«الخوذ البيضاء» تحذّر من المجاعة في حلب: من لا يموت من القصف سيموت من الجوع

مدير عمليات المدينة السورية لـ «الشرق الأوسط»: صرخة أخيرة لعل الصوت يصل قبل فوات الأوان

أحد مراكز علاج النساء ويبدو مدمرا نتيجة أربع غارات حربية للنظام على مدينة إدلب شمال سوريا أمس (أ.ب)
أحد مراكز علاج النساء ويبدو مدمرا نتيجة أربع غارات حربية للنظام على مدينة إدلب شمال سوريا أمس (أ.ب)
TT

«الخوذ البيضاء» تحذّر من المجاعة في حلب: من لا يموت من القصف سيموت من الجوع

أحد مراكز علاج النساء ويبدو مدمرا نتيجة أربع غارات حربية للنظام على مدينة إدلب شمال سوريا أمس (أ.ب)
أحد مراكز علاج النساء ويبدو مدمرا نتيجة أربع غارات حربية للنظام على مدينة إدلب شمال سوريا أمس (أ.ب)

حذّر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في سوريا من مجاعة في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، معلنا أنّ أمامهم أقل من عشرة أيام لتلقي مساعدات إغاثة أو مواجهة المجاعة والموت بسبب نقص الإمدادات الطبية. وجاء التحذير وسط احتدام المعارك يوم أمس في محيط حي مساكن هنانو في حلب، والذي تحاول قوات النظام استعادة السيطرة عليه بشكل كامل بعد تمكنها من السيطرة على أجزاء واسعة منه.
وبينما تشتد برودة الشتاء يوجد نحو 275 ألف شخص محاصرين في شرق حلب حذّرت «منظمة الدفاع» المدني من مجاعة في سوريا، بعد نفاد المواد الغذائية. إذ قال عمار سلمو، مدير عمليات الدفاع المدني في حلب، إن تحذير المنظمة من المجاعة في حلب هو نتيجة ظهور «علامات الجوع» على الناس التي لم تعد تجد ما تأكله أو تشتريه من مواد غذائية في الأسواق والمستودعات، مضيفا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أطلقنا صرخة أخيرة علّ الصوت يصل قبل فوات الأوان».
وتابع سلمو «بعدما كان الناس يموتون من القصف اليوم بات الخوف من الموت نتيجة الجوع» وأوضح أنّه وبعد خروج كل مستشفيات المنطقة عن الخدمة تم تجهيز بعض النقاط الطبية لإسعاف الجرحى التي يجري العمل فيها على تضميد الجراح ومعالجة بعض الإصابات... إنما وفي أحيان كثيرة أصبح العلاج في المنزل أفضل من الذهاب إلى هذه النقاط التي بدورها تتعرض للقصف.
وحسب سلمو، فإن مركزا للدفاع المدني تعرض أمس للقصف ما أدى إلى تعطيل آلية، بينما خرج مستشفى التوليد الأخير في المنطقة عن العمل بدوره بشكل نهائي إثر تدميره بشكل كامل بعدما كان يعمل بشكل جزئي. وأضاف: «أصبحنا نفضل عدم الإعلان عن قصف النقاط الطبية أو مركز تابع للدفاع المدني، لأنه وفي كل مرة نعلن عن أمر كهذا يشتد القصف على المكان نفسه».
وأردف سلمو واصفًا وضع الجرحى في حلب بـ«الأسوأ» وقال: «لا العلاج اللازم متوفر لهم ولا الغذاء المطلوب. هؤلاء بحاجة إلى السوائل والخضار والفاكهة. كل ذلك لم يعد متوفرا. المياه باتت ملوثة والخضراوات والفاكهة شبه مفقودة». ويلفت إلى أنه وفي مدينة حلب التي لا تعتبر منطقة زراعية لجأ الأهالي إلى زرع بعض المساحات بالخضار، وخاصة في مساكن هنانو والسكري لكن بدورها عادت وتعرضت للقصف.
ثم أشار إلى أن الدفاع المدني وثق لغاية منذ بدء الحملة العسكرية على حلب في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي مقتل 350 مدنيا و823 مصابا و490 غارة وسقوط 2300 قذيفة وصاروخ أرض أرض، كما سجّل حالات اختناق بالغازات السامة، منهم ستة أشخاص من عائلة واحدة.
ومن جهة ثانية، قال رائد الصالح مدير «منظمة الدفاع المدني السوري» لـ«وكالة رويترز» أتوقع وقوع الضحايا بسبب الجوع.. بسبب قلة المواد الإسعافية بأقل من عشرة أيام. وأشار إلى أنّ الأطباء وموظفي الإغاثة في حلب يستخدمون فقط ما بقي من المعدات بعد عمليات القصف لفعل كل ما في وسعهم، وقد يعمدون إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة والموت بشأن من تجرى لهم الجراحة بسبب النقص الحاد في الإمدادات، لافتا إلى أن الخوذ البيضاء خسرت 50 في المائة من معداتها في الشهرين الماضيين. ثم استطرد «استنفدنا كل مخزون مستلزمات الإسعافات الأولية في مراكزنا واستنفدنا كل مخزوننا من الأقنعة الواقية من الغازات. نخشى أننا في غضون عشرة أيام قد نستهلك كل ما تبقى لدينا من مخزون الديزل اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف والشاحنات». وحول السلاح الكيماوي قال الصالح «إن العاملين لديه تعاملوا مع نحو عشر هجمات بالكلور في حلب في الأيام العشرة الماضية آخرها يوم الأربعاء»، وكان قد وثق المرصد هجومين بغاز الكلور على مدى الأيام الأربعة عشر الماضية.
من جهة أخرى، قالت إنجي صدقي، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق لوكالة الأنباء الألمانية إن الوضع الإنساني داخل منطقة شرق حلب «يزداد سوءا يوما بعد يوم». وتابعت صدقي «إن المخزون الغذائي آخذ في التراجع، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والعدس والحليب». وأضافت شارحة أن مخزون الوقود يتراجع بشكل خطير في معظم الأحياء في المدينة، وأن الكثيرين محرومون بشكل كامل من الكهرباء والتدفئة في موسم الشتاء الحالي، و«تعتمد المخابز والمستشفيات والمنازل على المولدات وفي بعض الحالات يتم توقيف المولدات، مما يترك المدنيين في الكثير من الأحياء من دون أي مصدر للكهرباء».
في هذه الأثناء، ميدانيا، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تقدم قوات النظام في حي مساكن هنانو حيث باتت قوات النظام تسيطر على 60 في المائة منه، في حين قالت فيه المعارضة إنها نجحت في استعادة بعض النقاط.
وإذا ما استطاع النظام السيطرة على مساكن هنانو فسيتمكن من أن يكشف أمامه حي الصاخور، ما يتيح له شق المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى قسمين عبر عزل الشمال عن الجنوب.
ويوم أمس، كان «المرصد» قد أفاد عن مقتل وجرح عدة أشخاص جراء القصف المستمر من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها على مناطق في أحياء مساكن هنانو والمشهد والشعار وكرم الجبل وطريق الباب ومناطق أخرى في أحياء حلب الشرقية، بالتزامن مع القصف الجوي على مناطق في هذه الأحياء.
وفي المقابل، قال مصدر ميداني في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنّ المعارضة تمكنت من استعادة معظم النقاط التي سيطر عليها النظام في الساعات الأخيرة، واصفا الاشتباكات التي شهدتها مساكن هنانو أمس، بـ«الشرسة».
ولقد أدى القصف الجوي والمدفعي للنظام السوري على الأحياء الشرقية لحلب إلى مقتل 32 مدنيا بينهم خمسة أطفال بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم أول من أمس.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.