انتهاكات الحشد الشعبي تعود للواجهة بعد بث فيديو سحق الطفل

القوات العراقية تستأنف عملياتها في الموصل.. وتحذير أممي: «داعش» يحضر «الكيماوي»

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري لدى استقباله السفير الروسي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري لدى استقباله السفير الروسي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

انتهاكات الحشد الشعبي تعود للواجهة بعد بث فيديو سحق الطفل

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري لدى استقباله السفير الروسي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري لدى استقباله السفير الروسي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

استأنفت قوات مكافحة الإرهاب العراقية أمس، هجومها على الجبهة الشرقية لمدينة الموصل، آخر أكبر معاقل «داعش» في العراق، فيما حذرت الأمم المتحدة من أن التنظيم المتطرف يعد لـ«حرب كيماوية» في المدينة.
وواجهت قوات مكافحة الإرهاب العراقية مقاومة قوية خلال دخولها قبل أسبوع مدينة الموصل، الأمر الذي دفعها إلى تعزيز مواقعها قبل شن هجمات جديدة. وقال قائد «فوج الموصل» في قوات مكافحة الإرهاب المقدم منتظر سالم أن «قواتنا بدأت الهجوم على العربجية. الاشتباكات مستمرة» في شرق المدينة. وكان سالم قال في وقت سابق إن الهدف هو حي كركوكلي في شرق الموصل، لكن العربجية كانت أولا، مشيرا إلى أن الهجوم على كركوكلي سيبدأ قريبا. ويأتي هذا الهجوم «بعد أيام من الهدوء»، وفق سالم.
من جهته، أكد المقدم علي حسين فاضل السيطرة على الصف الأول من المباني في العربجية. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «نحن على مسافة قريبة جدا من كركوكلي، لكن الهجوم الفعلي لم يبدأ بعد».
في هذه الأثناء، كان أحد مقاتلي قوات مكافحة الإرهاب داخل منزل من طابقين يستخدم كومبيوترا لتوجيه طائرة استطلاع لضرب انتحاريين. ويستخدم المتطرفون إضافة إلى العبوات الناسفة والهجمات الانتحارية بالسيارات المفخخة والمنازل المفخخة، أنفاقا تعيق تقدم القوات الأمنية.
والحملة التي بدأت قبل أربعة أسابيع تقريبا هي أعقد عملية عسكرية في العراق في 13 عاما من الاضطرابات منذ الغزو الأميركي الذي أطاح بصدام حسين. وتستعد القوات الأمنية وفرق مشاة من الجيش بدعم من ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة للتحرك صوب الأحياء الجنوبية والشمالية في الموصل في الأيام المقبلة لتكثيف الضغط على المتشددين. وتسيطر قوات البيشمركة وفصائل شيعية مسلحة على أراض إلى الشمال الشرقي وإلى الغرب.
وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعماني لوكالة رويترز إنه على الجبهة الشرقية توغلت القوات الخاصة في حي القادسية الثانية على الطرف الشمالي من جيب صغير من الأحياء التي تسيطر عليها حتى الآن.
وأضاف أن القوات قوبلت بمقاومة شرسة من «العدو» الذي شكل مفارز من المقاتلين المتشددين في مسعى لعرقلة تقدم القوات. وأقر بأن القوات الأمنية تواجه «أصعب شكل لحرب المدن» في ظل وجود المدنيين لكنه أكد أن القوات العراقية مدربة على هذا النوع من المعارك.
من ناحية ثانية، ذكرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن تنظيم داعش اعدم الأسبوع الماضي ستين مدنيا على الأقل في الموصل وضواحيها، متهما أربعين منهم بـ«الخيانة» والعشرين الآخرين بالتعامل مع القوات العراقية. وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شمدساني في جنيف، أن «عمليات القتل» هذه حصلت في أوقات وأماكن مختلفة في الموصل. وأضافت المتحدثة التي لم تحدد مصادرها أن المتطرفين «قتلوا أربعين مدنيا في مدينة الموصل بعدما اتهموهم بـ(الخيانة والتعاون) مع قوات الأمن العراقية». وذكرت المفوضية أن الضحايا الذين علقت جثثهم على أعمدة الكهرباء في الموصل، كانوا يرتدون زيا برتقاليا مع كتابة باللون الأحمر «خونة وعملاء لقوات الأمن العراقية».
من جهة أخرى، حذرت شمدساني من أن التنظيم المتطرف ربما يعد لحرب كيماوية في الموصل. ونقلت عنها وكالة رويترز قولها للصحافيين إن الجنود العراقيين عثروا على كميات كبيرة مخزنة من الكبريت كما وردت تقارير ذات مصداقية عن استخدام التنظيم «مقذوفات فوسفور» فوق القيارة بالقرب من الموصل. وتابعت أن تقارير مماثلة ذات مصداقية وردت عن وضع كميات من الكبريت والأمونيا في مواقع مدنية ربما لاستخدمها كأسلحة كيماوية. وتشمل مصادر معلومات الأمم المتحدة أشخاصا يعيشون في مناطق يسيطر عليها التنظيم ويخاطرون بحياتهم لنقل ما يحدث.
إلى ذلك، عادت انتهاكات ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران إلى الواجهة بعد بث مشاهد فيديو تظهر دبابة تابعة لهذه الميليشيات وهي تسحق طفلا. وأكد شيخ عشائر السادة البكارة في محافظة نينوى، جمعة الدوار، أن معركة تحرير الموصل ارتُكب فيها كثير من الانتهاكات والجرائم التي تقف وراءها الميليشيات الموالية لإيران، وكذلك عناصر طائفية منتشرة في قوات الجيش والشرطة العراقية.
وقال الدوار لـ«الشرق الأوسط»، إن معركة تحرير الموصل «هي بقيادة إيرانية بحتة، والهدف منها إبادة المكون السني، وبالأخص مدينة الموصل التي يعتبرونها رأس الهرم السني في العراق. فالجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها أبناؤنا في الموصل على أيدي هذه العناصر المجرمة أصبحت أمام مرأى ومسمع العالم بأسره. وجريمة اليوم التي شاهدها الجميع تمثل بشاعة إجرام هذه العناصر التي تمثلت بمقتل طفل ومن ثم سحقه تحت الدبابة». وأضاف الدوار: «إن هذه الجرائم سوف ننقلها إلى المحاكم الدولية ونحن نتهم رئيس الوزراء حيدر العبادي بالمساهمة في إبادة أهلنا في الموصل على غرار الجرائم التي انتهكت في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى، ونحمله المسؤولية بالكامل؛ لأنه من سمح للميليشيات باختراق أجهزة الجيش والشرطة وجلب قيادات إيرانية قتلت أهلنا في مدن العراق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.