مدينة صامدة تعيش معتادة على أصوات النار، كما عودها التاريخ وعلمها أهمية «الجغرافيا». مرّت بظروف كثيرة، واستمرت تنميتها، وسوقها المعتادة، وعلى جنباتها تتزين بعقد مراكز دفاعية من القوات المسلحة السعودية، ومراكز متفرقة لقوات حرس الحدود السعودي.
مدينة «الخوبة» (80 كيلومترًا جنوب شرقي العاصمة الإدارية جازان) كان ظهورها العالمي على الواجهة منذ أكثر من 5 أعوام، في أثناء مواجهة القوات السعودية للمتسللين من الحوثيين عبر حدودها مع اليمن، في أشهر ممتدة من عام 2009 حتى عام 2010.
تلك المدينة التي ود الحوثيون السيطرة عليها، سابقًا في ذلك العام قبل أن تدحرهم القوة السعودية، وتكرر ذلك لاحقًا، والتي عانت في أوائل الألفية كونها كانت منطقة تعرضت لـ«حمى الوادي المتصدع»؛ وقضي على المرض في غضون 3 أعوام.
لعله قدر الخوبة أن تكون رادعة، ليس للمرض وحسب، بل حتى للاعتداء العسكري، فهي تشي دومًا بأهمية إحكام السيطرة عليها، وعلى حدودها الطويلة الوعرة التي تخلق تحديات جمة، بتنوع كثافة السكان فيها الذين رحل بعضهم نحو مشاريع تنموية أكثر تطورًا، لتكون منطقة متاحة لمزارعهم، وآخرين آثروا البقاء في منازلهم، بعد أن تم تقييم مدى خطورة وجودهم. وهي تطل مع تقسيم أمني بمناطق ذات 3 ألوان طبقًا لدرجة الخطورة، والحمراء فيها ممنوعة على المدنيين ومحرمة بالإطلاق على المتسللين والانقلابيين.
قائد عسكري، يجيب «الشرق الأوسط» عن تعمّد استهداف الحوثيين الدائم للمدينة الهادئة، فيقول: «الخوبة في محافظة الحرّث هي جزء غال من الوطن، تمثل في موقعها أهمية استراتيجية». ويضيف المقدم الركن عبد العزيز المطيري: «هي ذات موقع يشرف على مجمل الحدود مع الجمهورية اليمنية، وهي تنال في كل مرة ردعًا قويًا من قبل الحماية السعودية عبر قطاعات وزارة الدفاع ووزارة الداخلية».
كلمات مهدت الطريق للرؤية عن قرب لمدينة حوت الخدمات، وأعادتها رياح الحرب إلى الواجهة. ففي الطريق إلى الخوبة، كانت مقرات الخدمة الصحية الحكومية متاحة للسكان الذين يقطنون خارج المنطقة الحمراء (منطقة تخضع لحماية ومراقبة الجيش السعودي وحرس الحدود). فالخوبة ذات الجبال الأربعة الشهيرة كانت محط بطولات خلال العامين الماضيين، ومن قبلها بطولات عامي 2009 و2010.
جبال شاهقة تحيط بتعرجات الحدود الصعبة، وحماية وقوة للمواقع السعودية: جبل الرميح، وجبل الدود، وجبل جحفان، وجبل تويلق، وجميعها تخضع للمراقبة من قبل لواء جبلي مدرّع متخصص وقطاعات أمنية حدودية، كان أبطالها في حد المواجهة للدفاع عن وطنهم. ولها من المزايا والتحديات الكثير، فمعظمها يشرف على بعض المراكز السعودية واليمنية المهمة، مثل مركز الحصامة اليمني الواقع قرب طرفه الجنوبي الشرقي، ومركز الجابري السعودي الواقع قرب طرفه الشمالي الغربي، كما أنه يشرف من الناحية الغربية على السهل الزراعي السعودي الواقع بين الخوبة والخشل.
الخوبة مدينة كانت قريبة من مناطق لبيع الأسلحة، قضت عليها القوات السعودية منذ عام 2010، وخلصتها من سوق كانت تستهدف أمنها، ولاقت جبالها أشرس الهجمات والدفاعات، وينسجم أهلها في دفاع آخر لحماية أرضهم بدعم جنود بلادهم.
ويقطن الخوبة حتى اليوم قرابة 20 ألف نسمة، انتقل معظمهم إلى مقرات حديثة في بلدة الحصمة التي لا تبعد سوى كيلومترات معدودة، وغيرها من المدن السكانية الحديثة، كبديل عن نمطهم القروي، منذ ما يزيد على 7 أعوام. وأنشأت الحكومة السعودية في الخوبة أكثر من 5 مراكز رعاية صحية أولية مجهزة بأحدث الخدمات، علاوة على مستشفى لمكافحة الأمراض المستوطنة، ومستشفى عام بسعة 50 سريرًا.
ويقول أحد سكانها من مزرعته: الخوبة عانت كثيرًا، لكنها تجاوزت كل شيء؛ عانت من أحداث وويلات محاولات التسلل الحوثية، واستهداف بعض المراكز الحدودية، لكنها تجاوزت ذلك، مشيدًا بتضحيات الجنود السعوديين، ومختتمًا بابتسامة: «الخوبة رغم ألمها، فإنها ما زالت تحلم، وقد حققت الأمل والتنمية، وستحقق الكثير بعد دحر الأعداء».
«الخوبة».. موقع استراتيجي ظل عصيًا على أطماع الحوثيين منذ 2009
مدينة صامدة تشهد الحرب الثانية في أقل من 5 أعوام
«الخوبة».. موقع استراتيجي ظل عصيًا على أطماع الحوثيين منذ 2009
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة