فصائل المعارضة في حلب ترفض الانسحاب وتستعد لـ«مواجهة طويلة»

النظام يتقدم على أطراف «هنانو» ويلقي منشورات تدعو المسلحين للاستسلام

عناصر من الدفاع المدني ينقذون الضحايا من تحت ركام بناء تعرض لغارة جوية بالقنابل المظلية استهدفت حي الميسر وأحياء أخرى في حلب أمس (مركز حلب الإعلامي)
عناصر من الدفاع المدني ينقذون الضحايا من تحت ركام بناء تعرض لغارة جوية بالقنابل المظلية استهدفت حي الميسر وأحياء أخرى في حلب أمس (مركز حلب الإعلامي)
TT

فصائل المعارضة في حلب ترفض الانسحاب وتستعد لـ«مواجهة طويلة»

عناصر من الدفاع المدني ينقذون الضحايا من تحت ركام بناء تعرض لغارة جوية بالقنابل المظلية استهدفت حي الميسر وأحياء أخرى في حلب أمس (مركز حلب الإعلامي)
عناصر من الدفاع المدني ينقذون الضحايا من تحت ركام بناء تعرض لغارة جوية بالقنابل المظلية استهدفت حي الميسر وأحياء أخرى في حلب أمس (مركز حلب الإعلامي)

وسّعت قوات النظام السوري وحلفاؤها، هجومهما على محاور القتال في شرق مدينة حلب، تحت غطاء جوي من الطائرات الروسية، وتحدثت معلومات عن تقدّم أحرزه النظام بسيطرته على نقاط خاضعة لفصائل المعارضة المسلّحة في الأحياء الشرقية، مثل حيي هنانو والشيخ نجّار، مما دفع بأعداد من المدنيين إلى النزوح منهما، في وقت أكدت فيه فصائل المعارضة رفضها الانسحاب من المدينة واستعدادها لـ«مواجهة طويلة».
وتخوض قوات النظام وبدعم من حلفائها الروس والإيرانيين و«حزب الله» اللبناني، معارك على جبهات عدة في حلب، خصوصا في حي مساكن هنانو الواقع شمال شرقي مدينة حلب. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قوات الأسد وحلفائها «تقدمت داخل حي الشيخ سعيد في جنوب المدينة، وأدت المعارك إلى مقتل 8 مقاتلين من المعارضة، بينهم قيادي». وأوضح أن قوات النظام «باتت تسيطر على ثلث حي مساكن هنانو حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين».
وردت فصائل المعارضة باستهداف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد بالقذائف المدفعية. وقلل رئيس المكتب السياسي لتجمّع «فاستقم» زكريا ملاحفجي، من حجم المعلومات التي تتحدث عن تقدم النظام، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام والميليشيات الطائفية هاجموا، أمس، أحياء هنانو والشيخ نجار والعويجة، واستطاعوا تحقيق تقدم محدود جدًا في هنانو، والاستيلاء على نقطة عسكرية واحدة في الشيخ نجار، لكنهم لم يحققوا شيئًا في العويجة»، مشيرًا إلى أن هذا التقدم «ليس استراتيجيًا، لأن هذه الأحياء تقع على أطراف حلب الشرقية، وبعيدة عن وسط المدينة المحصن بما فيه الكفاية».
ومع تلاشي فرص أي تسوية سياسية، بعدما لاقى اقتراح مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا، القاضي بإخراج المسلحين من أحياء حلب الشرقية، ووضعها تحت إدارة مدنية ذاتية، رفضًا من النظام والفصائل على حد سواء، أعلن عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة سمير نشّار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك قرارًا اتخذ سواء من قبل النظام وروسيا وإيران باجتياح حلب، وهناك أيضًا قرار متخذ من الثوار بالقتال حتى النهاية، لأنه لدى الطرفين ما يكفي من الدوافع والمبررات بأن المعركة حاسمة بالنسبة إليه». وقال نشار: «الثوار لا يمكنهم أن يتخلّوا عن حلب، أو يسلموا مدينتهم، ولن يقبلوا بخروج المسلحين، ليس محبة في (فتح الشام)، بل لأن هذا الأمر إن تحقق، فسيكون مقدمة لفكفكة القوى التي تدافع عن المدينة».
وتحدث ملاحفجي عن طروحات كثيرة تقدّم للمعارضة سواء من دي ميستورا أو أطراف أخرى، و«كلّها تركز على خروج الفصائل من المدينة، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً». وقال: «إذا كان هناك مقاتلون أجانب مع المعارضة، فلا مشكلة لدينا في خروجهم، إذا كان هذا الأمر يؤدي إلى التهدئة، أما إذا كان المطلوب منا الاستسلام وتسليم المدينة، فهذا أمر مرفوض بالمطلق»، مؤكدًا أن «الذين يقاتلون في حلب هم أبناء المدينة الذين يدافعون عن مدينتهم وأحيائها وشوارعها وعن بيوتهم وأهلهم».
وتزامنت المعارك في مساكن هنانو مع قصف جوي ومدفعي على مواقع الفصائل وأحياء عدة في شرق المدينة. وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، إن «دوي القصف والغارات لم يتوقف طيلة ساعات الليل»، في وقت دعا فيه جيش النظام، مسلحي المعارضة في شرق حلب إلى «فتح مستودعات الغذاء لاستخدام الأغذية الموجودة في المستودعات لإطعام الناس».
ولم يكن موقف المعارضة المسلّحة، أقل حدة في الرد على اقتراح دي ميستورا، حيث قال ملاحفجي: «كيف يطالبون أبناء المناطق الشرقية بمغادرة مدينتهم، في حين أن حلب محتلة من 60 ميليشيا طائفية تمارس أبشع أنواع القتل والإجرام؟». وأوضح أن «الفصائل المسلحة قادرة على الصمود طويلاً، لكن المشكلة إنسانية، حيث لا وجود للمشافي ولا للأفران، والطائرات الروسية تقصف أي قافلة غذائية أو طبية تحاول الدخول إلى المناطق المحاصرة».
وجدد عضو الائتلاف سمير نشار، القول إن «معركة حلب ذاهبة إلى النهاية، لكن السؤال الأساس بالنسبة إلى روسيا: ماذا لو دمّرت حلب وفشل النظام في حسم المعركة؟». وأشار إلى أن «المسؤولية ستترتب على الروس، لأن طائراتهم هي التي تدمّر حلب من الجو»، مؤكدًا أن النظام والروس «يسابقان الوقت قبل وصول (الرئيس الأميركي المنتخب) دونالد ترامب إلى البيت الأبيض». وأضاف: «الكلام الذي أطلقه مستشارو ترامب؛ بخاصة العسكريين، شكل مبعث قلق للأسد والإيرانيين، معطوفًا عليه نشر مندوبة الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي سامانتا باور، أسماء 12 شخصية عسكرية سورية، اتهمتهم بقيادة المذابح في سوريا»، عادّا أن «كل هذه التطورات تقض مضاجع الأسد وحتى حليفه (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين».
إلى ذلك، ألقى الطيران المروحي التابع للنظام منشورات ورقية ظهر أمس، على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في الجهتين الجنوبية والشرقية من مدينة حلب، وتحمل المنشورات التي هي عبارة عن قصاصات ورقية، صورًا للحافلات الخضراء، التي باتت تعد رمزا لعمليات تهجير المدنيين والمعارضة من مدنهم وقراهم لمناطق أخرى، وكتب فيها عبارات تدعو المدنيين ومقاتلي المعارضة للاستسلام ورمي السلاح والخروج خارج أحياء حلب، مقابل العفو عمّن يلقي سلاحه ويستسلم.
وأدى القصف على أحياء حلب الشرقية، إلى مقتل 141 مدنيًا؛ بينهم 18 طفلاً، خلال أسبوع، وتدمير مستشفيات المنطقة، وقد بدأ الهجوم في 15 من الشهر الحالي، بعد أسابيع من تعليق الضربات الجوية والقصف على داخل أحياء حلب، وإن كانت المعارك والضربات الجوية استمرت على الخطوط الأمامية للمدينة وفي الريف المحيط بها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.