عاود الدوري الإنجليزي الممتاز نشاطه هذا الأسبوع، ومعه نبحث عن الكلمة الأنسب لوصف المنافسة، هل هي البطولة «الأفضل» في العالم، أم «الأكثر تنافسية»، أم ببساطة «الأغنى».
لكن هناك وصف آخر ينطبق على الدوري الإنجليزي، قد يكون غير محدد بدقة وهو أنه أكثر دوريات العالم إثارة. ولتتأكد من ذلك بنفسك، ما عليك سوى أن تطأ بقدمك الملعب في يوم المباراة لتتأكد من صدق ما نقول.
فالمونتاج التلفزيوني لا يزال مليئًا بلقطات الجنون الجماهيري، ولا يزال الإعلام الأجنبي يتحدث عن إيجابيات الأجواء في الدوري الإنجليزي، لكن الجماهير تعلم أن هذا لا ينطبق على الواقع هنا. فأكثر المباريات في أغلب الملاعب لم تعد تهزها الأهازيج والهتافات المعتادة التي ترددها الجماهير المتحمسة، بعد أن ساد السكون والإحباط الملاعب، ولم يعد هناك ما يحرك الجماهير سوى الأهداف أو المخالفات الصريحة التي يرتكبها الحكام. وحتى هتافات جماهير الفريق الضيف كثيرا ما تعلو فوق تشجيع الجماهير صاحبة الملعب، لكن في النهاية يصيبها التعب. «هل نجلس في مكتبة للقراءة؟» كان الهتاف الساخر الذي يتردد في الملاعب التي حللنا بها في الموسم الحالي.
ليست جميع ملاعب الكرة، ولا كل مباراة على هذا الحال، لكن التراجع في حماسة ومشاركة الجماهير مشكلة حقيقية، لقد باتت مصدر قلق للكثيرين. الأهم من أي شيء هو أن هذا سبب مشكلة للجماهير نفسها، فالأغاني والهتافات، والضوضاء الصادرة عن الجماهير متعة للحاضرين في حد ذاتها، ونتحدى أن يكون أي منكم قد شارك في هتاف مثل «أوووووه ماذا تفعل أأأأأه» عندما يفشل الحارس في تسديد الكرة لمنتصف الملعب.
هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير، فهنا تاريخ لهتافات المشجعين مثل ترديد أغنية «12 يوما مع كانتونا»، والتقليد الذي ساد مدرجات نادي سوانزي بترديد ترانيم وألحان معينة. ربما الأهم من كل هذا أنها بالفعل ساهمت في نجاح أندية، فالصوت المرتفع في الهتاف والتشجيع يساعد الفريق على تحسين أدائه على أرض الملعب.
لماذا ساد الصمت إذن؟ فأي تفسير يجب أن يبدأ بالمال، فقد رفع الدوري الممتاز سعر تذكرة الدخول مؤخرا ليصل إلى 31 جنيه إسترليني في المتوسط، وهذا ليس بالسعر الزهيد. قد لا تكون مرتفعة بتلك الصورة، لكنها أقرب لسعر تذكرة المسرح منها إلى تذكرة السينما، ولذلك فسعرها يؤثر على الناس. فعندما يدفع الناس المزيد من المال فالهدف هو أن يحصلوا على متعة المشاهدة.
تعليقًا على هذا، اعترف المدير التنفيذي لمسابقة الدوري الإنجليزي، ريتشارد سكودامور، بهذه النقطة: أهم نقطتين يتحكمان في الحضور الجماهيري هما «مستوى الأداء والتسلية، وسعر التذكرة».
فمع تغيير العلاقة، وبعدما أصبح المشجعون مستهلكين، فيمكن أن نعرف السبب لماذا لم يعودوا ملزمين بجلب الصخب والضوضاء معهم.
في الواقع، ما نسمعه الآن هو صافرات وهتافات الاستهجان إما أثناء المباراة عندما لا يعجب المنتَج المشاهدين، أو عند مغادرة الفريق أرض الملعب بعد انتهاء المباراة فيسيطر الصمت. كذلك فإن ما نلاحظه من تأخر الجماهير في إخلاء المدرجات بعد المباراة، أو التأخير في ملء المدرجات بعد بداية الشوط الثاني، هي تصرفات قد يرجع سببها إلى شعور الجماهير أنها دفعت مالا وأن لها الحق في تحديد موعد الانصراف.
يلعب المال أيضًا دورا آخر غير مقصود، حيث تشكل التذاكر السنوية نسبة 71 في المائة من إجمالي تذاكر الدوري المباعة (مقارنة بنحو 68 في المائة العام الماضي).
ويعد هذا النوع من التذاكر فعالا من حيث ترشيد الكلفة، إلا أنها تتطلب مبلغا مستقطعا، وتعطي الأولوية لمن اشترى مبكرا. قد تكون هذه الطريقة مفيدة لضمان امتلاء المدرجات بالمتفرجين، لكنها سيئة فيما يخص إمكانية إحضار مشاهدين جدد للمباريات، والمقصود هنا الجماهير الجديدة المتحمسة للحضور، وتحديدا الجماهير الشابة القادرة على جلب الضوضاء للملعب.
المال ليس كل شيء، فشكل المدرجات الحديثة التي تجعل الصوت يتبخر في الهواء الطلق بدلا من أن تجعله يتردد بين جنبات الملعب يعتبر أحد الأسباب. فتغيير التصميم الذي خلا من الممرات بين المدرجات، وما يسببه الهاتف المحمول من تشتيت للذهن وتغيير سلوك الناس أثناء المشاهدة، والسماح بدخول الكحوليات كلها عوامل جعلت الهتاف المنظم أمرا نادرا. هذا ناهيك بعدم الاعتراف بأن آخر ما تود أن تفعله هو أن تغني للاعبين باتوا من زمرة المليونيرات، ولذلك هناك الكثير من الأسباب التي أدت لحالة السكون التي نراها في الملاعب.
لكن الأمر المؤكد هنا هو أن حالة الصمت المطبق ليست إيجابية أبدا للدوري الممتاز، إذ إن حالة الهرج والمرج تعد عنصرا هاما في تسويق اللعبة بالخارج، وحتى يستطيع المشاهد في البيت ملاحظة أن هناك شيئا مختلفا، قد تتملكه الحيرة وهو ممسك بجهاز الريموت كونترول ويضغط زر الصوت ليصل لأعلى درجاته ورغم ذلك لا صوت ينبعث من المدرجات. ولو أننا فكرنا أيضا في سعر التذكرة الذي يبلغ 30 جنيها إسترلينيا، والنقاش المرتقب هذا الأسبوع بشأن تصميم المدرجات، فسوف ندرك أن هناك اتجاها لتغيير الوضع القائم.
ولذلك فأندية مثل توتنهام باتت تفكر الآن في بناء استادات جديدة لكن على غرار القديمة من حيث انحدار المدرجات وقربها من أرض الملعب لتكون قادرة على تضخيم الضجيج الصادر عن المدرجات. فما شاهدناه من استراتيجيات التشجيع من جماهير نادي ليستر سيتي طوال الموسم، وكذلك تشجيع نادي ستوك سيتي، كلها كانت أشبه بجمهور فرق الصغار ممن يحصلون على تذاكر موسمية تحت 11 سنة.
لكن على النقيض لا تزال هناك بعض الجماهير، مثل جماهير ألتراس كريستال بالاس المتحمسة والتي نجحت في أن تخلق في ملعب سلهارست بارك أجمل الأجواء في بريطانيا.
مطالب بعودة حماس جماهير الدوري الإنجليزي
هل لعب المال دورًا في حالة السكون التي بدت تسود الملاعب؟
مطالب بعودة حماس جماهير الدوري الإنجليزي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة