بدأت نتائج الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية في السعودية للسيطرة على الأسعار في القطاع العقاري تؤتي ثمارها، بعد تسجيل السوق انخفاضات جديدة في الطلب على مختلف الفروع العقارية، وعلى رأسها الأراضي التي انخفض الطلب عليها بشكل كبير إثر تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، تليها الفلل والعمائر السكنية، مدعومة بعزوف كبير عن عمليات الشراء، في انتظار انخفاض الأسعار.
وأكد عقاريون أن انخفاض الأسعار مؤثر جدًا في مسيرة العقار، الذي طالما عانى من ارتفاعات متتالية، ما من شأنه أن يفتح أبوابًا أوسع فور بدء دفع رسوم الأراضي البيضاء، وهو الذي يراهن عليه الراغبون في التملك، خصوصًا مع انخفاض الطلب لمستويات قياسية لم يشهدها السوق منذ سنوات طويلة.
إبراهيم العبيد، الذي يمتلك شركة عقارية خاصة، أكد أن نظام رسوم الأراضي البيضاء كان من ضمن القرارات التي غيّرت وجه السوق نحو تسجيل انخفاض في القيمة بنسب كبيرة لا تقل عن 20 في المائة في أقل الأحوال، خصوصًا للأحياء الجديدة التي شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض، وإذا استمر السوق على هذا المنوال فإنه معرّض للانخفاض بشكل أكبر ليكون أكثر ملاءمة لقدرة المشترين الذي توقف عدد كبير منهم عن الشراء نتيجة عجزهم عن مجاراة الأسعار التي وصلت لمستويات قياسية من التضخم، بعد أن تجاوزت 100 في المائة خلال أقل من عقد.
وأضاف العبيد لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسعار الحالية التي تتسم بالانخفاض تعد مؤشرًا مهمًا لمستقبل القطاع العقاري، وسيجبر الواقع الجديد الشركات على التعاطي مع الحالة الجديدة، ما سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر كميات كبيرة من حركات البيع والشراء بأرباح قليلة؛ وليس من خلال الاعتماد على فائدة كبيرة من بيع قطع صغيرة من الأراضي، وهو النوع الأكثر انتشارًا الآن، في الوقت الذي يعاني فيه السوق بجميع قطاعاته من العزوف وتوقف معظم مشاريع شركات التطوير.
وأنهت السوق العقارية المحلية أداءها خلال الأسبوع الماضي، على انخفاض إجمالي صفقاتها بنسبة 23.8، لتستقر بنهاية الأسبوع عند 3.5 مليار ريال (نحو 933 مليون دولار)، وانخفض عدد كل من صفقاتها وعقاراتها المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 11.7 في المائة و13.3 في المائة على التوالي، فيما ارتفعت مساحات صفقاتها بنسبة قياسية بلغت 38.8 في المائة. وأتى ضعف أداء السوق العقارية امتدادا للركود المسيطر عليها للعام الثالث على التوالي، متأثرة بالضغوط الاقتصادية والمالية السائدة خلال الفترة الراهنة.
وبرأي مشعل الغامدي الذي يدير شركة استشارات عقارية، فإن الاستثمار في القطاع العقاري صعب للغاية خلال هذه الفترة، لأن السوق في تحول كبير نحو عودة الأسعار إلى طبيعتها بعد موجة التضخم، مشيرًا إلى أن تنويع الاستثمارات العقارية مهم خلال الفترة القادمة، خصوصًا لمن كان يراهن على عمليات بيع الأراضي المطورة فقط، إذ إن السيولة لديهم تشهد نزولاً ملحوظًا في ظل توقف عمليات البيع والشراء.
وذكر الغامدي أن انتعاش السوق مرتبط بمزيد من الانخفاض، الذي سيمكّن الجميع من التملك، ما سيعكس ازدهارًا في الحركة العقارية يستفيد منه الجميع، ويرفع نسب التملك إلى مستويات أعلى في خطوة نحو السيطرة على ملف الإسكان.
ولفت الغامدي إلى تخوف بعض المستثمرين في القطاع من قرب حدوث انخفاض حقيقي يحدث مفاجأة كبيرة ويهبط اضطراريًا بالأسعار، وهو أمر يرونه كارثيًا، ولذلك فضّل بعضهم بالاكتفاء بمكاسب قليلة أو البيع برأس المال تفاديا للوقوع في خسارة أكبر في حال استمر هبوط الأسعار، معتبرًا أن التنازل عن بعض المكاسب خير من فقد مكاسب أكبر قد يفرضها الواقع في القريب العاجل، خصوصًا أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عمومًا، كما أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العقار بشكل عام.
وتطرق الغامدي إلى أن عقاريين كثرا يحاولون تصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار، وإثبات أن السوق لا يزال يشهد معدلات جيدة من الإقبال، لافتًا إلى أن تداول العقار بين المستثمرين أصبح محدودًا بشكل كبير تخوفًا من النزول المتتالي في القيمة؛ وهو ما لا يستطيعون تحمله، نظرًا لجهل ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً.
وسجل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بنسبة 11.7 في المائة، ليستقر عند 3362 صفقة عقارية، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 9.5 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 13.3 في المائة، ليستقر عند 3483 عقارا مبيعا، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 3.6 في المائة. فيما سجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع ارتفاعا قياسيا وصلت نسبته إلى 38.8 في المائة، مستقرة عند 182 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها الأكبر للأسبوع الأسبق بنسبة 212.7 في المائة.
ونوّه محمد المهباش صاحب مؤسسة النماء العقارية، إلى أن معظم المستثمرين العقاريين بحاجة ماسة إلى السيولة نظير ارتباطهم بعقود والتزامات واجبة السداد، لذا يبيعون بأسعار أقل من السوق، وهذا أحد الأسباب التي تضاف إلى السبب الأهم وهو تأثير القرارات الحكومية التي أعادت تشكيل القطاع من جديد عبر السيطرة على الأسعار.
وتابع أن «هذا الانخفاض لم يشهد مثله السوق منذ قرابة عقد، ويمكن أن يفقد السوق جزءًا أكبر من قيمته عندما يبدأ كبار المستثمرين الذين يتحكمون بالسوق في دفع الرسوم التي ستضيف ضغوطات أكبر على القيمة لصالح المستهلك».
وطال الانخفاض جميع الفروع العقارية بحسب المهباش، إلا أن الأراضي كانت الأكثر تأثرًا تليها الفلل، لافتًا إلى أن هذا الانخفاض لم يشهد مثله السوق منذ قرابة عقد.
نقص السيولة يدفع أسعار العقارات في السعودية إلى الانخفاض 20 %
عقاريون: بدء دفع رسوم الأراضي البيضاء سيهبط بها بشكل أكبر
نقص السيولة يدفع أسعار العقارات في السعودية إلى الانخفاض 20 %
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة