قانون بناء الكنائس في مصر يدخل حيز الاختبار على وقع محاولة إحداث فتنة طائفية

توقيف 14 شخصًا في جنوب البلاد بعد اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين

قانون بناء الكنائس في مصر يدخل حيز الاختبار على وقع محاولة إحداث فتنة طائفية
TT

قانون بناء الكنائس في مصر يدخل حيز الاختبار على وقع محاولة إحداث فتنة طائفية

قانون بناء الكنائس في مصر يدخل حيز الاختبار على وقع محاولة إحداث فتنة طائفية

طوقت قوات الأمن وجلسات صلح عرفية وقائع عنف طائفي في جنوب مصر، على خلفية «إقامة مسيحيين صلواتهم في دار للمناسبات»، وتعد الأحداث التي شهدتها قرية النغاميش في محافظة سوهاج منذ أول من أمس، هي الأولى منذ إقرار قانون ينظم بناء الكنائس، كان مأمولا أن ينهي أحد أبرز أسباب العنف الطائفي في البلاد.
وقال البرلماني جابر أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحداث بدأت عقب صلاة الجمعة.. المتشددون في القرية استغلوا الموقف ورددوا أنباء عن نية الإخوة الأقباط تحويل مضيفة إلى كنيسة، لكن لم يكن هذا صحيحا».
وكان النائب أحمد من بين المشاركين في جلسة الصلح بين مسلمي وأقباط قرية النغاميش في مركز دار السلام. وأوضح أن أقباط القرية لم يتقدموا بطلب للمحافظ من أجل بناء كنسية، وأضاف قائلا: «هم أصلا لا يعتزمون المطالبة بإنشاء كنيسة».
وتوجد أقرب كنيسة لأقباط قرية النغاميش، على بعد نحو 2 كيلومتر في قرية دير النغاميش المجاورة.
ويصعب الحصول على تقديرات دقيقة لأعداد المسيحيين في مصر بشكل عام أو مناطق توزعهم، وبحسب تقدير النائب عن الدائرة فإن «عدد الأقباط في هذه القرية كبير».
من جانبه، قال القمص سرغيوس سرغيوس وكيل البطريركية، لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نأمل في أن تنتهي هذه الأزمات مع إصدار القانون.. لكن الأمر يحتاج إلى إعادة بناء الثقافة لنصل حقا إلى المواطنة الكاملة.. نتفهم الأمر، 40 عاما من تنامي الفكر المتشدد لن ينتهي أثرها بين يوم وليلة».
ويسمح قانون بناء الكنائس الذي أقره البرلمان مؤخرا في أعقاب سلسلة من أحداث العنف الطائفي ببناء الكنائس بعد الحصول على ترخيص من المحافظ في القرى التي تتواجد بها كثافة مسيحية.
وتشير أحداث الجمعة الماضية على ما يبدو لاحتمالية أن تشهد البلاد موجة من أحداث عنف طائفي على خلفية بدء سريان القانون الشهر المقبل، بتوفيق أوضاع الكنائس التي أقيمت دون ترخيص، أو بناء كنائس جديدة في قرى ذات كثافة مسيحية. وقال محافظ سوهاج أيمن عبد المنعم إن الأجهزة الأمنية سيطرت على ما عده «بوادر أحداث طائفية» بين أهالي قرية النغاميش، وأضاف في بيان أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط، أمس، أن قوات الحماية المدنية سيطرت على الحريق الذي اشتعل بالمضيفة، وتبين أن المبنى مرخص بمضيفة وليس كنيسة، وقال إن الأحداث لم تسفر عن حدوث إصابات أو خسائر في الممتلكات.
لكن شهود العيان في القرية تحدثوا عن إحراق 15 منزلا وإصابة عدد من أقباط القرية جراء اشتباكات وتراشق للحجارة. وقال عمدة قرية النغاميش، محمد عبد المطلب الديب، في تصريحات له، إن «الأقباط حولوا مبنى مكونا من 4 طوابق إلى كنيسة وفيها قاعة كبيرة للصلاة منذ يوم الثلاثاء وذلك من دون ترخيص من الأجهزة الأمنية والمحلية مما أثار غضب الجانب المسلم».
وأضاف: «فوجئنا بتجمع أبناء القرية من المسلمين عقب صلاة الجمعة أمام الكنيسة وحاولوا اقتحامها وحدث تراشق بالطوب والحجارة بين الطرفين وتم حرق مضيفة خاصة بالمسيحيين بجوار الكنيسة وحرق بعض سيارات المسيحيين وأصيب خفير نظامي». وخلال الجلسة العرفية التي شهدتها القرية وعد محافظ سوهاج بإعادة ترميم المنازل التي أحرقت على نفقة المحافظة، بحسب النائب أحمد. وغالبا ما تتحفظ القيادات الكنسية ونشطاء مسيحيون على عقد جلسات عرفية لاحتواء أحداث العنف الطائفي، ويطالبون عادة بالاحتكام إلى القانون في مثل هذه الوقائع. وأشار محافظ سوهاج إلى أن جلسة صلح ودية عقدت بين أهالي القرية من المسلمين والأقباط في حضور القيادات الأمنية والشعبية والعمد والمشايخ، مضيفا أن الجلسة لن تمنع معاقبة من ارتكبوا الواقعة واتخاذ كل الإجراءات القانونية ضدهم. وفرضت قوات الأمن طوقا على القرية وألقت قوات الأمن القبض على 14، قالت إنهم تسببوا في الواقعة. وقال النائب أحمد إن الموقوفين من المسلمين. وقالت مديرية أمن سوهاج، في إخطار أمني حول الواقعة، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن مسؤولي مطرانية البلينا للأقباط الأرثوذكس قاموا باستغلال مبنى بقرية النغاميش لإقامة الشعائر الدينية من دون ترخيص. وأضافت أن عددا من مسلمي القرية تجمعوا أمام المبنى للتعبير عن استيائهم، مشيرة إلى أن قوات الأمن انتشرت في القرية لمنع أي تداعيات على الأقباط والسيطرة على الموقف وإخماد الحريق، وضبط 14 شخصا من المحرضين والمنفذين وتحرر محضر بالواقعة. وتشهد محافظات في صعيد مصر بين وقت وآخر أحداث عنف طائفي أبرزها في محافظة المنيا، بسبب خلافات على بناء وترميم الكنائس وتغيير الديانة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.