القوات العراقية تقطع خطوط إمداد «داعش» في الموصل.. وفرار 3 آلاف أسرة من تلعفر

القوات العراقية تقطع خطوط إمداد «داعش» في الموصل.. وفرار 3 آلاف أسرة من تلعفر
TT

القوات العراقية تقطع خطوط إمداد «داعش» في الموصل.. وفرار 3 آلاف أسرة من تلعفر

القوات العراقية تقطع خطوط إمداد «داعش» في الموصل.. وفرار 3 آلاف أسرة من تلعفر

أنهت القوات الحكومية العراقية قطع خطوط الإمداد الغربية عن مدينة الموصل شمال البلاد، منهية بذلك عملية عزل آخر معاقل تنظيم "داعش" عن باقي المحافظات العراقية، حسب ما قال مسؤولون. الذين أوضحوا أن الفصائل المسلحة وصلت إلى الطريق الذي يربط بين تلعفر وسنجار الواقعتين تحت سيطرة التنظيم المتطرف غرب الموصل، حيث التقت مع القوات الكردية، وفصلت المنطقتين عن بعضهما.
وفر عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب فصائل مسلحة من البلدة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" والواقعة على الطريق بين الموصل والرقة المدينتين الرئيسيتين اللتين اتخذ منهما التنظيم ما سماها "خلافته" في العراق وسوريا.
من جانبه، أفاد نور الدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى عن تلعفر والموجود الآن في العاصمة الكردية أربيل، بأنّ نحو ثلاثة آلاف أسرة فرت من تلعفر وتوجه نصفهم تقريبًا صوب الجنوب الغربي في اتجاه سوريا، والنصف الآخر تحرك شمالا إلى أراض واقعة تحت سيطرة الاكراد. وتابع "طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبرًا آمنًا للمدنيين". وأضاف أن التنظيم بدأ مساء يوم الاحد السماح للناس بالمغادرة بعد أن أطلق قذائف مورتر على مواقع للفصائل المسلحة في المطار جنوب المدينة وبدورها ردّت هذه الفصائل على موقع اطلاق القذائف.
وقال مسؤولون اقليميون إنّ الرحيل الجماعي من تلعفر الواقعة على بعد 60 كيلومترا غرب الموصل يثير قلق منظمات الاغاثة الانسانية؛ إذ أن بعض المدنيين الفارين يتوجهون إلى مناطق أبعد واقعة تحت سيطرة "داعش"، ممّا يجعل من الصعب وصول المساعدات لهم.
وتحاول فصائل مسلحة تطويق تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية ضمن الهجوم الدائر لاستعادة الموصل آخر مدينة كبيرة تعد معقلا لتنظيم "داعش" في العراق.
وبدأ الهجوم في 17 أكتوبر (تشرين الاول)، بدعم جوي وبري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وهذا الهجوم هو الاكثر تعقيدًا في العراق منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003 الذي أطاح بصدام حسين.
والفارون من تلعفر هم من السنة الذين يمثلون أغلب السكان في محافظة نينوى. وكان في البلدة أيضا شيعة فروا في عام 2014 عندما داهم تنظيم "داعش" المنطقة.
وتشعر تركيا بالقلق من أن توسع إيران نفوذها عبر جماعات تنشط بالوكالة في المنطقة القريبة من الحدود التركية - السورية حيث تدعم أنقرة مقاتلين معارضين لنظام الرئيس السوري بشار الاسد المدعوم من روسيا وإيران.
وكانت تركيا هددت بالتدخل لمنع حدوث أعمال قتل انتقامية في حال اجتياح الفصائل المسلحة البلدة، مستشهدة بعلاقاتها الوثيقة مع السكان التركمان في تلعفر. وقال قبلان "الناس تهرب بسبب تقدم الحشد. هناك مخاوف كبيرة ما بين المدنيين".
وحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تهدئة المخاوف من وقوع أعمال قتل عرقية وطائفية في تلعفر، قائلا إنّ أي قوة ترسل لاستعادة البلدة ستعكس التنوع في المدينة.
وسيطوق قطع الطريق إلى تلعفر الموصل؛ إذ أنّ قوات حكومية عراقية وقوات البشمركة الكردية تحاصر المدينة بالفعل من الشمال والجنوب والشرق.
واقتحمت وحدة مكافحة الارهاب العراقية التي تلقت تدريبا على أيدي خبراء أميركيين، دفاعات "داعش" في شرق الموصل بنهاية أكتوبر، وتقاتل لتمديد موطئ قدم كسبته هناك.
ويقدر الجيش العراقي عدد المسلحين في الموصل بين 5000 و6000 شخص يواجهون تحالفًا قوامه مائة ألف مقاتل مؤلفًا من وحدات الحكومة العراقية ومقاتلي البشمركة وفصائل مسلحة.
وينظر إلى استعادة الموصل كأمر حاسم في تفكيك تنظيم "داعش". فيما قال زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي يعتقد أنه انسحب إلى منطقة نائية قرب الحدود السورية، لانصاره المقاتلين إنّه لا مجال للانسحاب.
وأفاد أحد سكان الموصل بأنّ الضربات الجوية كثفت على الجزء الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة مارًا عبر وسطها. مضيفًا بأنّ الضربات استهدفت منطقة صناعية يعتقد بأن تنظيم "داعش" يصنع فيها الشراك ومنها السيارات الملغومة.
وينتشر المسلحون بين أكثر من مليون مدني في خطة دفاعية تهدف لاعاقة الضربات الجوية. وهم يتحركون في المدينة عبر أنفاق ويقودون سيارات ملغومة في مواجهة القوات التي تتقدم صوب المدينة كما يستهدفون القوات برصاص القناصة وقذائف المورتر.
ولم تصدر السلطات العراقية تقديرًا اجماليًا لعدد القتلى والجرحى؛ لكن الأمم المتحدة حذرت يوم السبت، من أنّ العدد المتصاعد للمصابين المدنيين والعسكريين يفوق قدرة الحكومة وجماعات المساعدات الدولية على تقديم الرعاية لهم.
وحسب تقديرات الامم المتحدة، سُجّل أكثر من 68 ألفا كنازحين بسبب القتال، بعد أن تركوا قراهم وبلداتهم المحيطة بالموصل وانتقلوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة.
ولا يتضمن هذا العدد آلاف الاشخاص المحاصرين في تلك القرى والمجبرين على مرافقة مقاتلي التنظيم المتطرف لاستغلالهم كدروع بشرية. كما لا يضم العدد 3000 عائلة فرت من تلعفر.
وقال سكان وجماعات حقوقية إنّه في بعض الحالات فُصل الرجال الذين هم في عمر يسمح لهم بالقتال، عن تلك المجموعات من الناس ثم قتلوا من دون محاكمة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».