أديس أبابا تدعم عودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي

العاهل المغربي والرئيس الإثيوبي يترأسان التوقيع على 7 اتفاقيات ثنائية

العاهل المغربي والرئيس الإثيوبي خلال حفل التوقيع على الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
العاهل المغربي والرئيس الإثيوبي خلال حفل التوقيع على الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
TT

أديس أبابا تدعم عودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي

العاهل المغربي والرئيس الإثيوبي خلال حفل التوقيع على الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
العاهل المغربي والرئيس الإثيوبي خلال حفل التوقيع على الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالغن، أمس السبت، دعم بلاده لعودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد مرور 32 عامًا على انسحابها منه. وأعرب ديسالغن، في بيان مشترك أمس، عقب زيارة الدولة التي قام بها الملك محمد السادس إلى إثيوبيا، عن «الالتزام القوي لإثيوبيا من أجل التجسيد الكلي لقيم ومبادئ الاتحاد الأفريقي»، معبرا عن «دعمه قرار المغرب العودة إلى الاتحاد الأفريقي ابتداء من القمة المقبلة للاتحاد».
ويتكون البيان من 22 فقرة، تناولت كثيرا من القضايا، ضمنها العلاقات الثنائية بين الرباط وأديس أبابا، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن الوضع الإقليمي.
من جهته، أشاد العاهل المغربي بالدور الأساسي الذي تقوم به إثيوبيا في إطار الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والتزامها من أجل السلام والاستقرار والتكامل في المنطقة وفي أفريقيا ككل. ونوه رئيس وزراء إثيوبيا بالتزام ومساهمة المغرب في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في أفريقيا. كما هنأ الملك محمد السادس على رؤيته الرامية إلى تعزيز التعاون جنوب - جنوب وبين دول أفريقيا، وأشاد بجهوده لضمان ازدهار الرأس المال البشري لأفريقيا.
ورحب الملك محمد السادس بافتتاح سفارة لإثيوبيا في الرباط، وتعيين سفير على رأس هذه البعثة الدبلوماسية. وتبادل الجانبان وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية، والسياسية والأمنية الراهنة في مختلف المناطق في أفريقيا، واتفقا في هذا الصدد على ضرورة إعطاء الدول الأولوية لتسوية المشكلات بالوسائل السلمية. وأشاد الجانبان بمساهمة عناصر القبعات الزرق المغاربة العاملين في إثيوبيا، ضمن عمليات حفظ السلام والاستقرار ودورهم في القارة. وهنأ الملك محمد السادس رئيس وزراء إثيوبيا على انتخاب بلاده عضوا غير دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشيدا بالتزامه بالدفاع عن مصالح البلدان الأفريقية، والنهوض بالحوار من أجل تسوية سلمية للنزاعات.
وجدد العاهل المغربي ورئيس وزراء إثيوبيا على التزامهما لفائدة النهوض بالتنمية المستدامة ومكافحة التغيرات المناخية. وفي هذا الصدد، أشاد ديسالغن بريادة المغرب التي استضافت قمة المناخ (كوب 22) ودفاعها عن القضايا الأفريقية خلال هذا الحدث المهم. كما جدد القائدان التأكيد على التزامهما القوي من أجل مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتمظهراته، وتنسيق الجهود دون تحفظ من أجل مكافحة الجريمة العابرة للحدود. واتفق القائدان أيضا على تنسيق مواقفهما داخل المنتديات الإقليمية والدولية للدفاع وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والحد من النزاعات المسلحة واحتوائها، ومكافحة الإرهاب والنهوض بثقافة التسامح والتعايش السلمي. وذكر البيان المشترك، أن هذه الزيارة مرت في أجواء ودية تعكس عزم البلدين على تعزيز علاقاتهما الثنائية بشكل أفضل. ووجه العاهل المغربي الدعوة إلى رئيس وزراء إثيوبيا من أجل القيام بزيارة رسمية للمملكة المغربية بتاريخ يتم الاتفاق عليه بين الجانبين.
وكان وزير الدولة الإثيوبي في الخارجية، تاي أتسكي سلاسي، قد قال في تصريح صحافي أمس، إن المغرب بقراره العودة إلى الاتحاد الأفريقي، فإنما «يعود إلى بيته وبين ذويه»، مضيفا أن «العودة إلى حضن العائلة تستقبل دائما برحابة صدر». وأفاد المسؤول الإثيوبي بأنه «يتعين علينا الإشادة بالمغرب لاتخاذه هذا القرار الذي طال انتظاره»، مشددا على أن المغرب دولة كبيرة تساهم «بشكل ثمين» في جهود التنمية في القارة.
وبشأن الزيارة الرسمية للملك محمد السادس لإثيوبيا، أوضح المتحدث أن هذه الزيارة الملكية تمثل منعطفا تاريخيا أعطى زخما قويا لعلاقات التعاون بين الرباط وأديس أبابا. وقال: «إننا نشيد بالمباحثات المثمرة جدا بين جلالة الملك وكل من الرئيس والوزير الأول الإثيوبيين».
وأبرز المسؤول الإثيوبي أن المغرب وإثيوبيا تجمعهما روابط قوية للصداقة منذ إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية سابقا (أصبحت لاحقا الاتحاد الأفريقي)، مبرزا أن الحكومة والشعب الإثيوبيين يقدرون هذه العلاقة حق قدرها.
وترأس الملك محمد السادس والرئيس الإثيوبي مولاتو تيشوم، أمس، بالقصر الوطني بأديس أبابا، حفل التوقيع على سبع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالقطاعين العام والخاص.
وتشكل هذه الاتفاقيات، التي تنسجم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تعزيز الشراكة جنوب - جنوب، إطارا قانونيا عمليا وآلية نوعية للإسهام في هيكلة تعاون مثمر بين حكومتي البلدين. وتغطي هذه الاتفاقيات ميادين متنوعة من قبيل النقل الجوي، والمجال الضريبي وحماية الاستثمارات، والفلاحة والطاقات المتجددة.
في سياق ذلك، جرى التوقيع على مذكرة تفاهم تهم التعاون الاقتصادي والعلمي والتقني والثقافي، وقعها الوزير المنتدب في الخارجية ناصر بوريطة، ووزير الدولة الإثيوبي في الشؤون الخارجية تاي أتسك سيلاسي. فيما تتعلق الاتفاقية الثانية باتفاق حول خدمات النقل الجوي، وقعه الوزير بوريطة ووزير النقل الإثيوبي أحمد شيد.
وتهم الاتفاقية الثالثة، وهي مذكرة تفاهم، إنعاش التجارة، وقعها الوزير بوريطة، ووزير التجارة الإثيوبي بيكيلي بيلادو. وتتعلق الاتفاقية الرابعة بمنع الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، وقعها وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، ووزير المالية والتعاون الاقتصادي الإثيوبي أبراهام تيكيست. أما الاتفاقية الخامسة فتتعلق باتفاق في مجال الإنعاش والحماية المتبادلة للاستثمارات، ووقعها محمد بوسعيد، ومندوب لجنة الاستثمار الإثيوبية فيتسوم أريغا.
وتهم الاتفاقية السادسة، التعاون في المجال الفلاحي، ووقعها وزير الفلاحة والصيد البحري السيد عزيز أخنوش، ووزير الزراعة وتنمية الموارد الطبيعية الإثيوبي إياسو أبراها. أما الاتفاقية السابعة فهي مشروع اتفاق للتعاون في مجال الطاقات المتجددة، ووقعه رئيس الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن) ووزير المياه والري والكهرباء الإثيوبي سيلشي بيكيلي.
وحضر حفل التوقيع على هذه الاتفاقيات، أعضاء الوفد الرسمي المرافق للعاهل المغربي، وعدد من أعضاء الحكومة الإثيوبية، وفاعلون اقتصاديون من كلا البلدين.
وفي ختام هذا الحفل، وقع الملك محمد السادس في الدفتر الذهبي للقصر الوطني لإثيوبيا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».