أكراد سوريا ونظام الأسد.. صراع على النفوذ وتقاطع المصالح

المعارضة: الانفصال هدفهم.. ومسؤول كردي: النظام مجرم ونطمح لدولة فيدرالية

أكراد سوريا ونظام الأسد.. صراع على النفوذ وتقاطع المصالح
TT

أكراد سوريا ونظام الأسد.. صراع على النفوذ وتقاطع المصالح

أكراد سوريا ونظام الأسد.. صراع على النفوذ وتقاطع المصالح

يعتري الغموض والالتباس علاقات النظام السوري، بالأحزاب الكردية التي تتقاسم النفوذ ما بين و«حدات حماية الشعب الكردي» التي تنتمي أكثرية تشكيلاتها إلى حزب «الاتحاد الديمقراطي» ويقوده صالح مسلم، وبين ما يعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية» في شمال البلاد، فتارة تشهد العلاقات تدهورًا وصراعًا مسلحًا، وتارة أخرى تعاونا وتنسيقا مبنيين على مصالحهما التي تتقاطع في مناطق مختلفة، كما يحصل الآن في شمال حلب، حيث التنسيق على أشده بين الطرفين في مواجهة قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيًا.
وتجلّت صورة التعاون بين النظام والأكراد قبل أيام قليلة، في الاتفاق الذي أبرم بينهما وأفضى إلى تمكن قوات الأسد من انتشال جثث ورفات نحو مائة من عناصرها والمسلحين الموالين لها، ممن قتلوا في مطار منغ العسكري الواقع في ريف حلب الشمالي الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية» في الوقت الراهن.
عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة سمير نشار، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحالفات الضرورة دائمًا ما تجمع بين النظام والأكراد، خصوصًا حزب (بي واي دي) المتعدد الطموحات». ولفت إلى أن «نظام الأسد يهادن في هذه المرحلة، ويترك صالح مسلم وحزبه يعملان وفق طموحاتهما، لأن ذلك يخدمه في إضعاف الثورة السورية التي تنادي بإسقاط النظام». مؤكدًا أن «أولويات صالح مسلم لم تكن يومًا محاربة الأسد، إنما تحصيل حقوق الأكراد، بالتالي لا يهم مسلم من يحكم سوريا، بقدر ما يهمه من يعطيه حقه في الانفصال»، عادًا أن «التعاون بينهما وتبادل الجثث والأسرى، هو أحد أوجه تلك التفاهمات».
وكانت «وحدات حماية الشعب الكردي» وفصائل موالية لها منضوية تحت راية «قوات سوريا الديمقراطية»، تمكنت في 10 فبراير (شباط) الماضي من السيطرة على قرية منغ ومطارها العسكري بريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم «داعش» وفصائل معارضة في المطار.
من جهته، أعلن نواف خليل، مدير «المركز الكردي للدراسات»، (المتحدث باسم الاتحاد الديمقراطي الكردي سابقًا)، أن الأكراد «هم أول من عارض نظام الأسد في عام 2004، وأول من حطموا تماثيل حافظ الأسد في القامشلي، وتسبب ذلك باعتقالنا والتنكيل بنا». وأوضح خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة مع المعارضة، أنهم لا يريدون الأكراد ندًا». وقال: «نحن نعد نظام بشار الأسد مجرمًا، ولا يمكنه أن يحدث تحولاً ديمقراطيًا في سوريا لأنه بذلك ينهي نفسه». وأضاف: «نحن وقفنا مع المجلس الوطني السوري في القاهرة، وكان أحد بنود الوثيقة التي وقعنا عليها جميعًا إسقاط النظام بكل رموزه، وهذه الوثيقة نفسها وقعت عليها (حركة المجتمع الديمقراطي) مع رئيس الائتلاف أحمد الجربا أيضًا»، عادًا أن «مشكلة المعارضة أنها ركنت إلى طرف إقليمي، وهي تركيا التي تعادي الأكراد».
واللافت أن للمعارضة كثيرا من التحفظات على ما تعده أدوارًا ملتبسة للأكراد؛ إذ لاحظ عضو الائتلاف سمير نشار، أن «الخلافات بين النظام والأكراد التي دارت في الحسكة، لم تكن خلافات سياسية أو عسكرية، بل كانت قتالا على المنافع والإتاوات، حيث حاولت (قوات الحماية الكردية) الحد من نفوذ قوات الأسد داخل المدينة»، ولفت إلى أنه «في شمال حلب، وتحديدًا في عفرين، شكل الطيران الروسي غطاء جويًا للأكراد للوصول إلى مناطق سيطرة المعارضة وانتزاعها منها»، مؤكدًا أن «الصدامات التي تحصل بين الأكراد والنظام لا تتعدى تضارب المصالح الذي سرعان ما يسوّى ويعالج». وتابع: «نظام الأسد يريد حصر الصراع مع المعارضة السورية فقط، ليقدم نفسه أمام المجتمع الدولي كمحارب للإرهاب».
في المقابل، ثمة أمثلة كثيرة على الخلافات الجذرية بين الأكراد والنظام، وقال نواف خليل: «حينما لا يتجرّأ النظام على الخروج من بقعة صغيرة في القامشلي، وحين تفرض (قوات الحماية)، (الكردية)، سلطتها عليه في الحسكة، فهذا لا يجعلنا نحتاج شهادة من أحد».
وللدلالة على أن الأجندة الكردية تتقاطع مع أجندة الأسد، لمح سمير نشار إلى أن الأكراد «لا مانع لديهم من بقاء الأسد في السلطة إذا أعطاهم حقوقهم»، لافتًا إلى أنهم «في بداية الثورة أعلنوا أنهم يقفون مع من يعطيهم حقوقهم، مما يعني أنهم ليسوا جزءًا من الثورة، وهذا ما يجعلهم متحدين في مواجهة المعارضة التي تريد بقاء سوريا دولة مدنية ديمقراطية موحدة، لأن الفيدرالية شبيهة بما يقوم به (داعش) والنظام و(النصرة)، لكن كل وفق نموذجه».
وهنا ذكّر نواف خليل بأن الأكراد «يتطلعون إلى دولة علمانية، مدنية وفيدرالية، وكل الأحزاب الكردية لا تشذّ عن القاعدة، لأن الدولة الفيدرالية تعني إعادة سوريا المقسمة أصلاً». وقال: «نحن لم نطرح لا الانفصال ولا الاستقلال على الإطلاق».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.