني التباينات في المواقف بين البلدين، عندما قال إنه «إذا وقفت القوى الإقليمية بعضها مع بعض، فإن أزمتي العراق وسوريا ستحلان من دون الحاجة لقوى خارجية». وزعم أن بلاده «تريد التوصل للسلام والاستقرار وعودة النازحين إلى منازلهم وإقامة الديمقراطية» في العراق وسوريا.
واعتبر الرئيس الإيراني أيضًا تقارب وجهات النظر بين الجانبين حول سوريا والعراق «يعود بالفائدة على السلام والاستقرار في المنطقة في ظل الأوضاع الحساسة» مطالبا أنقرة بـ«تعزيز التعاون وتبادل وجهات النظر والمشاورات في حل القضايا العالقة».
أيضًا، حاول روحاني أن يرطّب الأجواء المتوترة بين الطرفين عبر تذكير الجانب التركي بموقف طهران المعارض لمحاولة الانقلاب في تركيا، وفي الإطار نفسه وجه انتقادات إلى الدول الغربية بشأن مواقفها من الأحداث الأخيرة التركية، قائلا إنها «تتبع معايير مزدوجة في الديمقراطية لكنها عمليا ليست ملتزمة بحقوق الإنسان»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء «إيسنا» الحكومية.
في المقابل، جاويش أوغلو قال إن تعامل الدول الغربية مع قضايا المنطقة «يهدف إلى تحقيق مصالحها فقط». وذكر أنه يزور طهران بحثا عن تعزيز التعاون، مشددًا على «سلامة الأراضي العراقية» ومعتبرًا «وحدة الشعبين العراقي والسوري في صالح إيران وتركيا والسلام والاستقرار في المنطقة».. ثم أشار إلى أن تركيا تسعى إلى «إقامة هدنة» في سوريا تمهيدًا للوصول إلى مخرج سياسي وحرب شاملة على التنظيمات الإرهابية، وفق وكالة «إيسنا».
المصادر ترى أن زيارة المسؤولين التركيين استهدفت إطلاع طهران على المعطيات التي تجمعت لدى أنقرة وإنهاض قوة الدفع التي لم تدم طويلا على محور أنقرة - طهران، والتي باتت تفرضها التطورات الأخيرة سواء في سوريا أو العراق. ومعروف أن أنقرة تتحفّظ بشدة على الموقف الأميركي الداعم للميليشيات الكردية في شمال العراق، وتتهم واشنطن بالتنكر لوعودها بشأن إخراج عناصر الاتحاد الديمقراطي السوري وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية - ذراعه العسكري - من مدينة منبج بشمال سوريا، فضلا عما تراه تركيا أنه إبعاد لها عن عمليات حصار الرقّة، وتحريرها، التي اعتمدت فيها واشنطن على ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي يشكل الأكراد قوامها الرئيسي، ناهيك عن رفض واشنطن دعم الموقف التركي في عملية الموصل بشمال العراق التي كانت تركيا ترغب في المشاركة فيها.
ويذكر في هذا الصدد أن إيران انضمت إلى حكومة العراق في انتقادها الوجود العسكري التركي في معسكر بعشيقة (شرق مدينة الموصل) التي تقول أنقرة إنه جاء نتيجة لدعوة من حكومة «إقليم كردستان العراق» وبعلم حكومة حيدر العبادي في بغداد بعد موافقتها. بل لقد اتهم بعض المسؤولين الأتراك طهران، صراحة، بالوقوف وراء تشدّد العبادي بشأن وجود القوات التركية في بعشيقة، ووصفها إياها بأنها «قوات احتلال».
غير أن إيران، كما هو معروف، تشارك فعليًا وبالواسطة منذ 2011 في الحرب السورية بإرسالها قوات عسكرية تابعة للجيش والحرس الثوري، فضلا عن رعايتها ميليشيات من العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان «دفاعًا عن نظام بشار الأسد». ويشكك حاليًا مراقبون، حتى في طهران، في حقيقة تأثير الحكومة الإيرانية على الاستراتيجية العسكرية التي يتبناها الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق «القدس» قاسم سليماني المسؤول عن الملف السوري في إيران.
في هذه الأثناء، في شمال سوريا، فيما عرف بعملية «درع الفرات»، قتل جندي تركي وأُصيب ثلاثة آخرون، أمس السبت، في هجوم استهدف القوات المشاركة في العملية. كذلك أصيب 4 جنود أتراك من القوات المشاركة في درع الفرات، في هجوم استهدفهم، ليل الجمعة، قرب مدينة الباب، بالريف الشمالي الشرقي لمحافظة حلب. كذلك صعد الجيش التركي من تحركاته في إطار العملية وقصفت المقاتلات التركية أمس 12 موقعًا لتنظيم داعش المتطرف في الشمال السوري بحسب بيان لرئاسة أركان الجيش. ولفت البيان إلى تواصل عمليات الرصد والاستطلاع بشكل مستمر على الخط الحدودي مع سوريا بواسطة طائرات من دون طيار.
أما على الجانب الإيراني، فإن كلام روحاني أمام ضيفيه التركيين جاء بعد يومين فقط من إعلان قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري استعداد بلاده لإرسال مئات الآلاف من الجنود إلى سوريا. وكان يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد علي خامنئي العسكري، قال إن «دور إيران في سوريا يأتي في إطار إعادة توازن القوى في المنطقة» معتبرا الحرب السورية «فرصة لإيران ومنعطفا تاريخيا لدورها في المنطقة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.