مع التقدم النوعي في إخماد الحرائق المهولة التي ضربت إسرائيل وتصاعد الشكاوى بسبب إهمال الحكومة في منعها وفي معالجة المصابين وإخلاء الضحايا، وتصاعد تهديدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه ضد العرب بدعوى أنهم يديرون انتفاضة نيران، كشف النقاب بأن أحد الحرائق نشبت بسبب قنابل الصوت التي قذف بها رجال الشرطة الإسرائيلية باتجاه مواطنين فلسطينيين، اشتبهت بأنهم تسببوا في أحد الحرائق. فيما تسبب تحريض الحكومة في انتشار موجة شتائم وتهديدات عنصرية يهودية ضد العرب في الشبكات الاجتماعية، بلغت حد إصدار فتوى من أحد رجال الدين اليهود، أحل فيها قتل أي عربي يحرق حرجا.
وبدأت موجة الحرائق، التي اجتاحت 220 منطقة في إسرائيل وبعض المناطق في الضفة الغربية، تخبو بعد ظهر أمس بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها طواقم الإطفاء، وبينها أربع سيارات متطوعة من السلطة الفلسطينية، وطائرات الإطفاء، وبينها طائرة روسية عملاقة وعشر طائرات أخرى من اليونان وقبرص وكرواتيا وإيطاليا وتركيا. وفي حيفا، التي تلقت الضربة الأكبر في هذه الحرائق، سمح للمواطنين بالعودة إلى بيوتهم، باستثناء 70 عائلة احترقت بيوتها بالكامل. لكن حريقا كبيرا نشب في غابات القدس الغربية أمس، إضافة إلى حرائق صغيرة في الناصرة العربية وفي قرى الشاغور في الجليل (الرامة ونحف وبيت جن وساجور) وفي الضفة الغربية (قرب مستعمرة أرئيل القائمة على أراضي نابلس).
وأعلنت قيادة الدفاع المدني أن الوضع (أمس أخف وطأة من سابقه)، لكنها أكدت أنها ستبقي الطائرات الأجنبية تحسبا لأي طارئ، موضحة أنها قررت تفعيل اتفاق التبادل مع نظيرتها الأميركية، الذي يتيح لها الاستنجاد ببضع مئات من رجال الإطفاء الأميركيين، الذين يتوقع وصولهم غدا الأحد، للمساهمة في إخماد ما تبقى من الحرائق ومواجهة أي تطورات أخرى.
وإزاء تحريضات نتنياهو رد أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، محذرا «لن تستطيع الهرب من نيران الانتقاد الجماهيري بتوجيهها كنار حقد وكراهية للعرب، فقصور حكومتك واضح، وعلى الجمهور والمؤسسات البرلمانية والقضائية أن تحاسبك»، مؤكدا أنه «حتى لو كان هناك بعض الشبان العرب هم الذين أشعلوا النار، فإنهم قد أشعلوها في عشرة حرائق أو عشرين، ولكن إسرائيل شهدت 220 حريقا في غضون ثلاثة أيام. و13 حريقا منها وقعت في بلدات عربية. والحكومة فشلت في معالجة قسم كبير منها لأنها لم توفر ميزانيات كافية لفرق الإطفاء، وفضلت صرف الأموال على الأسلحة وشراء الغواصات، التي يستفيد منها أصدقاء وأقرباء نتنياهو».
وقبل أن تنتشر تصريحات نتنياهو، كشف النقاب عن أن رجال الشرطة وحرس الحدود الإسرائيليين طاردوا بعض الفلسطينيين بدعوى أنهم حاولوا إشعال حريق قرب إحدى مستوطنات الضفة الغربية، وخلال المطاردة قذف الجنود قنبلة صوتية طائشة، وصلت إلى حرج قريب وأدت إلى إحراقه.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية 14 شابا عربيا من فلسطينيي 48 بشبهة تنفيذ عمليات إحراق في مختلف المناطق، لكن ذويهم رفضوا هذه الاتهامات وقدموا دلائل تؤكد أنهم لم يشاركوا في هذه العمليات.
وكان عدد من الخبراء الإسرائيليين قد أوضحوا أن المشكلة الأساسية في هذه الحرائق تكمن في حالة الطقس من جهة، وفي إهمال قوات الإطفاء من جهة ثانية. فيما أكد مسؤولون في جهاز الإطفاء أن جهاز منع نشوب الحرائق قد تم إهماله ولم يحظ بالاهتمام المناسب.
من جانبه، قال زيف داشا، رئيس مجلس محلي زخرون يعقوب، الذي تولى منصبه قبل شهور، إن السلطة المحلية لا يمكنها تنفيذ أعمال كهذه بتكلفة عشرات ملايين الشواقل (عملة إسرائيل)، خاصة أن السلطة المحلية تعاني من عجز مالي في ميزانيتها، موضحا أن «ثمة حاجة إلى خطة عمل تُنفذ خلال عدة سنوات والحكومة ملزمة بالتدخل والمساعدة بميزانيات».
وأكد بعض خبراء الأرصاد الجوية أن الحرائق المشتعلة حاليا في البلاد ليست ظاهرة عفوية، وأن الاتجاه هو أن تتصاعد في السنوات القريبة. كما أنها ليست ظاهرة مرتبطة بالبلاد فقط، حيث تندلع سنويا حرائق في غابات بحجم أكبر بكثير في كافة مناطق البحر المتوسط، بينها إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا، وكذلك في كاليفورنيا في الولايات المتحدة وفي أستراليا.
وقال حانوخ تسوريف، مدير منطقة القدس في الـ«كيرن كييمت ليسرائيل» (المؤسسة التي تتولى مسؤولية الأحراج والمحميات الطبيعية)، إن «الحرائق مرتبطة بتغير المناخ الذي بات مثبتا علميا. ففصل الشتاء يبدأ متأخرا، وشهر نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، أصبحا جافين جدا، مع رياح قوية ورطوبة لا تزيد عن نسبة 10 في المائة، كما أن الرياح المتواصلة والقوية تجفف النباتات أيضا، وتجعلها مادة قابلة للاشتعال بامتياز. إلا أن الظاهرة المناخية في الأيام الأخيرة نادرة للغاية».
في غضون ذلك، أصدر مردخاي آلياهو، أحد كبار حاخامات اليهود في المستوطنات، والمعروف بتحريضه الدائم ضد العرب، فتوى جديدة أمس، يحل فيها قتل العرب بسبب الحرائق التي اشتعلت في مناطق مختلفة في البلاد.
وقال آلياهو بعد ساعات من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي في رسالة مكتوبة بثها على الشبكات الاجتماعية، إنه «لو أطلقوا النار على الذين كانوا قد أشعلوا الحرائق في بيت مئير وكرميئيل وحيفا، لما وقعت هذه الكارثة... وآمل أن يصدر رئيس أركان الجيش والمفتش العام للشرطة أوامر واضحة للجنود وأفراد الشرطة والمواطنين بقتل من يشعلون النار، فهذه هي مسؤوليتهم».
وكتب حاخام مدينة صفد شموئيل على صفحته في موقع «فيسبوك»، صباح أمس، أن «رئيس الحكومة وصف إشعال الحرائق بأنه إرهاب. وأحد مسؤولي الشاباك وصف ذلك بأنه سلاح للإبادة الجماعية. وبأعجوبة لم يحترق أشخاص أحياء لكن لا ينبغي الاعتماد على المعجزات. وبالتأكيد مسموح، بل هذه فريضة، تدنيس السبت من أجل وقف النيران ومشعليها. وإذا اقتضى الأمر، يجب إطلاق النار عليهم أيضا».
الحرائق تخبو تدريجيا في إسرائيل... واعتقال 14 عربيا بتهمة ارتكابها
نتنياهو يهدد بإحراق الفاعلين.. والتحقيقات: الشرطة تسببت في حريق واحد على الأقل
الحرائق تخبو تدريجيا في إسرائيل... واعتقال 14 عربيا بتهمة ارتكابها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة