جنرالات إسرائيليون: بوتين صعَّد في سوريا بعد أول محادثة هاتفية مع ترامب

موسكو تسعى إلى ترسيخ حقائق على الأرض قبل دخول الرئيس الجديد البيت الأبيض

جنرالات إسرائيليون: بوتين صعَّد في سوريا بعد أول محادثة هاتفية مع ترامب
TT

جنرالات إسرائيليون: بوتين صعَّد في سوريا بعد أول محادثة هاتفية مع ترامب

جنرالات إسرائيليون: بوتين صعَّد في سوريا بعد أول محادثة هاتفية مع ترامب

كشف جنرالات إسرائيليون في جيش الاحتياط، أن التصعيد الروسي في القصف الجوي على إدلب وحلب في الأيام الأخيرة، تم بعد أن حصلت موسكو على ضوء أخضر من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
وجاء هذا الكشف خلال بحث أعرب فيه القادة العسكريون الإسرائيليون عن قلقهم من التطورات الجارية في المنطقة وأثرها المستقبلي على وضع إسرائيل ومكانتها في المنطقة. وقال أحدهم، إن «هذا القلق ناجم عن ضعف مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم في زمن الرئيس باراك أوباما، وأيضا بسبب ما تروج له الإدارة الجديدة القادمة إلى البيت الأبيض، من أن المصلحة تقتضي تفاهما روسيا أميركيا في هذا الموضوع وغيره». وربط هؤلاء بين التطورات العسكرية الميدانية الأخيرة وبين المحادثة الودية التي أجراها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الأسبوع الماضي مع الرئيس الأميركي المنتخب. ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، الناطقة بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على لسان مسؤولين وخبراء عسكريين، أن بوتين أعطى أوامره للتصعيد العسكري، فقط بعد ساعات قليلة من انتهاء أول محادثة هاتفية بين بوتين وترامب، والتي تم خلالها الاتفاق على التعاون وتوثيق العلاقات بين البلدين. وهذا ليس صدفة.
ويضيف: «هناك حجم غير مسبوق لقوة التواجد العسكري الروسي في سوريا، والروس يستخدمون القوة من دون قيود أو عراقيل. وفي الهجمات الأخيرة على حلب انضمت، لأول مرة، حاملة الطائرات العملاقة (الأدميرال كوزنيتسوف). الرسالة الروسية واضحة: روسيا جاءت إلى سوريا لكي تبقى فيها، باعتبار ذلك خطوة أولى على طريق إحياء الاتحاد السوفياتي بوصفه قوة عظمى عالمية، ولكن هذه المرة بقيادة قيصر جديد وليس أمين عام الحزب. قوة عظمى تملك عقارات ومناطق تأثير تخضع لإملاءاتها ورغباتها. ومع ذلك، من الواضح أن الهدف الآني للخطوة الروسية كان مدينة حلب، أو للدقة، ما تبقى منها. وكان هناك هدف أهم، هو بث رسالة تحذير إلى جارات سوريا، ومن بينها تركيا وإسرائيل، مفادها ألا تتجرأ على إزعاج الروس في عملهم. ولكن، وبشكل يفوق كل أمر آخر، تنطوي الخطوة الروسية على اختبار للرئيس الأميركي الجديد، كيف سيرد على محاولة بوتين (ترسيم حدود القطاع) وترسيخ وقائع على الأرض، ومن الواضح، بعد ذلك، في مناطق احتكاك أخرى في العالم. الهجوم الحاسم على مدينة حلب كان خطوة مطلوبة حان موعدها في المخطط الروسي، لتحقيق الاستقرار لنظام بشار الأسد في غرب سوريا».
وقال مشارك آخر من الجنرالات الإسرائيليين، إن «بوتين يسعى إلى ترسيخ حقائق على الأرض، قبل دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض. ترامب يوحي باستعداده للتعاون مع الروس والحرب معا، بل ربما مع بشار الأسد أيضا، ضد الراديكاليين الإسلاميين الذين يعتبرهم التهديد الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة. ولكن عندما سيدخل إلى البيت الأبيض، ويسعى لتمييز نفسه عن إدارة أوباما، يمكن له أن يسعى للإثبات لبوتين أنه يوجد (رئيس) واحد، وهذا (الرئيس) يجلس في البيت الأبيض وليس في الكرملين. إدارة أوباما هي التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية عن أحداث حلب؛ لأنه باستثناء شجب ما تقوم به روسيا من أعمال وحشية، حسب تعبير المتحدثين، لم تحرك الإدارة الأميركية أي ساكن طوال الأشهر الأخيرة من أجل وقف الهجوم على المدينة. لكن الطابة تتدحرج الآن نحو باب ترامب».
وفي موضوع القلق الإسرائيلي، قال الخبير يوسي ميلمان، إن «روسيا تزيد من تعزيز مكانتها. والولايات المتحدة في الفترة الانتقالية بين الرؤساء تفقد مزيدا من مكانتها في الساحة، التي كانت في الأصل ضعيفة. والاستقرار والهدوء على حدود إسرائيل في هضبة الجولان في ازدياد. والدليل هو أنه وبعد غياب دام عامين، وبموافقة حكومتي إسرائيل وسوريا، عاد 127 جنديا من مراقبي الأمم المتحدة، القادمين من جيشي فيجي ونيبال، إلى معسكر الفاروق في الجانب السوري من هضبة الجولان. وبعد بضعة أسابيع سينضم إليهم 20 مراقبا آخرون. وإسرائيل، حتى لو لم تكن متواجدة بشكل فعلي في الحرب السورية، فقد نجحت في الحفاظ على الهدوء النسبي على الحدود، باستثناء بعض القذائف العشوائية التي أطلقت في معظمها من قبل جيش الأسد. وقد فعلت ذلك بحكمة. والفضل يعود هنا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون وبديله الحالي أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت، وجميع رؤساء الأجهزة الأمنية. فالسياسة الإسرائيلية تدمج بين التهديدات المموهة والعلنية تجاه الفصائل المسلحة، في حال حاولت المس بسيادة إسرائيل، إضافة إلى الحديث مع أبناء القرى المعتدلين بالقرب من الحدود، والذين يحصلون على المساعدات الإنسانية فضلا عن الخدمات الطبية لآلاف المصابين في المستشفيات الميدانية التي أنشئت في الجانب الإسرائيلي من الحدود. وإذا تطلب الأمر فهي تقوم بعلاجهم في المستشفيات».
وتطرق البحث للجنرال آفي ديختر، رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي زار روسيا في الأسبوع الماضي، فقال: «الجار الجديد جاء إلى حينا ليس فقط من أجل استئجار شقة، بل لبناء فيللا»، أي أن الحديث يدور عن تواجد دائم وتصميم على تحقيق الأهداف. وتوصل ديختر إلى استنتاجات حول موقف روسيا من سوريا والشرق الأوسط، بالقول إنه «غير مريح لإسرائيل ولا يتلاءم مع مصالحها». وعدد إشكاليات التواجد الروسي قائلا: «الروس يريدون أولا أن يبقى الأسد في السلطة لأنه الوحيد القادر على خلق الاستقرار. وهم يعتبرون إيران قوة حيوية للاستقرار في سوريا والمنطقة. وتعتقد موسكو أن الاتفاق النووي الذي تحقق سيساهم في تهدئة الوضع. وأنه سيتم تحرير حلب من سيطرة المعارضة. وأن روسيا لن تتردد في فرض إجراءات على دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، من أجل المصالح الروسية». فعلى الرغم من احترام روسيا لإسرائيل، فإن ديختر اعترف أنه «عند الوصول إلى لب المسألة، فسينجلي وجود فجوة كبيرة بيننا وبين روسيا بشكل مقلق. فموقفنا من إيران كدولة إرهاب يختلف عن موقف روسيا. وهي تنظر إلى (حزب الله) بشكل إيجابي وتمنح الغطاء للميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وتتجاهل جرائم نظام الأسد ضد أبناء شعبه. بكلمات أخرى، في الأمور الإقليمية والأمنية لا تراعي روسيا إسرائيل. والدليل هو صفقة الأسلحة الضخمة التي كشف عنها هذا الأسبوع وبموجبها تزود روسيا جيش إيران بأسلحة وذخائر حديثة بقيمة 10 مليارات دولار، وهذا رغم موقف إسرائيل ورغم ذهاب رئيس الحكومة أربع مرات إلى روسيا في السنة الماضية، حيث التقى مع بوتين وأجرى معه محادثات هاتفية كثيرة».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».