قوات التحالف الدولي تقاتل عناصر «داعش» وجهًا لوجه في ريف الرقة

تقارير من سوريا عن منع النازحين من العبور إلا في حال وجود كفيل كردي

أحد الثوار يأخذ وضعاً احترازياً لدى التعامل مع أحد الألغام التي خلفها تنظيم داعش شمال قرية دابق أمس (أ.ف.ب)
أحد الثوار يأخذ وضعاً احترازياً لدى التعامل مع أحد الألغام التي خلفها تنظيم داعش شمال قرية دابق أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات التحالف الدولي تقاتل عناصر «داعش» وجهًا لوجه في ريف الرقة

أحد الثوار يأخذ وضعاً احترازياً لدى التعامل مع أحد الألغام التي خلفها تنظيم داعش شمال قرية دابق أمس (أ.ف.ب)
أحد الثوار يأخذ وضعاً احترازياً لدى التعامل مع أحد الألغام التي خلفها تنظيم داعش شمال قرية دابق أمس (أ.ف.ب)

كشف قيادي كردي أن قوات التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، التي كانت مهمتها تقتصر على تأمين الدعم اللوجستي والاستشاري لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، باتت منذ انطلاق معركة تحرير محافظة الرقّة وعاصمتها الإدارية تقاتل جنبا إلى جنب مع ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية - التي تشكل العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لافتا إلى تواجد جنود أميركيين وأوروبيين فعليا على الأرض يقاتلون وجها لوجه عناصر «داعش».
ناصر منصور مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء إن جنودا أميركيين وآخرين تابعين للتحالف الدولي باتوا يقاتلون ولأول مرة في سوريا وجها لوجه عناصر «داعش»، مشيرًا إلى أنه في المعارك السابقة «كان هناك مستشارون وضباط يتواجدون في غرف العمليات، إضافة إلى مقاتلين أجانب منضوين ضمن (وحدات حماية الشعب). ولكن منذ انطلاق معركة الرقة، بات جنود تابعون للتحالف مباشرة يخوضون المعارك، علما بأن الجندي الأميركي الذي انفجر فيه لغم في تل السمن هو جندي بالجيش الأميركي». وأضاف: «قوات التحالف تقاتل حاليا جنبا إلى جنب مع وحدات حماية الشعب».
تجدر الإشارة إلى أن واشنطن أعلنت يوم أمس مقتل أول جندي أميركي في سوريا، وبالتحديد بالقرب من بلدة عين عيسى في ريف محافظة الرقة الشمالي، وذلك بانفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع. ونعى الجنرال ستيفن تاونسند، قائد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الجندي الذي قال: إنه توفي الخميس. إلا أن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الجندي هو الأول الذي تعترف بمقتله الولايات المتحدة الأميركية، ذلك أنها فقدت جنديين في وقت سابق خلال العملية التي نفذها «داعش» في يونيو (حزيران) الماضي وأدت لمقتل القيادي في ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» المسمى «أبو ليلى» قائد كتائب «شمس الشمال».
وحسب التقارير، تعيق «الكميات الضخمة من الألغام» التي يزرعها التنظيم المتطرف في القرى التي ينسحب أو يُطرد منها في ريف الرقة حركة المسلحين الأكراد الذين باتوا يتحدثون عن فترة طويلة ستستلزمها حملة «غضب الفرات» التي كانت قد انطلقت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) لطرد «داعش» من الرقة بدعم من التحالف الدولي.
وفي سياق الموضوع، صرح العميد طلال سلو الناطق الرسمي باسم «سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط» بأن الحملة مستمرة وآخر إنجازاتها تحرير بلدة تل السمن شمالي الرقة. وتحدث سلو عن «صعوبات كثيرة تعترضهم في مسار تقدمهم باتجاه المدينة، أبرزها (الكميات الضخمة من الألغام والتي تعمل على تفكيكها كتائب الهندسة، إضافة إلى السيارات المفخخة)». وأردف سلو أن «الحملة ستكون طويلة وصعبة من منطلق أن الرقة عاصمة التنظيم المتطرف وفقدانه السيطرة عليها سيعني تلقائيا إعلان نهايته».
أما نوروز، من «وحدات حماة المرأة الكردية»، فتحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن «تحرير ثلث قرية خنيز بعد السيطرة على جبل تل سمن الاستراتيجي»، موضحة أن «مسافة نحو 24 كلم تفصلهم عن مركز محافظة الرقة».
في المقابل، بحسب الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي فإن «معارك كر وفر مستمرة بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر داعش في منطقة الريف، ولا إمكانية للقول بتقدم أي من الفريقين على الآخر باعتبار أن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد صباحا يعود التنظيم ويسترجعها مساء».
وأوضح الرقاوي أن «أعداد النازحين من ريف الرقة الشمالي والأطراف الشمالية للمدينة باتجاه الريف الغربي والشرقي ومناطق سيطرة الأكراد تزداد بشكل يومي، إلا أن (قوات سوريا الديمقراطية) تمنع هؤلاء من العبور باتجاه مناطقها إلا في حال وجود كفيل كردي». وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط» في تصريحه «هم (الأكراد) أقاموا مخيما للنازحين على أطراف بلدة عين عيسى يؤوي بعض هؤلاء النازحين». غير أن نوروز، ترد على هذه الاتهامات نافية إياها تماما، مشيرة إلى «وجود آلاف النازحين في مناطقنا من كل سوريا.. حتى أن أعدادهم بات أكثر من أعداد الأكراد».
في هذه الأثناء، أفادت تقارير واردة من داخل مدينة الرقة أن تنظيم داعش يستولي على البيوت التي ينزح أهلها هربا ويسلمها لعناصره الفارين من مناطقه التي يخسرها في العراق والشمال السوري. وقال علي، أحد مدنيي الرقة الذين صُودرت منازلهم لناشطي «الرقة تذبح بصمت» إن منزله في مدينة الرقة «صودر عقب نزوحي مع عائلتي إلى ريف الرقة الشرقي، بعد إعلان الميليشيات الكردية نيتها بالهجوم على المدينة. وعند مراجعتي ديوان العقارات أخبروني بأنّ قرار مصادرة بيتي قد صدر قطعيًا، ولا يجوز أنّ أغلق بيتي وأسكن في بيتٍ آخر، (فمجاهدوهم) أولى أن يسكنوه على أن يبقى مغلقا».
أما على الصعيد العملياتي الميداني، فقد تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» يوم أمس عن تجدد الاشتباكات بين ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، في أطراف قرية الكالطة الواقعة بريف الرقة الشمالي، بالتزامن مع قصف الميليشيات الكردية على مناطق الاشتباك، واستهداف التنظيم تمركزات ومواقع ومناطق سيطرة هذه الميليشيات. ولفت إلى «مواصلة طائرات التحالف الدولي تحليقها في سماء ريف الرقة، وسط حركة نزوح متواصلة للمواطنين نحو مناطق بعيدة عن العمليات العسكرية».
ومن جهته، قال «مكتب أخبار سوريا» إن طيران التحالف الدولي نفذ يوم أمس ست غارات بالصواريخ الفراغية على قرية القحطانية وعلى الطريق الواصل بينها وبين مدينة الرقة الخاضعتين لسيطرة تنظيم داعش ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين وعنصرين من التنظيم وإصابة آخرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.