الطيران الروسي والسوري يرتكب مجازر جديدة ويستهدف مخيمًا على الحدود الأردنية

اتهام لنظام الأسد بقصف روضة أطفال في مدينة حرستا وقتل 9 منهم

عنصران من الدفاع المدني والصليب الأحمر يبحثان عن ضحايا خلفهم قصف الطيران الروسي والسوري على دوما أمس (أ. ف. ب)
عنصران من الدفاع المدني والصليب الأحمر يبحثان عن ضحايا خلفهم قصف الطيران الروسي والسوري على دوما أمس (أ. ف. ب)
TT

الطيران الروسي والسوري يرتكب مجازر جديدة ويستهدف مخيمًا على الحدود الأردنية

عنصران من الدفاع المدني والصليب الأحمر يبحثان عن ضحايا خلفهم قصف الطيران الروسي والسوري على دوما أمس (أ. ف. ب)
عنصران من الدفاع المدني والصليب الأحمر يبحثان عن ضحايا خلفهم قصف الطيران الروسي والسوري على دوما أمس (أ. ف. ب)

اتهمت المعارضة السورية الروس والنظام بارتكاب المجازر في جنوب سوريا وشمالها، وأعلنت أن الطائرات الحربية «نفذّت غارات مكثّفة على تجمعات للمدنيين، خلّفت عشرات القتلى أغلبهم من الأطفال، لا سيما في مخيّم للنازحين قرب الحدود الأردنية». ولم يوفّر القصف الجوي، وفق المعارضة، العاصمة دمشق، وتحديدًا حي جوبر الواقع تحت سيطرة المعارضة. في حين خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية تطالب المعارضة بتوحيد صفوفها، وتشكيل جبهة واحدة للردّ على «جرائم النظام ومجازره». الطيران الحربي التابع للنظام شن غارات جوية، استهدفت معبر نصيب الحدودي مع الأردن، أدت إلى وقوع مجزرة مروعة في صفوف النازحين أغلبهم من عائلة واحدة. ونشر ناشطون صورًا للمجزرة المروّعة، وقالوا إن «الغارات الجوية استهدفت تجمعًا للمساكن يعيش فيه عوائل نازحة من عدة مناطق في سوريا، وقد أدت الغارات لسقوط ما لا يقل عن 10 شهداء بينهم أطفال ونساء وعشرات الجرحى»، مؤكدين أن «معظم الشهداء والجرحى من عائلة واحدة نازحة من ريف حمص». وتبعد المنطقة المستهدفة بضعة أمتار عن الحدود الأردنية، وقال الناشطون، إن النازحين «اعتقدوا أن هذه المنطقة ستكون بعيدة عن القصف والاستهداف كونها قريبة من الحدود، لكن يبدو أنه لا مكان آمنا لأي مدني في سوريا، ونظام الأسد وروسيا لا رادع لهم».
بدورها أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» تقريرًا أمس، حمل عنوان «النظام السوري يقصف روضة للأطفال ويقتل 9 منهم»، وثقت مجزرة استهداف روضة أطفال في مدينة حرستا بريف دمشق الماضي. واستند التقرير إلى روايات عدد من أهالي المدينة وشهود العيان وناجين من الحوادث، كما تضمن صورًا وفيديوهات تم التحقق منها وأظهرت الأضرار في ساحة الروضة والضحايا من الأطفال.
وبحسب التقرير فإن منطقة الروضة المستهدفة «عبارة عن منطقة مدنية، لا يوجد فيها أي مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة لفصائل المعارضة المسلحة أو الفصائل الإسلامية أثناء الهجوم أو حتى قبله». وتابع: «قرابة الساعة التاسعة صباحًا قصفت مدفعية تابعة لقوات الأسد ما لا يقل عن 8 قذائف هاون سقطت في محيط روضة (أجيال المستقبل) في حي الزحلة، إحدى هذه القذائف سقطت على ساحة الروضة». وأفاد تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بأن «القصف تزامن مع وقت الاستراحة التي يتجمع فيها الأطفال في ساحة المدرسة، ما أدى إلى استشهاد 9 أطفال، وجرح قرابة 15 آخرين، وأدى إلى أضرار مادية في ساحة الروضة». وتضمُ الروضة المستهدفة ما لا يقل عن 30 طفلاً وطفلة أعمارهم تتراوح بين 4 - 6 سنوات. من ناحية أخرى، كانت الغوطة الشرقية (محيط دمشق) أمس، هدفًا للقصف الجوي والمدفعي، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن الطيران الحربي النظامي «نفّذ غارتين على قرية الافتريس، ما أسفر عن استشهاد طفل وسقوط 5 جرحى، فيما نفذت طائرات حربية 5 غارات على بلدات حوش الصالحية النشابية وأوتايا بالغوطة الشرقية».
وفي الوقت نفسه، دارت اشتباكات عنيفة على محور الريحان بالغوطة الشرقية، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، و«جيش الإسلام» من جهة أخرى، كما دارت اشتباكات بين الطرفين في محور أوتوستراد دمشق - حمص. بينما خرجت مظاهرات في مدينة دوما ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية، تطالب مقاتلي «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» بنبذ الخلافات وفتح جبهات مع النظام، وإزالة الحواجز بين مناطق سيطرتهما.
ولم تكن الغوطة الغربية أفضل حالاً، حيث تجددت المعارك على جبهة البويضة - دير خبية، بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من أخرى، وأفيد عن تقدم للنظام وسيطرته على أبنية في شرق طريق دروشا، كما تمكن من رصد طريق شارع الزهور في بلدة خان الشيح ناريًا، حيث كانت البلدة عرضة لقصف جوي وصاروخي مكثف، وقد ألقت مروحيات النظام 25 برميلاً متفجرًا على أحياء البلدة.
أما في شمال سوريا، فقد قتل أربعة مدنيين وأصيب أكثر من عشرة آخرين ظهر أمس، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي بلدة كفر داعل الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف محافظة حلب الغربي. وقال الناشط الإعلامي المعارض «أبو فارس الحلبي» إن الطيران الروسي شن غارتين إحداهما بالصواريخ الفراغية والثانية بالصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية على وسط وأطراف كفر داعل، لافتا إلى أن من بين القتلى اثنين من عائلة واحدة. وأوضح الحلبي أن الجرحى «نقلوا إلى مشفى ميداني لتلقي العلاج، قي حين نقلت الحالات الخطرة إلى المشافي التركية عبر معبر باب الهوى الحدودي الخاضع لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشمالي الغربي».
من جهته، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن الطيران الروسي شنّ غارات بالصواريخ الفراغية والمحملة بالقنابل العنقودية على بلدة السميرية وقرى برج حسين الظاهر وأبو غتة وبرج عذاوي الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب الجنوبي، ما أدى إلى دمار بمنازل المدنيين وأضرار مادية أخرى.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.