انتخابات نيكاراغوا ترسخ سياسة النظام الأحادي في أميركا اللاتينية

مع إكمال الفترة الرئاسية الجديدة سيكون أورتيغا قد مكث 15 عاما في الحكم

احتجاجات في العاصمة ماناغوا ضد إعادة انتخاب الرئيس أورتيغا (إ.ب.أ)
احتجاجات في العاصمة ماناغوا ضد إعادة انتخاب الرئيس أورتيغا (إ.ب.أ)
TT

انتخابات نيكاراغوا ترسخ سياسة النظام الأحادي في أميركا اللاتينية

احتجاجات في العاصمة ماناغوا ضد إعادة انتخاب الرئيس أورتيغا (إ.ب.أ)
احتجاجات في العاصمة ماناغوا ضد إعادة انتخاب الرئيس أورتيغا (إ.ب.أ)

لم تكن إعادة انتخاب دانييل أورتيغا في نيكاراغوا، بعدما أتمّ عامه العاشر على التوالي كرئيس للجمهورية، مفاجئة لأحد في الدولة، التي تقع في وسط أميركا اللاتينية، والتي تعد ثاني أفقر دولة في النصف الغربي من الكرة الأرضية. كذلك لم يكن ذلك مفاجئًا للعالم أجمع. والسبب بسيط؛ وهو تكريس دانييل أورتيغا لكل نفوذه، الذي جمعه خلال فترتيه الرئاسيتين، لمحو المعارضين من المشهد السياسي، مجردًا إياهم من أي فرصة تنافس حقيقية خلال الانتخابات. ولم تكن حملة 2016 الانتخابية استثناءً.
وأعلن المجلس الأعلى للانتخابات أن الرئيس قد حصل منذ بضعة أيام على 1.803.944 صوت، وهو عدد يمثل 72.5 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين. وتعني هذه النتيجة أنه تم إعادة انتخابه بأغلبية مريحة، وأنه قادر على أن يبدأ فترته الرئاسية الثالثة. كما يعني هذا أن أورتيغا، خلال عام 2022، سوف يكون قد أتمّ عامه الخامس عشر على كرسي الرئاسة. ومن المهم تذكر أن حكومته التالية سوف تكون الرابعة على كرسي الرئاسة، حيث تم انتخابه رئيسًا للمرة الأولى بين عامي 1985 و1990.
بالنظر إلى نتيجة الانتخابات الأخيرة، لا يوجد أدنى شك في أن نيكاراغوا، مثل فنزويلا، تترسخ كواحدة من الدول ذات النظام الأحادي في أميركا اللاتينية. ووصفت الأستاذة فيليكس مادارياغا، من نيكاراغوا في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط»، انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) بأنها «مسرحية هزلية»، وقالت: «لقد شهدت البلاد خلال الأربعين عاما الماضية أطول حالة غياب في تاريخها، رغم ما تقوم به السلطات، التي يتحكم بها الحزب الحاكم، من محاولات لإخفائها. ويعني هذا أن أورتيغا وزوجته، بصفتها مرشحة، فشلا في محاولة إضفاء الطابع الديمقراطي على عملية إعادة الانتخاب».
إلى جانب عمل دانييل أورتيغا على تعزيز نفوذه، يحاول ترسيخ أسرة حاكمة في نيكاراغوا؛ فقد تم انتخاب زوجته، روزاريو موريللو، كنائب للرئيس رغم أنها كانت تتمتع دومًا بنفوذ كبير في حكومات زوجها. وعلقت الأستاذة مادارياغا على هذا الأمر قائلة: «نظام دانييل أورتيغا، وروزاريو موريللو هو نظام أحادي عائلي ويعتبر شكلا جديدا لنظام الحكم الأحادي بمعنى أنها ليست ديكتاتورية عسكرية كما هو متعارف عليه في أميركا اللاتينية؛ لكن تتعرض العملية الديمقراطية الراهنة، التي بدأت في الظهور مع نهاية الحرب الأهلية عام 1990، للاختناق بسبب مشروع الأسرة الحاكمة الخاص بأورتيغا وأسرته».
وتم التشكيك في انتخابات عام 2016 من الخارج لأنه إضافة إلى عدم منح المعارضة فرصة تنافس حقيقية، لم يكن هناك إشراف دولي على الانتخابات ليضمن الشفافية خلال يوم الانتخابات؛ ولم يسمح الرئيس أورتيغا لمراقبين من الاتحاد الأوروبي، أو منظمة الدول الأميركية، بالمشاركة.
وعلقت بعض جهات المعارضة، مثل «الجبهة العريضة للديمقراطية»، على نتائج الانتخابات قائلة إنه «تم تزويرها». وأعربت الولايات المتحدة عن «قلقها البالغ» من نتائج الانتخابات؛ حيث صرح مارك تونر، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في بيان بأنه قبل الانتخابات، أزاحت حكومة نيكاراغوا المرشحين المعارضين للرئيس، ووضعت قيودا على الإشراف المحلي في مراكز الاقتراع، وكذلك الحصول على مسوغات التصويت، واتخذت إجراءات أخرى من أجل محو المساحة الديمقراطية في العملية.
وسيتمكن حزب الجبهة القومية للتحرير، وهو الحزب الحاكم حاليًا، من السيطرة على برلمان نيكاراغوا، بعد حصده لـ66.8 في المائة من الأصوات، وهو ما يمثل الأغلبية.
ومن المثير للفضول أن الرئيس أورتيغا قد بدأ مشروعًا شخصيًا من أجل ترسيخ بقائه في السلطة في البلاد. منذ ثلاثين عامًا انضم إلى مجموعة يسارية غير نظامية، تمكنت خلال الثورة الساندينية عام 1979 من خلع أناستاسيو سوموزا، آخر أفراد أسرة سوموزا، من الحكم. كانت هذه الأسرة تشتهر في أنحاء أميركا اللاتينية بأنها أسرة حاكمة من الديكتاتوريين تأسست في نيكاراغوا في ثلاثينات القرن الماضي. وكان أورتيغا واحدا من بين تسعة قادة للجبهة الساندينية للتحرير الوطني التي قامت بثورة ساندنيستا. بعد مغادرة أسرة سوموزا، تم تعيين دانييل أورتيغا رئيسًا للمجلس الحاكم، ثم ترشح للرئاسة نيابة عن حزبه «الجبهة الساندينية للتحرير الوطني». المثير للفضول هو أنه كان المرشح الوحيد عن حزبه خلال جميع الانتخابات التالية.
بطبيعة الحال، الرؤساء الذين قاموا بتهنئة دانييل أورتيغا على فوزه هم من الذين يطبقون نموذج حكم مماثل لنموذجه، ويتبنون آيديولوجية مماثلة لآيديولوجيته في بلاد مثل فنزويلا، وكوبا، لكن لم يمثل ما حدث بالنسبة إلى باقي أنحاء العالم سوى ترسيخ لنظام أحادي في نيكاراغوا على حد تعليق المراقبين للعملية السياسية هناك.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».