يبدو أن البرازيليين لم ينسوا حتى الآن أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد هي الأصعب في تاريخ بلادهم، وأن البرازيل والتي كانت منذ سنوات قليلة على أعتاب أكبر اقتصادات العالم أصبحت تعاني اليوم أزمة طاحنة قد تعصف بالبلاد.
الوضع السياسي في البرازيل ليس بالأفضل حالا هناك، فمنذ عزل الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف عن منصبها وتولي الرئيس الحالي ونائبها سابقا ميشال تامر لزمام الأمور في البلاد لم تهدأ الأوضاع السياسية، ودائما ما تكون النقابات العمالية وراء الحركات الاحتجاجية في البلاد. تلك النقابات العمالية والتي تدعم بشكل أو آخر الرئيسة السابقة ودائما كانت ترى فيها نصيرا لحقوق العمال الكادحين.
ميشال تامر والذي جاء على رأس السلطة بعد الإطاحة بالرئيسة السابقة روسيف اتخذ عددا من الإجراءات التقشفية حديثا والتي سوف تستمر لمدة 20 عامًا، وذلك بناء على المشروع الذي أقره مجلس الشيوخ البرازيلي وفي انتظار الموافقة النهائية عليه، حيث سيقلل من النفقات الحكومية ويقلل من الدعم لقطاعات مثل الصحة والتعليم وذلك لمواجهة العجز في البلاد.
إلا أن تيارات يسارية ونقابات عمالية ترى في الخطوة استراتيجية من رأس السلطة حاليا للسيطرة على سدة الحكم وتكميم أفواه المعارضين لنظام تامر من أجل دعم قدراته السياسية للبقاء في السلطة لأكبر وقت ممكن.
الإجراءات التي قام بها تامر دفعت قطاعات عريضة للاحتجاج مما أثر على حركة الشارع البرازيلي ولفتت الأنظار مجددا إلى البرازيل تلك الدولة التي كانت تتمتع بثبات اقتصادي وسياسي ملموس. إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية تدفع بشدة نحو احتكاكات بين السلطة والمعارضة في إطار الرفض الشعبي للرئيس تامر.
بالفعل نزل المتظاهرون إلى الشارع، وخصوصا العواصم الكبرى في البلاد من أجل الاحتجاج على سياسات الرئيس الجديد، وذلك بمشاركة كبرى النقابات الطلابية واتحاد الوحدة المركزية للعمال، وهي قطاعات نقابية في البلاد تناهض سياسات الرئيس الجديد.
ودائما ما سيطرت التيارات النقابية على المشهد السياسي في البرازيل التي دائما كانت مناهضة للرأسمالية منادية بجعل الطبقة العاملة تسيطر على الاقتصاد والحكم. متبعة الإضرابات والاحتكاك السياسي للعودة إلى المشهد السياسي من جديد، ودعم الرئيسة السابقة روسيف أو الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا والذي كان من أبرز الوجوه النقابية في البلاد.
الرئيس البرازيلي ميشال تامر أقر في أكثر من موقف أن البلاد تمر بفترة عصيبة إثر الركود الاقتصادي مما دفعه للتوجه نحو اقتصادات جديدة وتحالفات سياسية غير تقليدية مثل الاتجاه ناحية الصين والشرق الأدنى، وذلك للبحث عن فرص جديدة تدعم سياساته وتدعم الاقتصاد البرازيلي والذي يعاني الركود، كما أن الشركات البرازيلية العملاقة أصبحت ترى في توجها ناحية الشرق فرصة لتعويض العجز الحالي وتعزيز فرصها للنمو من جديد.
هذا المشهد السياسي دفع الرئيس تامر لاتخاذ إجراءات تقشفية صارمة يحاول عن طريقها تقليل الصراع بين الاقتصادات اللاتينية الكبرى وخصوصا في ظل احتمالية خروج البرازيل من قائمة أكبر 10 اقتصادات في العالم، وتصارعها مع غيرها من دول أميركا اللاتينية، وخصوصا أن الأرقام الحالية للاقتصاد البرازيلي لا تعكس الصورة المرجوة لبروز البلاد لقيادة القارة اللاتينية ويفتح الباب لاقتصادات أقوى هناك للريادة مثل الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وسط حالة من عدم الرضا في الشارع البرازيلي عن الأداء السياسي والاقتصادي في البلاد.
المشهد السياسي المعقد بالفعل أثر سياسيا أيضا على البلاد والتي كانت استدعت سفراءها من فنزويلا والإكوادور ردا على خطوات اتخذتها تلك الدول بعد قرار عزل ديلما روسيف، من الرئاسة وهو ما يزيد من حدة الأزمة ويضاعف التراجع الاقتصادي.
وبينما ترى القيادة السياسية للبلاد أنها تسير على الطريق السليم تنظر النقابات العمالية والطبقات الكادحة والتي تمثل القاعدة العريضة في البلاد أن هذه الإجراءات قد تدفع إلى مزيد من الأزمات السياسية، مذكرة أن دولة مثل البرازيل التي بنيت على أيدي الفئات العمالية وأفرزت رؤساء من هذه الطبقة الكادحة مثل لولا دا سيلفا قد لا ترغب في الرضوخ إلى إجراءات التقشف التي قد تدفع إلى مواجهات سياسية عنيفة قد تكلف الإدارة السياسية فقدان الطبقة العاملة وخسارة صوتها في الانتخابات المقبلة.
البرازيل تواجه الاحتجاجات العمالية بالإجراءات التقشفية
مشروع تامر لتخفيض النفقات لمدة 20 عامًا يدفع نحو التصعيد والاحتجاج السياسي
البرازيل تواجه الاحتجاجات العمالية بالإجراءات التقشفية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة