على وقع الحراك السياسي اللبناني والجهود المبذولة لتأليف حكومة جديدة برئاسة رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري، بدأ «بازار الأسماء» التي من المتوقّع أن تنضم إلى لائحة الوزراء، بعضها جديد على اللبنانيين وبعضها الآخر بات مألوفا بالنسبة إليهم لوجودها على رأس وزارات سابقة، رغم الاختلاف في وجهات النظر بين من يعتبر أنهم حققوا نجاحا ومن يرى أنهم فشلوا في أدائهم. وبين هذا وذاك، تبقى أسماء يكاد يجمع المواطنون على عدم معرفتهم بها، رغم أنّها كانت في موقع مسؤولية يفترض أنها تكون على مقربة من الناس وهمومهم، في وقت يجزم فيه مراقبون أن «السمة الوحيدة المشتركة بين كل الوزراء وبالتالي الحكومة بأكملها هي الفشل، وهو الواقع المستمرّ في لبنان منذ انتهاء الحرب، أي عام 1990، لغاية الآن، التي مرت خلالها 16 حكومة لم تستطع أن تحقّق أي نجاحات تذكر»، بحسب ما يؤكّده محمد شمس الدين، الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات»، فيما لم يتوان رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام، نفسه أن يصفها في وقت سابق بأنها الأفشل قائلا: «التاريخ سيسجل أننا أفشل حكومة».
ويقول شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن تأكيد أن أي وزير لم يحقّق إنجازات في وزارته في هذه الحكومة في وقت وصل فيه الدين العام في لبنان إلى 80 مليار دولار والمواطن لا يزال يفتقر إلى الكهرباء والماء والتعليم الجيّد». وفي حين يرى أنه لا الحكومة السابقة ولا أي حكومة مقبلة ستكون قادرة على حلّ هذه المشكلات، والصفة المشتركة هي الفشل المستمرّ، يؤكّد أن «شعبية» بعض الوزراء هي نتيجة شخصية هؤلاء وليس عملهم في الحكومة، معتبرا أن «الناس تتأثّر بالإعلام وطريقة مخاطبة الجمهور والإطلالات بغض النظر عن الإنجازات، وهو ما قد ينطبق على وزراء الداخلية نهاد المشنوق، والصحة وائل أبو فاعور، والتربية إلياس بوصعب، والخارجية جبران باسيل».
وبالفعل فإن أسماء هؤلاء الوزراء الذين باتوا «نجوما» في الإعلام، تتصدّر «بازار الأسماء المتداولة» لتولي وزارات في الحكومة العتيدة انطلاقا من تمسّك الأحزاب والكتل السياسية التي ينتمون إليها، انطلاقا مما يعتبرونه «نجاحا» استطاعوا تحقيقه خلال نحو ثلاث سنوات من تسلّمهم الوزارة.
من هنا، بات استمرار المشنوق على رأس وزارة الداخلية شبه محسوم، لتمسّك تيار المستقبل المحسوب عليه به، فيما لم يغب اسما وزيري التربية والخارجية المحسوبين على التيار الوطني الحر أو رئيس الجمهورية ميشال عون، عن التداول وإمكانية استمرارهما في الحكومة.
في المقابل وفيما انتهت ولاية بعض الوزراء من دون أن يتركوا أثرا لدى الشعب اللبناني، ارتبط اسم بعض الوزراء بقضية محدّدة على غرار وزير البيئة محمد المشنوق بعد فشله في حلّ أزمة النفايات، ووزير الخارجية جبران باسيل الذي كانت مواقفه تتسبب بجدل دائم خصوصا فيما يتعلّق بقضية اللاجئين السوريين.
وبين هذا وذاك، مرّ بعض الوزراء مرور الكرام، على غرار وزير الطاقة والمياه أرتور نظاريان المحسوب على التيار الوطني الحر، حتى يكاد معظم اللبنانيين يظنون أنّ باسيل، أي وزير الطاقة السابق، لا يزال مستمرا في تولي هذه الحقيبة.
وفي تفاصيل «مرحلة الحكم» يرى البعض أن إبراز إنجازات المشنوق تمثّلت في إجراء الانتخابات البلدية في شهر مايو (أيار) الماضي، في وقت كان فيه الوضع الأمني دقيقا داخليا وخارجيا، وتطبيقه الخطّة الأمنية في بعض المناطق، لا سيما منها وقف الاقتتال بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، إضافة إلى إعادة تأهيل بعض السجون وإنهائه ما كان يعرف بـ«إمارة سجن رومية»، والعمليات الاستباقية التي قامت بها القوات الأمنية لإفشال مخططات عمليات إرهابية. لكن في المقابل، يحمل عدد كبير من اللبنانيين، لا سيما المجتمع المدني منه علي المشنوق، أتباعه سياسة القمع مع المظاهرات الشعبية في صيف عام 2015 التي أدّت حينها إلى ملاحقة وتوقيف عدد من المتظاهرين، ونظّمت حينها حملات ومظاهرات ضدّه مباشرة من أمام مقر الوزارة. إضافة إلى ذلك، يرى البعض أن المشنوق لم ينجح في تنفيذ الخطة الأمنية في كل المناطق اللبنانية، معتبرين أنها كانت انتقائية، لا سيما لبقائها بعيدا عن المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى «حزب الله» والعشائر في البقاع.
كذلك، يرى أمين سرّ «حكومة الظل» السابق، عيّاد واكيم، أن في هذه الحكومة التي برعت فيما وصفها في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «الروائح الكريهة للصفقات»، نجح نحو 4 وزراء، وهم المشنوق وأبو فاعور وبوصعب وباسيل في دورهم إلى حدّ ما. ويعطي مثالا على ذلك، ما قام به أبو فاعور، في موضوع «سلامة الغذاء» الذي استمر في مراقبة المطاعم والمحلات التي تعنى بالغذاء، إضافة إلى إقراره التغطية الصحية الشاملة لمن تخطوا الـ64 من العمر. وهو الأمر الذي لا يرى فيه شمس الدين إنجازا، قائلا: «المواطن اللبناني لم يشعر بأي تحسّن أو تقدّم في الطبابة والاستشفاء، فيما لا يزال الفساد مستشريا في الضمان الاجتماعي والعقود مع المستشفيات الخاصة التي تتجاوز الـ500 مليار ليرة لبنانية، أي نحو 333 مليون دولار».
وبينما يرى عيّاد أن وزير الخارجية، جبران باسيل، رغم الإشكالية التي تركتها مواقفه، فإن بصمته كانت في وزارته من خلال إعادة الأهمية إلى هذه الوزارة كرأي مستقل للبنان، باتت مواقف باسيل بالنسبة إلى المجتمع المدني مرتبطة بالعنصرية تجاه اللاجئين السوريين، كما خروجه عن الإجماع العربي أكثر من مرّة في المحافل العربية.
كذلك، وفي حين بات يعرف وزير التربية إلياس بوصعب بأنه «محبوب» من قبل الطلاب أكثر من المعلمين، لإصداره قرارات بالعطلة عند أي حدث سياسي أو أمني أو حتى مرتبط بالأحوال الجوية، لا يرى أصحاب الشأن فيما حقّقه إنجازات. وفي هذا الإطار، يقول نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننكر أن بوصعب استطاع التعامل مع قضية التلاميذ اللاجئين، لكن في التربية والتعليم يجب أن يكون قياس النجاح والفشل من خلال المدرسة الرسمية، وهنا لم يستطع وزير التربية تحقيق أي خطوة إلى الأمام، وبقي وضعها في الحضيض حتى إنه بدل أن يتعزّز تدهور». ويؤكد: «سمعنا كلاما كثيرا، ولم نر أي خطوات عملية لا في التعليم ولا في منح المعلمين حقّهم»، مضيفا: «الإطلالات الإعلامية والاستعراض لا يقدّم لنا شيئا ما نريده خطوات فعلية على الأرض، نحن على يقين أنه وفي ظل هذا الطاقم السياسي لم ولن نحصل عليها».
«وزراء نجوم» مرشحون للاستمرار في مواقعهم.. وآخرون عبرو من دون بصمة
تختلف الآراء حول أدائهم في حكومة وصفها رئيسها بـ«الأفشل»
«وزراء نجوم» مرشحون للاستمرار في مواقعهم.. وآخرون عبرو من دون بصمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة