الصراع على مناطق السيطرة يفجر الصراع بين الفصائل السورية

جاءت المعارك بالتزامن مع تقدم «درع الفرات» والحديث عن تسلم مناطق «داعش»

الصراع على مناطق السيطرة يفجر الصراع بين الفصائل السورية
TT

الصراع على مناطق السيطرة يفجر الصراع بين الفصائل السورية

الصراع على مناطق السيطرة يفجر الصراع بين الفصائل السورية

أقصت قوات «حركة أحرار الشام الإسلامية» حلفاءها «الجبهة الشامية» من مدينة أعزاز الحدودية مع تركيا، حين سيطرت على «القسم الأكبر من مواقع ونقاط انتشار الجبهة الشامية»، بعد اشتباكات أفضت أيضا إلى ملاحقة العناصر واعتقال آخرين، بحسب ما قال مصدر سوري معارض في شمال حلب لـ«الشرق الأوسط».
وجاءت المعارك بالتزامن مع تقدم قوات «درع الفرات» إلى ريف حلب الشرقي، التي تعتبر «أحرار الشام» جزءا منها، والأنباء عن استعدادات لتسلم فصائل من القوى المقاتلة في «درع الفرات» المناطق التي سيطرت عليها أخيرا من قبضة «داعش»، بعد اختيار عناصر منها لتقوم بمهام «الشرطة في المناطق المحررة»، كما قال المصدر المعارض، مشيرا إلى أن الاشتباكات في الظاهر «هدفت إلى طرد زعيم الجبهة الشامية في أعزاز، بصفته لا يزال يحتفظ بعلاقات مع القوات الكردية في عفرين» وهي القوات التي تربطها علاقة خصومة مع «درع الفرات».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الاشتباكات تواصلت بين «الجبهة الشامية» من طرف، و«حركة أحرار الشام» و«أحرار سوريا» و«جيش الشمال» و«أحرار الشرقية» و«كتائب الصفوة» من طرف آخر، حيث تمكن الأخير من السيطرة على مقرات وحواجز كانت تسيطر عليها الجبهة الشامية، فيما تواصلت الاشتباكات في محاولة من «أحرار الشام» والفصائل المتحالفة معها للسيطرة على كامل مقرات الجبهة الشامية في أعزاز.
وقال مصدر في «أحرار الشام» لـ«الشرق الأوسط»، إن العملية «لم تستهدف الجبهة الشامية، التي لا نزال نقاتل معها سويا على جبهات ريفي حلب الغربي والشمالي، بل تستهدف أبو علي سجو، قائد معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، بسبب تجاوزاته، وانسحابه من الجبهات وضرب الثوار، إضافة إلى تلقيه أموالا وجهات أخرى لقاء إدخال المقاتلين، ويتصرف كما لو كان المعبر له». وقال المصدر إن سجو «حشد أقاربه وأصدقاءه في المعركة للدفاع عنه، وهو ما دفع لتوسيع المعركة التي بادرت إليها أحرار الشام، وانضمت إليها فصائل ثورية أخرى كلها تتضرر من سلوكيات سجو».
وأكد المصدر نفسه أن «تقارير إعلامية، تحدثت عن أنه يورد السلاح لعفرين، وهو ما ساهم في استعجال العملية»، لافتا إلى أنه «تم التسامح مع الذين ألقوا سلاحهم، بينما الأشخاص الذين واجهوا القوة المركزية، تم إلقاء القبض عليهم وستتم إحالتهم إلى القضاء غدا (اليوم الثلاثاء)».
وبحسب ناشطين، فإن أعزاز شهدت اشتباكات واسعة بين الفصائل المقاتلة، وشهدت حظر تجول منذ السادسة صباحا، وشهدت شللا كاملا للمؤسسات». وخرجت مظاهرة حاشدة من المدنيين أمام المحكمة المركزية وسط مدينة أعزاز، تطالب بوقف الاشتباكات الدائرة بين أحرار الشام وعدة فصائل أخرى من جهة وبين الجبهة الشامية من جهة أخرى.
لكن المصدر المعارض بريف حلب الشمالي، قال إن القضية مرتبطة بالاستعدادات لتسلم معبر السلامة بين حلب وتركيا، وطرد سجو الذي «نسق مفاوضات وتسويات بين المعارضة والقوات الكردية في عفرين، بحكم علاقات تجمعه مع الطرفين»، مشيرا إلى أن «الاتهامات له بأنه على علاقات مع القوات الكردية، هو الدافع الرئيسي للحملة العسكرية المشتركة ضده».
في المقابل، تنفي «أحرار الشام» رغبتها بتسلم المعبر، حيث قال المصدر في الأحرار: «نسيطر على معبر باب الهوى مع إدلب، ولسنا بحاجة لمعبر حدودي يضعنا بمواجهات مع قوى فاعلة في الجيش السوري الحر. الموضوع لا يتعلق أبدا بقضية السيطرة».
وكان حاجز الدوار الرئيسي المؤدي إلى عفرين، الذي شهد الاشتباك أمس، قد تسبب قبل عدة أشهر بخلافات بين أحرار الشام والجبهة الشامية على خلفية السماح للبضائع والمواد الغذائية بالدخول إلى مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، وتم الاتفاق فيه على تسليم أموره وإدارته لمحكمة أعزاز المركزية.
الاشتباكات بين الفصائل المعارضة في حلب، هي الأخيرة بين سلسلة معارك شهدتها مناطق سيطرة المعارضة، وكان آخرها الأسبوع الماضي، المعارك التي وقعت في الأحياء المحاصرة داخل مدينة حلب بين فصائل «نور الدين الزنكي» وتجمع «فاستقم»، أسفرت عن وقوع إصابات، وسيطرت فيها «الزنكي» على مقار «فاستقم» في المدينة.
وفي حين لم تتخطّ التشكيلات العسكرية الموجودة في الأحياء المحاصرة في مدينة حلب تلك الاشتباكات والاحتقان في صفوفها، أعلن بعض القياديين عن تشكيل «مجلس قيادة حلب»، «للوقوف في وجه جميع المحاولات الرامية لتضييق الخناق على المدنيين المحاصرين في المدينة، والدفاع عنهم».
وتضم القيادة العسكرية الجديدة التي انتخبت المهندس أبو عبد الرحمن نور رئيسا للمجلس، وأبو بشير معارة قائدا عسكريا لحلب، تضم جميع التشكيلات العسكرية الموجودة ضمن مدينة حلب المحاصرة، «مجددة عهدها لأهالي المدينة بالدفاع عنهم حتى فك الحصار وإسقاط نظام الأسد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.