وصلت المفاوضات في خان الشيح بريف دمشق بين المعارضة والنظام إلى مرحلة مفصلية، من شأنها تحديد مصير الهدنة التي أعيد العمل بها في المخيم الفلسطيني قبل يومين، على أن تستمر اللقاءات بين ممثلي الطرفين لتنفيذ «اتفاق المصالحة» الذي ينص على خروج المقاتلين وعائلاتهم إلى محافظة إدلب على غرار ما حصل في معضمية الشام وداريا، وبالتالي تسليم المنطقة إلى النظام.
ويلفت يوسف شام الناشط في خان الشيح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ المفاوضات مستمرة بين الطرفين منذ يومين، وباتت ترتكز في هذه المرحلة على حل الخلافات العالقة لا سيما تلك المتعلقة بآلية مغادرة المقاتلين بعد رفض النظام خروجهم مع أسلحتهم، وهو الأمر الذي رفضته الفصائل التي يقدّر عدد مقاتليها بأكثر من ألف عنصر.
من جهتها، نقلت «شبكة شام» عن مصادر قولها «إن الخلاف القائم بين لجنة المفاوضات الخاصة بالنظام وقادة الفصائل العسكرية الموجودة داخل مخيم خان الشيح كان على آلية خروج الثوار، وعلى نوعية السلاح المسموح باصطحابه معهم باتجاه الشمال، حيث طلب النظام تسليم أكثر من 600 بندقية ورفض السماح للمقاتلين الذين يودون الخروج من المخيم بنقل أي نوع من السلاح، الأمر الذي أعاق عملية التفاوض، وأودى بها إلى طريق مسدود ليغادر وفد النظام المخيم، أول من أمس، وتمدد الهدنة بعد مغادرته بساعات ليعلن بذلك عن جولة مفاوضات جديدة في الساعات المقبلة».
وأكد مصدر محلي معارض من خان الشيح، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي بعد، «رغم موافقتهما على خروج من يشاء من المقاتلين وتسليم المنطقة للنظام»، مبينا أن الخلاف يتمثل بطلب النظام تسليم جميع الأسلحة وإصرار المعارضة على الخروج بالسلاح الفردي الخفيف.
ولفت الناشط شام إلى أنها المرة الأولى التي يدخل فيها وفد النظام الذي يضم الإعلامية السورية كنانة حويجة، وعدد من الضباط إلى المخيم، بعدما جرت العادة أن يذهب أعضاء المكتب السياسي للمخيم المؤلف من ثلاثة أشخاص إلى مقر الفرقة الأولى ليفاوضوا النظام باسم الأهالي والفصائل العسكرية، لكن في جولة المفاوضات الأخيرة حضر قياديون من الفصائل وممثلون عن المدنيين، لافتا إلى أن النظام هو من كان قد طلب العودة إلى المفاوضات بعدما كانت قد توقفت قبل فترة، وذلك إثر الهجوم الذي شنّته الفصائل قبل يومين.
وكانت قوات النظام والمجموعات الموالية لها بدأت قبل نحو شهرين حملة عسكرية للتقدم بمحيط خان الشيح، تزامنا مع قصف جوي ومدفعي مكثف على مواقع المعارضة ومتقطع على الأحياء السكنية وأطراف البلدة التي يسكنها لاجئون فلسطينيون منذ عشرات السنين، الذين يبلغ عددهم اليوم نحو 12 ألفا، نحو ثلثهم من الأطفال.
وفي الأسبوعين الأخيرين تمكن النظام من السيطرة على «دير خبية» وقطع طريق «زاكية - خان الشيخ»، بالإضافة إلى عقد مصالحة في المقيلبية، وبحسب نشطاء موجودين في المخيم تم توثيق سقوط أكثر من 150 قتيلا خلال هذا الشهر، لا سيما بعد خروج المسشفى الميداني الوحيد في خان الشيح عن الخدمة.
وفي وقت من المفترض أن تنتهي الهدنة الممدد لها للمرة الثانية 24 ساعة تنتهي مساء اليوم الأربعاء، بعدما كان يفترض أن تنتهي مساء أمس، وبالتالي استمرار الهدوء أو العودة إلى التصعيد العسكري وقصف النظام للمنطقة، يرجّح يوسف شام أن تنتهي المفاوضات بالتوصل إلى اتفاق لخروج المقاتلين الذين رفضوا الخضوع لشروط النظام التي تفرض على من يريدون البقاء في المخيم تسليم أنفسهم وأسلحتهم. ويلفت هنا إلى أن «جبهة فتح الشام» من أبرز الفصائل المعارضة لهذا الاتفاق، وهي كانت قد طلبت خروج عناصرها إلى درعا وليس إدلب، الأمر الذي رفضه النظام ولا يزال يخضع للبحث، متوقعا في الوقت عينه أن أي اتفاق سيتوصل إليه المفاوضون ستضطر كل الفصائل الموجودة في خان الشيح الالتزام به، وأهمها إضافة إلى «فتح الشام» «أحرار الشام» و«أجناد الشام»، وهي تضم مقاتلين من مختلف المناطق بريف دمشق لا سيما من الغوطة الغربية، كما يقاتل أيضا إلى جانبها فصيل فلسطيني هو «سرايا العز».
وبات النظام يلجأ في الفترة الأخيرة إلى ما يطلق عليه تسمية «المصالحات» التي تنتهي إلى خروج مقاتلي المعارضة من المناطق وإخضاعها لسيطرته مقابل وقف القصف، وهو ما حصل مدينة داريا، حيث أجبرت الفصائل على تسليمها والخروج بسلاحها الخفيف إلى مدينة إدلب وريفها برعاية الأمم المتحدة، الأمر الذي حصل أيضا في أحياء حمص القديمة ومدينة قدسيا وبلدة الهامة بريف دمشق الغربي، ويجري التفاوض على اتفاق مشابه في عدة مناطق أبرزها حي الوعر غرب مدينة حمص.
مخيم «خان الشيح» الفلسطيني على طريق المصالحات بريف دمشق
بات التركيز على حل الخلافات المتعلقة بآلية المغادرة بعد رفض النظام إخراج الأسلحة
مخيم «خان الشيح» الفلسطيني على طريق المصالحات بريف دمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة