ليبيا: تفجير انتحاري ومقتل 4 أطفال وإصابة 26 أمام مستشفى محلي في بنغازي

حكومة الثني تتهم السراج والمفتي المعزول بالتورط في قتل المدنيين

ليبيون يعاينون آثار تفجير سيارة مفخخة في بنغازي أمس (رويترز)
ليبيون يعاينون آثار تفجير سيارة مفخخة في بنغازي أمس (رويترز)
TT

ليبيا: تفجير انتحاري ومقتل 4 أطفال وإصابة 26 أمام مستشفى محلي في بنغازي

ليبيون يعاينون آثار تفجير سيارة مفخخة في بنغازي أمس (رويترز)
ليبيون يعاينون آثار تفجير سيارة مفخخة في بنغازي أمس (رويترز)

في محاولة من الجماعات الإرهابية لوقف التقدم الذي حققته قوات الجيش الليبي ضدها مؤخرا، عاد الإرهابيون مجددا لاستخدام أسلوب السيارات الانتحارية، حيث فجروا أمس سيارة قرب مستشفى محلي في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، ما أدى إلى مصرع وإصابة العشرات؛ من بينهم أطفال.
وقال مسؤول الإعلام بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث الذي وقعت العملية الإرهابية في محيطه، إن الحصيلة النهائية للانفجار الذي وقع بلغت 3 أطفال قتلى، و26 جريحا حالتهم الصحية بين متوسطة وحرجة، مشيرا إلى أن الانفجار تزامن مع خروج الأطفال من مدارسهم.
ودمر الانفجار القوي نحو 10 سيارات، وتناثرت الأشلاء، وتحطمت نوافذ مبان قريبة أمام مستشفى الجلاء في وسط بنغازي.
وقال شهود عيان، بالإضافة إلى وكالة الأنباء الرسمية، إن التفجير تسبب في حالة هلع كبيرة في صفوف المدنيين، خصوصا أنه وقع في منطقة مكتظة بالسكان، فضلاً عن وقوع الانفجار أثناء خروج الأطفال من مدارسهم القريبة من مكان التفجير.
كما اشتعلت النيران بأحد المخابز، قبل أن تهرع سيارات الدفاع المدني للمكان للسيطرة على الحريق الناتج عن الانفجار.
وقالت مصادر أمنية إن قوات من الشرطة والجيش طوقت المكان للسيطرة على الأوضاع وتهدئة الناس وسكان المنطقة، فضلا عن إغلاق كل الطرق والشوارع المؤدية إلى موقع الحادث.
وتشهد بنغازي قتالا بين الجيش الوطني الليبي ومقاتلين يقودهم متشددون منذ أكثر من عامين. وحقق الجيش تقدما كبيرا هذا العام، لكنه يواجه جيوب مقاومة في أجزاء من المدينة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور، علما بأنه سبق لتنظيم داعش و«مجلس شورى ثوار بنغازي»، وهو الفصيل الرئيسي الذي يحارب الجيش الوطني الليبي، أن أعلنا المسؤولية عن عدة تفجيرات بسيارات ملغومة في الأسابيع القليلة الماضية استهدفت الجيش وأنصاره.
ووقع الانفجار بعدما طرد الجيش الوطني الليبي خصومه نهاية الأسبوع الماضي من منطقة القوارشة الجنوبية التي يتنازع الطرفان عليها منذ وقت طويل، وإعلانه تحقيق تقدم في حملته لاستعادة منطقة قنفودة المحاصرة.
وهذه هي ثاني عملية إرهابية في بنغازي في غضون الشهر الحالي، بعدما انفجرت الأسبوع الماضي سيارة مفخخة تزامنًا مع مرور موكب جنازة لأحد جنود الجيش بالقرب من متنزه بودزيرة شرق بنغازي، ما أدى إلى إصابة 14؛ معظمهم من المدنيين.
وسارعت الحكومة الانتقالية الموالية لمجلس النواب برئاسة عبد الله الثني إلى إدانة الحادث، وقالت في بيان لها إنها تقف وبقوة خلف قوات الجيش وقيادتها، وتدعو لحالة النفير العام لكل المدن والقبائل وتحثهم على ضرورة الالتفاف وراء جيشهم «الذي يحقق الانتصارات، والتي سوف يتوجها بالتحرير العظيم لكل ربوع ليبيا».
وعدّت أن «ما حصل يدل بشكل قاطع على تورط المجلس الرئاسي، وحكومته المزعومة، ومفتي الإخوان المسلمين المدعو الصادق الغرياني الذي ما انفك يحرض بشكل صارخ وفاضح على قتل المدنيين وفي وسائل إعلام معروفة أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع».
ورأت أن «هذا الأمر أصبح يقطع الشك باليقين على تخاذل المجتمع الدولي وبعثته المرفوضة من قبل كل الليبيين إزاء صمته المتكرر والمخجل وإصراره على عدم رفع حظر توريد السلاح للجيش الوطني، وانحيازه الكامل لفريق على حساب آخر، وغض النظر عن عمليات الجريمة المنظمة التي ترتكبها الجماعات الإرهابية المسلحة والأخرى الخارجة عن القانون في المدن الليبية».
في المقابل، التزم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج الصمت، ولم يعلق على الحادث الإرهابي، لكن مكتبه الإعلامي قال إن السراج التقى مع خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، وذلك لنقاش أزمة توفير السلع الغذائية الأساسية، مشيرا إلى أنه سيصدر قرارا عاجلا في وقت لاحق من شأنه تكليف صندوق موازنة الأسعار لتوفير سلة من السلع الغذائية وإيصالها للمواطن بما يتناسب ودخله الشهري، والحد من تضخم الأسعار، وتخفيف الضغط المزداد في الطلب على العملة الأجنبية، ووقف تهريب السلع للخارج.
وباتت بنغازي التي كانت مهد الثورة الليبية، معقلا لمجموعات مسلحة متشددة وتشهد موجة من أعمال العنف والاشتباكات، في الصراع الذي اندلع لتنافس فصائل مختلفة على السلطة والثروة النفطية. ومنذ أكثر من عامين، تدور في المدينة معارك يومية بين قوات السلطة الموازنة بقيادة المشير خليفة حفتر، ومجموعات مسلحة متطرفة يسعى لطردها من المدينة.
من جهة أخرى، خصص مجلس النواب الليبي جلسة عقدها بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق، لمناقشة ما وصفها بالأحداث الدامية التي تمر بها مدينة سبها في الجنوب. وقال الناطق باسم المجلس إن النقاش لا يزال مستمرا حول الإجراءات التي من المفترض أن يتخذها مجلس النواب لسكان المدينة. وليبيا غارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي إثر تمرد دعمه تدخل عسكري فرنسي - بريطاني - أميركي في 2011.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.