دافع يوسف الشاهد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تونس، ومحمد الناصر رئيس البرلمان، أمس في جلسة برلمانية مخصصة لنقاش ميزانية الدولة للسنة المقبلة، عن توجهات الحكومة الحالية ومواجهتها الظرف الاقتصادي والاجتماعي الصعب، ووجها رسائل مختلفة إلى الأطراف الاجتماعية والنقابية، التي انتقدت مقترح الحكومة بتأجيل الزيادات في الأجور خلال سنتي 2017 و2018.
وانطلقت النقاشات حول ميزانية الدولة للسنة المقبلة تحت قبة البرلمان في ظل خلافات عميقة مع عدة منظمات تونسية، من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن الزيادات في الأجور، والهيئة الوطنية للمحامين، وعمادة الأطباء، ونقابة رجال الأعمال بشأن الترفيع في الضرائب.
وقال الشاهد إن «حكومة الوحدة الوطنية لن تسمح اليوم لأحد بتقسيم التونسيين، وبث خطابات الكره والخوف وإعلانات الحرب»، وأضاف في كلمة ألقاها أمام أعضاء البرلمان إن «تونس تحتاج اليوم إلى تنمية الديمقراطية وتعزيز مدنية الدولة وتكريس مكانة الدستور».
وفي معرض حديثه عما أنجزته حكومة الوحدة الوطنية خلال 84 يوما من توليها السلطة، قال الشاهد إن حكومته تمكنت منذ حصولها على ثقة البرلمان من معالجة عدد من القضايا، أبرزها التعامل الجيد مع التهديدات الإرهابية الطارئة، ووضع رؤية مستقبلية للقضايا التي تعيشها البلاد، تنفيذا لما ورد في «وثيقة قرطاج»، التي أسست لظهور حكومة وحدة وطنية.
وفي ظل خيبات اقتصادية واجتماعية، ونسبة نمو اقتصادي ضعيفة لا تزيد على 1.5 في المائة خلال السنة الحالية، استنجد الشاهد بمجموعة من الإجراءات الضرورية التي اتخذتها حكومته لفرض احترام القانون دون تمييز، وضمان هيبة الدولة، وأكد أن المواطن العادي بدأ يلمس نتائج هذه السياسة في عدد من الولايات (المحافظات)، على حد تعبيره.
وفي رد غير مباشر على تمسك المنظمة النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل) بضرورة الزيادة في الأجور خلال السنة المقبلة، قال الشاهد إن حكومته «توفرت لديها الشجاعة السياسية الكافية وصارحت التونسيين بالواقع الصعب للبلاد، ودعتهم إلى تقاسم التضحيات، والوقوف جنبا إلى جنب من أجل مصلحة تونس مهما كانت الاختلافات الفكرية والسياسية»، مبرزا أن هذا الأمر يكفل لهم استرجاع الثقة في الطبقة السياسية، والأمل في إرساء النظام الديمقراطي، على حد تعبيره.
وأوضح الشاهد، أن قانون المالية الجديد لن يقر زيادات في الأجور في وضع يفتقد فيه الاقتصاد المتعثر للنمو، وفي ظل وضع مالي خطير، مبرزا أن تونس تحتاج إلى قانون مالية شجاع يقدم حلولا عاجلة، ويطرح تقاسم الأعباء والتضحيات على جميع التونسيين.
وأضاف الشاهد، أن «التوازنات العامة للاقتصاد الوطني في خطر، والعجز وصل إلى حد لا يطاق. والميزان التجاري اختل بشكل خطير، ونسبة التداين وصلت لأرقام قياسية»، مشددا على أنه «من دون تعافي المالية العمومية لا يمكن أن نتحدث عن نمو أو تشغيل. يجب أن تكون لدينا الشجاعة السياسية الكافية لنصارح الشعب بأنه في غياب النمو، فإن الزيادات كما تم الاتفاق عليها غير ممكنة».
في السياق ذاته، أكد محمد الناصر، رئيس البرلمان، أن مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة سيمكن من تحقيق «نتائج إيجابية تعود بالنفع على البلاد على اعتبار أن المصلحة الوطنية العليا هي القاسم المشترك بين النواب في البرلمان والشعب، الذي وضع فيهم كل ثقته عبر الانتخابات»، ودعا جميع الأطراف السياسية والاجتماعية إلى «تبادل النصائح وتقديم التنازلات في إطار المشاورات والحوار، وتقاسم التضحيات والجهود بهدف النجاح المشترك والجماعي».
ويأتي دفاع كل من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان عن توجهات الحكومة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي للرد على تهديد الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال الأكثر تمثيلا في البلاد) بشن إضراب عام عن العمل في حال تراجع الحكومة عن مبدأ الزيادات في الأجور المقررة خلال السنة المقبلة.
في هذا الشأن، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم نقابة العمال، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاجتماعات التي عقدها الاتحاد خلال الفترة الأخيرة في مختلف الجهات تمخضت عن موقف موحد، يتلخص في الإصرار على عدم المساس بمكاسب الوظيفة العمومية، وإقرار الزيادات في أجور العاملين»، مشيرا إلى أن مدينتي تونس العاصمة وصفاقس (وسط شرق) ستشهدان تجمعات عمالية حاشدة لدعم موقف نقابة العمال، علاوة على إقرار تنفيذ تجمع عمالي ضخم أمام مقر البرلمان قبل التاسع من الشهر المقبل.
تونس: نقابة العمال تهدد بإضراب عام.. والشاهد يدافع عن توجهات الحكومة
رئيس البرلمان دعا جميع الأطراف السياسية إلى تقديم تنازلات للخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة
تونس: نقابة العمال تهدد بإضراب عام.. والشاهد يدافع عن توجهات الحكومة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة