نقص السيولة يدفع أسعار العقارات في السعودية إلى الانخفاض 20 %

عقاريون: بدء دفع رسوم الأراضي البيضاء سيهبط بها بشكل أكبر

الأحياء الجديدة في المدن السعودية شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض السوقي («الشرق الأوسط»)
الأحياء الجديدة في المدن السعودية شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض السوقي («الشرق الأوسط»)
TT

نقص السيولة يدفع أسعار العقارات في السعودية إلى الانخفاض 20 %

الأحياء الجديدة في المدن السعودية شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض السوقي («الشرق الأوسط»)
الأحياء الجديدة في المدن السعودية شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض السوقي («الشرق الأوسط»)

بدأت نتائج الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية في السعودية للسيطرة على الأسعار في القطاع العقاري تؤتي ثمارها، بعد تسجيل السوق انخفاضات جديدة في الطلب على مختلف الفروع العقارية، وعلى رأسها الأراضي التي انخفض الطلب عليها بشكل كبير إثر تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، تليها الفلل والعمائر السكنية، مدعومة بعزوف كبير عن عمليات الشراء، في انتظار انخفاض الأسعار.
وأكد عقاريون أن انخفاض الأسعار مؤثر جدًا في مسيرة العقار، الذي طالما عانى من ارتفاعات متتالية، ما من شأنه أن يفتح أبوابًا أوسع فور بدء دفع رسوم الأراضي البيضاء، وهو الذي يراهن عليه الراغبون في التملك، خصوصًا مع انخفاض الطلب لمستويات قياسية لم يشهدها السوق منذ سنوات طويلة.
إبراهيم العبيد، الذي يمتلك شركة عقارية خاصة، أكد أن نظام رسوم الأراضي البيضاء كان من ضمن القرارات التي غيّرت وجه السوق نحو تسجيل انخفاض في القيمة بنسب كبيرة لا تقل عن 20 في المائة في أقل الأحوال، خصوصًا للأحياء الجديدة التي شهدت الموجة الأكبر في الانخفاض، وإذا استمر السوق على هذا المنوال فإنه معرّض للانخفاض بشكل أكبر ليكون أكثر ملاءمة لقدرة المشترين الذي توقف عدد كبير منهم عن الشراء نتيجة عجزهم عن مجاراة الأسعار التي وصلت لمستويات قياسية من التضخم، بعد أن تجاوزت 100 في المائة خلال أقل من عقد.
وأضاف العبيد لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسعار الحالية التي تتسم بالانخفاض تعد مؤشرًا مهمًا لمستقبل القطاع العقاري، وسيجبر الواقع الجديد الشركات على التعاطي مع الحالة الجديدة، ما سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر كميات كبيرة من حركات البيع والشراء بأرباح قليلة؛ وليس من خلال الاعتماد على فائدة كبيرة من بيع قطع صغيرة من الأراضي، وهو النوع الأكثر انتشارًا الآن، في الوقت الذي يعاني فيه السوق بجميع قطاعاته من العزوف وتوقف معظم مشاريع شركات التطوير.
وأنهت السوق العقارية المحلية أداءها خلال الأسبوع الماضي، على انخفاض إجمالي صفقاتها بنسبة 23.8، لتستقر بنهاية الأسبوع عند 3.5 مليار ريال (نحو 933 مليون دولار)، وانخفض عدد كل من صفقاتها وعقاراتها المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 11.7 في المائة و13.3 في المائة على التوالي، فيما ارتفعت مساحات صفقاتها بنسبة قياسية بلغت 38.8 في المائة. وأتى ضعف أداء السوق العقارية امتدادا للركود المسيطر عليها للعام الثالث على التوالي، متأثرة بالضغوط الاقتصادية والمالية السائدة خلال الفترة الراهنة.
وبرأي مشعل الغامدي الذي يدير شركة استشارات عقارية، فإن الاستثمار في القطاع العقاري صعب للغاية خلال هذه الفترة، لأن السوق في تحول كبير نحو عودة الأسعار إلى طبيعتها بعد موجة التضخم، مشيرًا إلى أن تنويع الاستثمارات العقارية مهم خلال الفترة القادمة، خصوصًا لمن كان يراهن على عمليات بيع الأراضي المطورة فقط، إذ إن السيولة لديهم تشهد نزولاً ملحوظًا في ظل توقف عمليات البيع والشراء.
وذكر الغامدي أن انتعاش السوق مرتبط بمزيد من الانخفاض، الذي سيمكّن الجميع من التملك، ما سيعكس ازدهارًا في الحركة العقارية يستفيد منه الجميع، ويرفع نسب التملك إلى مستويات أعلى في خطوة نحو السيطرة على ملف الإسكان.
ولفت الغامدي إلى تخوف بعض المستثمرين في القطاع من قرب حدوث انخفاض حقيقي يحدث مفاجأة كبيرة ويهبط اضطراريًا بالأسعار، وهو أمر يرونه كارثيًا، ولذلك فضّل بعضهم بالاكتفاء بمكاسب قليلة أو البيع برأس المال تفاديا للوقوع في خسارة أكبر في حال استمر هبوط الأسعار، معتبرًا أن التنازل عن بعض المكاسب خير من فقد مكاسب أكبر قد يفرضها الواقع في القريب العاجل، خصوصًا أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عمومًا، كما أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العقار بشكل عام.
وتطرق الغامدي إلى أن عقاريين كثرا يحاولون تصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار، وإثبات أن السوق لا يزال يشهد معدلات جيدة من الإقبال، لافتًا إلى أن تداول العقار بين المستثمرين أصبح محدودًا بشكل كبير تخوفًا من النزول المتتالي في القيمة؛ وهو ما لا يستطيعون تحمله، نظرًا لجهل ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً.
وسجل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بنسبة 11.7 في المائة، ليستقر عند 3362 صفقة عقارية، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 9.5 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 13.3 في المائة، ليستقر عند 3483 عقارا مبيعا، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 3.6 في المائة. فيما سجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع ارتفاعا قياسيا وصلت نسبته إلى 38.8 في المائة، مستقرة عند 182 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها الأكبر للأسبوع الأسبق بنسبة 212.7 في المائة.
ونوّه محمد المهباش صاحب مؤسسة النماء العقارية، إلى أن معظم المستثمرين العقاريين بحاجة ماسة إلى السيولة نظير ارتباطهم بعقود والتزامات واجبة السداد، لذا يبيعون بأسعار أقل من السوق، وهذا أحد الأسباب التي تضاف إلى السبب الأهم وهو تأثير القرارات الحكومية التي أعادت تشكيل القطاع من جديد عبر السيطرة على الأسعار.
وتابع أن «هذا الانخفاض لم يشهد مثله السوق منذ قرابة عقد، ويمكن أن يفقد السوق جزءًا أكبر من قيمته عندما يبدأ كبار المستثمرين الذين يتحكمون بالسوق في دفع الرسوم التي ستضيف ضغوطات أكبر على القيمة لصالح المستهلك».
وطال الانخفاض جميع الفروع العقارية بحسب المهباش، إلا أن الأراضي كانت الأكثر تأثرًا تليها الفلل، لافتًا إلى أن هذا الانخفاض لم يشهد مثله السوق منذ قرابة عقد.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».