وفقًا لتغريدتين صدرتا عن الرئيس المنتخب دونالد جي. ترامب، فإنه حقق نصرًا صعبًا لصالح شركات صناعة السيارات الأميركية بإقناعه شركة «فورد موتور» بالإبقاء على مصنعها في لويفيل بكنتاكي، بدلاً من الانتقال إلى المكسيك.
بيد أن الحقيقة كانت مختلفة بعض الشيء، ذلك أن «فورد» لم تعلن من قبل قط عزمها نقل مصنع لها إلى المكسيك، وإنما تعلق الأمر برمته بنقل إنتاج سيارة «لينكولن» الرياضية الصغيرة متعددة الأغراض إلى هناك، بحيث تخصص كامل المصنع القائم في لويفيل إلى طراز آخر أكثر مبيعًا.
الآن، تبدل هذا القرار ـ لكن في كلتا الحالتين لن يكون له تأثير على الوظائف داخل المصنع، ذلك أن المصنع يعمل بالفعل طيلة 24 ساعة بكامل قدرته.
أما القرار الأخير الذي أعلنت «فورد موتور» أنها اتخذته قبل المحادثة الهاتفية التي أجراها ترامب، الخميس، بويليام كلاي فورد، المدير التنفيذي للشركة، فيعني ببساطة الإبقاء على المزيج الإنتاجي الحالي داخل المصنع.
ويعني ذلك أن مصنع لويفيل سيستمر في إنتاج عدد أكبر بكثير من «فورد إسكيب»، وهي سيارة رياضية صغيرة متعددة الأغراض أقل رفاهية عن نموذج لينكولن «إم كيه سي».
جدير بالذكر أنه أثناء الحملة الانتخابية، كانت «فورد» هدفًا مستمرًا لانتقادات ترامب بسبب نقلها وظائف إلى المكسيك، ومن المؤكد أن قرارها الأخير بالإبقاء على إنتاج «لينكولن كيه إم سي» يأتي بمثابة غصن زيتون سياسي، رغم كون الخطوة رمزية في الجزء الأكبر منها.
وعلى ما يبدو، فقد بالغ ترامب في تفسير تداعيات القرار الأخير، وربما توحي هذه الخطوة الأخيرة من جانب «فورد موتور» بأن وعود ترامب بالحفاظ على واستعادة وظائف بقطاع السيارات لا يستلزم تغييرات كبرى من جانب الشركات المصنعة للسيارات.
وكان من شأن التعهدات التي أعلنها ترامب لحماية الوظائف بمجال التصنيع داخل الولايات المتحدة، معاونته في الفوز بتأييد الناخبين من أبناء الطبقة العاملة، بما في ذلك الكثير من عمال المصانع في ميتشيغان وأوهايو وكنتاكي، ومساء الخميس الماضي، عمد إلى التأكيد على هذه الرسالة عبر تغريدات أطلقها من خلال «تويتر».
وفي إحدى التغريدات، كتب: «تلقيت لتوي اتصالاً هاتفيًا من صديقي بيل فورد، المدير التنفيذي لشركة فورد، يخبرني أنه سيبقي على مصنع إنتاج (لينكولن) في كنتاكي - ولن ينقله إلى المكسيك».
وفي تغريدة تالية، كتب أنه: «عملت بجد مع بيل فورد على الإبقاء على مصنع لينكولن في كنتاكي، هذا أمر أدين به إلى ولاية كنتاكي العظيمة والثقة التي منحتني إياها!».
إلا أنه في واقع الأمر، انطوت التغريدات على مبالغات في بعض النقاط.
بداية، المصنع المعني هنا غير مخصص بصورة أساسية لإنتاج طراز «لينكولن»، فسيارة «كيه إم سي» تشكل قرابة 10 في المائة فقط من مجمل إنتاجه.
وتعد «كيه إم سي» النسخة الأغلى سعرًا من «فورد إسكيب» التي تحقق مبيعات أعلى بكثير عن «كيه إم سي»، ويُعتبر إنتاج «إسكيب» فقط كافيًا للإبقاء على مصنع لويفيل قائمًا وعاملاً بكامل قدرته.
إضافة لذلك، فإن قرار الإبقاء على إنتاج «كيه إم سي» في لويفيل جرى اتخاذه قبل حديث الرجلين معًا، الخميس، ولم يأت نتاجًا للحديث الذي دار بينهما، تبعًا لما أعلنته «فورد».
من ناحيتها، قالت كريستين بيكر، المتحدثة الرسمية باسم الشركة، في بيان أصدرته الجمعة: «عكفنا على مراجعة مسألة تعهيد هذا المنتج، وتحدث بيل فورد إلى الرئيس المنتخب بالأمس وأطلعه على قرارنا الصادر مؤخرًا بالإبقاء على إنتاج (لينكولن كيه إم سي) في كنتاكي، وشجعنا على ذلك أن السياسات الاقتصادية التي سيتبعها ستحسن مستوى التنافسية الأميركية وستجعل من الممكن الإبقاء على إنتاج مثل هذه السيارة داخل الولايات المتحدة».
من جانبه، عقد المسؤول المالي بالشركة، روبرت إل. شانكس، مؤتمرًا عبر الهاتف مع عدد من المحللين، صباح الخميس، أعرب خلاله عن أمله في أن تنجح سياسات ترامب في «توفير بيئة تخلق منطقا اقتصاديا وجيها وراء بناء وظائف صناعية داعمة هنا».
إلا أن شانكس استطرد بأن أسلوب ممارسة ترامب للحكم ربما يكون «مختلفًا بعض الشيء، لذا دعونا ننتظر ونرى ما سيحدث».
يُذكر أنه أثناء الحملة الانتخابية، وجه ترامب انتقادات لاذعة إلى «فورد» لنقلها جميع نشاطات إنتاج سياراتها الصغيرة إلى المكسيك، بل ولمح أحيانًا بمعاقبة «فورد» وشركات أخرى بفرض تعريفة بنسبة 35 في المائة على السيارات القادمة من المكسيك.
في المقابل، أكدت «فورد» أن نقل تجميع السيارات الصغيرة إلى مصانع مكسيكية لن يؤثر على الوظائف الأميركية.
على سبيل المثال، من المقرر أن يجري تحويل مصنع قائم في واين بميتشيغان ينتج حاليًا طراز «فورد فوكس» الذي يحقق مبيعات واهنة، إلى إنتاج شاحنات وسيارات رياضية متعددة الأغراض والتي تحقق مبيعات جيدة.
وأوضحت «فورد» أن هوامش الربح الأعلى من وراء الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض تمكنها من استيعاب تكاليف العمل الأعلى لبناء مركبات داخل الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تبقى طاقة العمل البالغة 3700 عامل داخل مصنع واين باقية دونما تغيير.
في أكتوبر (تشرين الأول)، وأثناء حديث له أمام مراسلين خلال مؤتمر معني بتكنولوجيا السيارات، أعرب فورد عن إحباطه حيال الانتقادات التي كان ترامب يوجهها آنذاك إلى الشركة.
وقال: «إننا نمثل كل شيء ينبغي له الشعور بالفخر إزاءه في هذا البلد»، مشيرًا إلى أن الشركة تنتج عددًا من السيارات والشاحنات داخل الولايات المتحدة أكبر من أي من منافسيها وأنها تستثمر في مصانعها داخل الولايات المتحدة وتضيف إليها مزيدًا من الوظائف.
وقال فورد متحدثًا عن ترامب: «وهو يعلم كل ذلك، لكن ليس بوسعي السيطرة على ما يصرح به».
هذا الأسبوع، تحدث الرئيس التنفيذي لـ«فورد»، مارك فيلدز، أمام حشد في معرض لوس أنجليس للسيارات، مشددًا على التزام الشركة بنقل نشاط تجميع السيارات الصغيرة مثل «فوكس» إلى المكسيك.
وجاء القرار المتعلق بـ«كيه إم سي» ليمنح «فورد» بعض الأنباء السارة لتمريرها إلى ترامب.
كانت «فورد» ترغب في نقل «كيه إم سي» إلى مصنع آخر بهدف زيادة إنتاج «إسكيب»، وهذا التغيير كان مخططا تنفيذه عام 2018.
وما يزال باستطاعة الشركة زيادة إنتاج «إسكيب» بتقليل أعداد «كيه إم سي» التي تنتجها في لويفيل، أو يمكنها نقل طراز «لينكولن» إلى مصنع آخر داخل الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تظل قوة العمل داخل مصنع لويفيل دون تغيير حتى حال نقل «كيه إم سي» لمصنع آخر.
جدير بالذكر أن المصنع يوظف 4500 عامل يعملون في ثلاث نوبات، وينتجون السيارات طوال الـ24 ساعة تقريبًا.
خلال الشهور الـ10 الأولى من هذا العام، أنتج المصنع قرابة 300 ألف سيارة «فورد إسكيب» وما يزيد قليلاً عن 37 ألف سيارة «لينكولن إم كيه سي».
المعروف أنه في إطار صناعة السيارات، يُعد مصنع ما عاملاً بطاقة 100 في المائة إذا ما عمل نوبتين يوميًا، وعادة ما ينتج ما بين 200 ألف و250 ألف سيارة سنويًا.
* خدمة « نيويورك تايمز»
خطط «فورد» الاستثمارية في المكسيك لن تؤثر على الوظائف الأميركية
ترامب يتباهى بنصر غير حقيقي
خطط «فورد» الاستثمارية في المكسيك لن تؤثر على الوظائف الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة