مباحثات الروس وقادة الفصائل حول حلب.. والمعارضة: إيران تضغط لإفشال الاتفاق

الأمم المتحدة تنتظر الضوء الأخضر من موسكو والنظام لإدخال المساعدات وإجلاء المرضى

قوات الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) في مدينة حلب تنتشل طفلاً من تحت الأنقاض عقب إلقاء برميل متفجر على حي باب النيرب في القسم المحاصر من المدينة أمس   (أ.ف.ب)
قوات الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) في مدينة حلب تنتشل طفلاً من تحت الأنقاض عقب إلقاء برميل متفجر على حي باب النيرب في القسم المحاصر من المدينة أمس (أ.ف.ب)
TT

مباحثات الروس وقادة الفصائل حول حلب.. والمعارضة: إيران تضغط لإفشال الاتفاق

قوات الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) في مدينة حلب تنتشل طفلاً من تحت الأنقاض عقب إلقاء برميل متفجر على حي باب النيرب في القسم المحاصر من المدينة أمس   (أ.ف.ب)
قوات الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) في مدينة حلب تنتشل طفلاً من تحت الأنقاض عقب إلقاء برميل متفجر على حي باب النيرب في القسم المحاصر من المدينة أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة موافقة المعارضة على خطة إدخال المساعدات وإجلاء المرضى من الأحياء المحاصرة في حلب الشرقية، مشيرة إلى أنها لا تزال في انتظار الضوء الأخضر من روسيا والنظام السوري، في وقت بدأت فيه يوم أمس اجتماعات في أنقرة بين قياديين من فصائل المعارضة في حلب ومسؤولين روس للبحث في الخطة «التركية – الروسية» التي تحمل اقتراح «الإدارة الذاتية في أحياء حلب الشرقية»، وهو ما سبق للنظام السوري أن رفضه، فيما لفتت معلومات إلى موافقة موسكو عليه. يأتي ذلك، بينما نفت الأمم المتحدة، أمس، شائعات حول استقالة مبعوثها الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا. وقالت الأمم المتحدة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «المبعوث الخاص يبقى ملتزما تماما بمهمته».
وفي هذا إطار اجتماعات أنقرة، قال عضو المجلس العسكري في «الجيش السوري الحر» رامي دالاتي، الذي شارك في اجتماع أنقرة: إن طهران تحاول إفشال التوصل إلى اتفاق في حلب، وقال لـ«الشرق الأوسط» «إن هناك محاولات روسية بوساطة تركية لفرض هدنة، لكن هذا الأمر يلقى رفضا من إيران التي تحاول بدورها الضغط لمنع تحقيقه».
وفي حين قال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند، أمس، إن جماعات المعارضة السورية المسلحة في شرق حلب المحاصر وافقت على خطة المنظمة الدولية لتوصيل المساعدات وعمليات الإجلاء لأسباب طبية، لكنها في انتظار الضوء الأخضر من روسيا والنظام، أكد رئيس الهيئة العليا التفاوضية، العميد أسعد الزعبي «نحن ملتزمون بالهدنة، لكن ما نطلبه هو هدنة حقيقية تتقيد بها كل الأطراف مع وجود آلية لمراقبة ومحاسبة من يقوم بخرقها».
وبينما واصل النظام قصفه المكثف لأحياء شرق حلب وسجلت محاولات هرب لعائلات من المدينة، قال إيغلاند إن مئات الشاحنات جاهزة في تركيا وغرب حلب الذي يسيطر عليه النظام لإدخال المساعدات، لكن الأمم المتحدة في حاجة إلى إخطارها قبل ذلك باثنتين وسبعين ساعة للتحضير للعملية الكبيرة والمعقدة والخطيرة. وأضاف: «لدينا الآن موافقة كتابية من حيث المبدأ من الجماعات المعارضة في شرق حلب»، موضحا أنه يشير إلى مقاتلي المعارضة ممن هم على اتصال بالمنظمة الدولية؛ ما يعني أن ذلك لا يشمل مقاتلي «جبهة النصرة»، أي «جيش فتح الشام»، وقال: «لدينا كذلك موافقة شفهية من روسيا الاتحادية على خطتنا ذات النقاط الأربع. نحتاج إلى موافقة كتابية وإلى دعم غير مشروط كذلك من روسيا، وما زلنا ننتظر ردا من الحكومة السورية»، لافتا إلى أن مئات الجرحى ينتظرون إجلاءهم للعلاج بموجب الخطة. ومع بدء برودة الطقس هناك نحو 275 ألف شخص محاصرون في شرق حلب، حيث كانت آخر الحصص الغذائية التي وفرتها الأمم المتحدة قد وزعت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وردا على سؤال عن وجود أي خطة بديلة، قال: «من نواح كثيرة، فإن الخطة البديلة هي أن يموت الناس جوعا. هل يمكننا أن نترك ذلك يحدث.. لا. لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك».
من هنا، قال الزعبي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «لم نعترض يوما على إيصال المساعدات، بل على العكس من ذلك هذا الأمر يبقى من أبرز اهتمامتنا، إنما المشكلة دائما تبقى من طرف النظام وحلفائه»، سائلا: «من استهدف قافلة المساعدات التي كان يفترض أن تصل إلى حلب، على طريق أعزاز ومن يحاصر الأحياء ويقفل المعابر؟». وأضاف: «تجاربنا مع الهدن السابقة تؤكد أنه وفي كل مرة كان النظام وحلفاؤه يستغلونها لتحقيق تقدم عسكري على الأرض، من هنا يبقى تأكيدنا على أهمية أن يكون هناك ضامن لأي هدنة ستنفذ، شرط ألا تكون موسكو التي هي طرف أساسي في كل ما يحصل في سوريا».
وفي ضوء العمل على ما بات يعرف بـ«المبادرة التركية – الروسية» لإنقاذ حلب، وعما إذا كان إعلان الأمم المتحدة العمل على إيصال المساعدات خطوة نحو التوصل إلى طرح المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا لإقامة «إدارة ذاتية» في المدينة؟ قال الزعبي «المشكلة أن كل ما يطرح من هدن وأخيرا (الإدارة الذاتية) تبقى تفاصيلها بعيدة عن المعارضة، التي يفترض أنها طرف أساسي في أي اتفاق سيتم التوصل إليه».
وكان دي ميستورا قد اقترح أن يعترف النظام بإدارة ذاتية في شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة بعد مغادرة مقاتلي «فتح الشام» منها، وهو ما رفضه وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، معتبرا إياه انتهاكا للسيادة.
بدوره، لفت نائب رئيس الائتلاف السابق، هشام مروة، إلى أن تفاصيل «الإدارة الذاتية» لا تزال غير واضحة، وهو ما يفترض أن يبحث على طاولة اجتماعات قياديي فصائل المعارضة والمسؤولين الروس، ليبنى على الشيء مقتضاه. ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن الإدارة الذاتية قد تحمل تفسيرات عدة، منها قد تكون مقبولة ومنها غير قابلة للتطبيق، ولا سيما أن هناك من يرى فيها تمهيدا للتقسيم أو فرض شروط على المعارضة على غرار ما حصل في مناطق عدة بريف دمشق انتهت بفرض التهجير القسري على المدنيين وأهالي المناطق، وهو ما لن نقبل به».
مع العلم، أن الأحياء الشرقية في حلب ومنذ سيطرة المعارضة عليها، تخضع لما يشبه الإدارة المحلية تحت مظلة المجلس المحلي. وسجل محاولات لفرار مدنيين من هذه الأحياء التي تتعرض للقصف المستمر من النظام، بحسب ما ذكر المرصد، مشيرا إلى أن «مئات العائلات تجمعت مساء الثلاثاء بالقرب من ممر يصل حي بستان الباشا للعبور نحو حي الشيخ مقصود». وأضاف مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «إطلاق نار سجل فيما كان المدنيون يحاولون العبور إلى الجهة الثانية». ويقع حي الشيخ مقصود، وهو القطاع الشمالي من المدينة الذي يخضع لسيطرة القوات الكردية، بين الأحياء الغربية التي تسيطر عليها القوات النظامية والأحياء الشرقية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
واتهم النظام السوري الثلاثاء مقاتلي المعارضة بمنع المدنيين من الخروج من أجل «اتخاذهم رهائن ودروعا بشرية»، بعدما كانت مروحيات النظام قد ألقت أول من أمس، منشورات تدعو مقاتلي الفصائل المعارضة إلى مغادرة المدينة. كما طالب الجيش المقاتلين في بيان بالسماح «لمن يرغب من المواطنين في المغادرة».
ونفى مسؤول في حركة نور الدين الزنكي المعارضة المسلحة، لـ«وكالة الصحافة» وجود أي محاولة لمنع المدنيين من المغادرة. وقال عضو المكتب السياسي للحركة يوسف اليوسف إن «لا أساس من الصحة لهذه المعلومات (...) النظام يحاول بشتى الوسائل نشر الشائعات للإساءة إلى تصميم الثوار ومؤيديهم من السكان في حلب».
واستنكر منسق المساعدات الإنسانية لدى الأمم المتحدة ستيفن أوبراين اللجوء إلى استراتيجية الحصار في سوريا التي باتت تطال نحو مليون شخص، معتبرا أنها «شكل عنيف من العقاب الجماعي». وقال: إن السكان في هذه المناطق «معزولون وجياع ويتعرضون للقصف ومحرومون من المساعدة الطبية والرعاية الإنسانية بهدف إجبارهم على الخضوع أو الفرار».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.