لبنان: دعوات للإسراع في تشكيل الحكومة.. والرئيس المكلف: يتسابقون على الحقائب

جعجع: تمثيلنا بالحكومة سيكون وازنًا.. والجميل: نأمل عدم السماح باحتكار قرار لبنان

رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يشارك في جزء من ماراثون بيروت أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يشارك في جزء من ماراثون بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

لبنان: دعوات للإسراع في تشكيل الحكومة.. والرئيس المكلف: يتسابقون على الحقائب

رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يشارك في جزء من ماراثون بيروت أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري يشارك في جزء من ماراثون بيروت أمس (إ.ب.أ)

في وقت تتكثف الجهود لتأليف الحكومة اللبنانية، وتذليل العقبات المتعلقة بشكل أساسي بمطالب الأفرقاء السياسيين، في محاولة للإعلان عنها قبل ذكرى الاستقلال الذي يصادف في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وصف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري واقع التأليف بالقول «في التشكيلة الحكومية هناك أيضًا ماراثون، وهم يتسابقون على الحقائب»، وذلك في رد على سؤال حول التأليف خلال مشاركته في سباق الماراثون، فيما دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى أن تكون الحكومة توافقية ميثاقية، وأمل مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان أن تكون الحكومة الجديدة جامعة للنهوض بلبنان مما يعانيه من أزمات.
من جهته، أكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب، سامي الجميّل، أن لا عدائية لحزبه مع أحد، مشيرًا إلى أن الرئيس الجديد ميشال عون معروف بأنه رجل المفاجآت. وقال خلال حفل توزيع البطاقات الحزبية للمنتسبين الجدد في جبيل: «نتمنى أن يفاجئنا عون بمواقف بطولية، منها عدم السماح لأي فريق أيا كان شأنه بأن يحتكر قرار لبنان في الخارج، وهذا القرار يجب أن يكون بيد الدولة».
بدوره، أوجز رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في مداخلة له عبر «سكايب» مع مؤتمر قطاع الانتشار في الحزب الذي يقام في بروكسيل - بلجيكا، الأسباب التي تُعيق تشكيل الحكومة بثلاث عقبات، مؤكدًا أن تمثيل القوات في الحكومة سيكون وازنًا واعدًا بشن حرب على الفساد.
والعقبة الأولى، وفق ما قال جعجع، هي أن بعض الأحزاب والقيادات السياسية لم تكن معتادة منذ 25 عامًا وأكثر على ممارسة رئاسية صحيحة، ففي السابق كان رئيس الجمهورية يُعطى بعض الوزراء، وكانت تؤلف الحكومات في عنجر وسوريا وعدد من الأمكنة إلى أن تصل في النهاية إلى الرئيس للتوقيع عليها، بينما في الوقت الحاضر لدينا رئيس جمهورية يريد المشاركة في تأليف الحكومة بحكم الصلاحيات التي يمنحه إياها اتفاق الطائف».
أما العقبة الثانية، بحسب جعجع، فهي أن البعض أيضًا يرفض الاعتراف بواقع التحالف بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الذي بات يُشكّل قوة سياسية لا يُستهان بها، وهذا البعض يجد صعوبة في التأقلم مع هذا الواقع الجديد».
واعتبر أن العقبة الثالثة تكمن في أن مشاركة القوات في الحكومة تزعج بعض الفرقاء الذين يحاولون عزلها بوضع فيتو عليها، ولكن التيار الوطني الحر وتيار المستقبل متضامنان مع القوات، ومن جهة أخرى لن يترك رئيس الجمهورية أي مجال لهذا الأمر وهو ملتزم معنا، ونحن لسنا في وارد فك الارتباط بيننا أبدًا.
وأبدى رئيس القوات تفاؤلاً «بقرب تشكيل الحكومة بعد أن يتم تذليل كل العقبات، وبعدها سنكون مع واقع سلطة جديد في لبنان، باعتبار أن المعادلة تغيرت، وكذلك الممارسة ستتغير، فنحن سنكون موجودين في الحكومة بشكل وازن، وضمن تفاهمات مع التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وبما أن موقفنا المبدئي تجاه الأمور الاستراتيجية معروف ومبني على قناعات ونظرة عليا للبنان، يجب أن ننصرف في هذا الوقت إلى بناء هيكل الدولة، من خلال بناء إدارات فعلية تتم فيها الممارسة السياسية بشكل صحيح».
ولفت إلى «أننا سنشن حربًا لا هوادة فيها على الفساد المستشري في الدولة الذي يكلفها نحو مليار دولار سنويا، بالإضافة إلى تنشيط الفعالية في مؤسسات الدولة والإدارات العامة».
وقال إن «القضية واحدة سواء كانت في لبنان أو في الاغتراب، فنحن اليوم أمام مفصل تاريخي في سياستنا، فعلى المستوى الحزبي الداخلي اقتربت هيكليتنا التنظيمية والإدارية من الاكتمال ولا سيما من خلال التعيينات الأخيرة، وآخرها تعيين الأمينة العامة الجديدة الدكتورة شانتال سركيس».
وفي موضوع الانتخابات النيابية، قال جعجع: «لدينا كل العزم من أجل التوصل إلى قانون انتخابي جديد، مع العلم أن بعض الأفرقاء غير متحمسين لقانون جديد، والقوات والتيار سيسعيان بكل ما أوتيا من قوة لإقرار قانون جديد، وسنصل إلى انتخابات نيابية في موعدها»، مذكرًا أن «المغتربين سيتمكنون من الانتخاب في أماكن وجودهم خارج لبنان».
وفي عظة الأحد، قال البطريرك الراعي: «يتطلع اللبنانيون إلى السلطة العليا الجديدة، رئيس الجمهورية المنتخب ورئيس الحكومة المكلف اللذين أتيا بنتيجة التوافق بين معظم الكتل السياسية، فيرغبون (اللبنانيون) في أن تكون الحكومة الجديدة المنتظرة حكومة جامعة وفاقية ذات فعالية، تجمع ولا تلغي، تتقاسم المسؤوليات بروح الميثاق الوطني والدستور، لا بذهنية المحاصصة والتشبث بهذه أو تلك من الحقائب، ويرجون أن يتم تأليفها والبدء بممارسة صلاحياتها الإجرائية قبل عيد الاستقلال، لكي تكتمل فرحة اللبنانيين جميعا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.