إنجلترا واسكوتلندا.. مواجهات مستمرة منذ 144 عامًا

جمعت بينهما أول مباراة دولية بتاريخ الكرة في غلاسكو عام 1872

كيني دالغليش أحرز هدفي فوز اسكوتلندا على إنجلترا قبل التأهل لمونديال 1978 - بولي مور (يمين) ودينيس لو في المواجهة بين إنجلترا واسكوتلندا في البطواة الوطنية عام 1966 ({الشرق الأوسط})
كيني دالغليش أحرز هدفي فوز اسكوتلندا على إنجلترا قبل التأهل لمونديال 1978 - بولي مور (يمين) ودينيس لو في المواجهة بين إنجلترا واسكوتلندا في البطواة الوطنية عام 1966 ({الشرق الأوسط})
TT

إنجلترا واسكوتلندا.. مواجهات مستمرة منذ 144 عامًا

كيني دالغليش أحرز هدفي فوز اسكوتلندا على إنجلترا قبل التأهل لمونديال 1978 - بولي مور (يمين) ودينيس لو في المواجهة بين إنجلترا واسكوتلندا في البطواة الوطنية عام 1966 ({الشرق الأوسط})
كيني دالغليش أحرز هدفي فوز اسكوتلندا على إنجلترا قبل التأهل لمونديال 1978 - بولي مور (يمين) ودينيس لو في المواجهة بين إنجلترا واسكوتلندا في البطواة الوطنية عام 1966 ({الشرق الأوسط})

يستضيف استاد ويمبلي، اليوم، مواجهة مرتقبة بين إنجلترا واسكوتلندا لتصبح رابع مواجهة تنافسية بينهما فقط منذ إلغاء المباريات السنوية بينهما عام 1989. ويعد المنتخبان أقدم المنتخبات الدولية على صعيد كرة القدم العالمية. ويتجاوز عدد مواجهاتهما معًا عدد المواجهات مع أي منتخب آخر، وجمعت بينهما أول مباراة دولية في التاريخ أقيمت في غلاسكو عام 1872. وينبئ كل ما سبق بأننا كمتابعين على موعد للاستمتاع بمشاهدة مواجهة بين طرفين تعد من أقدم الخصومات وأكثرها مرارة بتاريخ كرة القدم.
أو على الأقل هكذا كان الحال. اليوم، قد يميل الاسكوتلنديون أكثر لمواجهة ما يطلقون عليه «العدو القديم» في إطار استفتاء عام (يهدف إلى الانفصال السياسي)، وليس مباراة كرة قدم. وقد انعكس التراجع المؤسف لاسكوتلندا كقوة بمجال كرة القدم على غياب اهتمامها على نحو شبه كامل بمواجهاتها الكروية مع الجارة الإنجليزية. وقد أسهم في تعزيز حالة اللامبالاة تلك حقيقة أنه في المرة الأخيرة التي شهد استاد ويمبلي مواجهة بين البلدين حول التأهل، قدم المنتخب الإنجليزي بقيادة كيفن كيغان واحدة من أكثر مبارياته رتابة ومللاً، لدرجة جعلتهم يتعرضون للهزيمة أمام الغريم الاسكوتلندي بهدف لدون هوتشيسون، رغم الزيارة القصيرة التي قاموا بها لبطولة «يورو 2000».
في الواقع، السبب الوحيد وراء ظهور أي أحاديث من الأساس حول لقاء اليوم أنه يتزامن مع «يوم الهدنة»، وربما بمقدور أي شخص في الخمسين من عمره أن يتذكر كيف أن إنجلترا واسكوتلندا اعتادتا الدخول في مواجهات كروية على نحو منتظم، ذلك أنه في أعقاب مجموعة من المباريات الودية كل عام، كانت المواجهات تستمر من خلال «البطولة الوطنية للمقاطعات البريطانية» التي ألغيت، والتي استمرت على امتداد ما يناهز القرن، ولم تتوقف سوى أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وفي أعقاب إلغاء هذه البطولة عام 1984، جرى إطلاق بطولة «كأس روس» لضمان استمرار اللقاءات الأنغلو - اسكوتلندية على مدار خمسة أعوام أخرى، حتى جاءت لحظة النهاية لهذا التقليد العتيق عام 1989 مع استقرار مجمل النتائج عند 43 فوزًا إنجليزيًا، و40 فوزًا اسكوتلنديًا و24 تعادلاً.
ومنذ ذلك الحين، لم يتواجه الجانبان سوى في خمس مباريات، مع فوز إنجلترا على استاد ويمبلي خلال بطولة «يورو 1996»، ثم خلال مباراة الذهاب في تصفيات «يورو 2000» بملعب هامبدين بارك بغلاسجو ومباراتين وديتين أخريين أقيمتا أخيرًا. ولم يكن هدف الفوز الذي أحرزه هوتشيسون في ويمبلي كافيًا للتفوق عل الهدفين اللذين أحرزهما بول سكولز في اسكوتلندا.
وتغطي المعلومات السابقة مسيرة 144 عامًا بين الجانبين، رغم أن معظم الذكريات العالقة في أذهان الجماهير المعاصرة بخصوص مواجهات الجانبين لا تتجاوز أربع مباريات على وجه التحديد. كانت الأولى عام 1961، وهي مباراة دولية أقيمت على استاد ويمبلي وانتهت بفوز إنجلترا بنتيجة ضخمة بلغت 9 أهداف مقابل ثلاثة. وخلال المباراة، سجل جيمي غريفز ثلاثة أهداف، وسجل جوني هاينز، في الوقت الذي كان دايف مكاي من بين من سجلوا أهدافا لصالح الفريق الزائر. وضم المنتخب الاسكوتلندي خلال اللقاء كل من دينيس لو الذي كان لا يزال يشارك في صفوف مانشستر سيتي، وإيان سانت جون الذي لم يكن حينها قد انتقل بعد من ماذرويل إلى ليفربول، في الوقت الذي أصبح اسم فرانك هافي، حارس مرمى سيلتك صاحب الحظ العاثر، مرتبطًا بالمزحة الشهيرة: «كم الوقت الآن؟ تسعة أمام هافي»، التي دشنت سنوات من النكات والسخرية إزاء مستوى حراس المرمى الاسكوتلنديين.
وإذا كان الاسكوتلنديون قد سعوا للثأر لهذه الهزيمة المدوية، فقد نجحوا بالفعل في مسعاهم هذا بالفعل على استاد ويمبلي بصورة ما عام 1967 بفوزهم على إنجلترا بثلاثة أهداف مقابل هدفين في وقت كانت إنجلترا فيه قد توجت حديثًا بطلة للعالم. وكان الأمر الأكثر لفتًا للانتباه خلال المباراة جاك تشارلتون الذي بدا وكأنه ضيف يتابع الأحداث عن بعد، خصوصًا بعدما تعرض للإصابة في وقت مبكر من المباراة بسبب كرة مشتركة مع بوبي لينوكس. ورغم فوز المنتخب الاسكوتلندي بالمباراة، فإنه أخفق في تصدر مجموعته، ونجحت إنجلترا بدلاً منه في المشاركة في بطولة أمم أوروبا لكرة القدم عام 1968.
إلا أن هذه المباراة يجري تذكرها على نحو مختلف في شمال الحدود، ذلك أن لو، الذي يعرف الجميع أنه فضل مشاهدة مباراة غولف على متابعة لقاء نهائي بطولة كأس العالم عام 1966، الذي كانت إنجلترا طرفًا فيه، أحرز الهدف الأول وبدا مستمتعًا بإلحاق شتى صنوف العذاب بخط دفاع إنجلترا. ومع مشاركته قرب نهاية المباراة، تعمد جيم باكستر إذلال نوبي ستايلس داخل الملعب عبر الاستعراض بالكرة أمامه لفترة طويلة، ومع انطلاق صافرة النهاية أعلن الاسكوتلنديون أنفسهم أبطال العالم غير الرسميين. ورغم أن موقع «بي بي سي اسكوتلندا» يشير إلى أن المباراة تنتمي إلى قائمة الإخفاقات الاسكوتلندية، ولا ينبغي النظر غليها كفوز شهير، فإن هذا لا يتوافق مطلقًا مع وجهة النظر السائدة.
وتتضمن قائمة الإخفاقات الاسكوتلندية المشاركة سيئة الحظ في بطولة كأس العالم التي استضافتها الأرجنتين عام 1978، التي جاءت بعد نجاح اسكوتلندا في الفوز مجددًا أمام إنجلترا على استاد ويمبلي. خلال البطولة، كان ألي ماكليود مدرب اسكوتلندا لا يزال يسيطر عليه الشعور بالتفاؤل، في الوقت الذي كانت سحب المشكلات قد بدأت في التجمع فوق رأس نظيره الإنجليزي دون ريفي.
وسجل جوردون مكوين وكيني دالغليش هدفا الفوز لاسكوتلندا في إطار اللقاء الذي انتهى بنتيجة 2 - 1، مع تسجيل ميك تشانون هدفًا من ركلة جزاء في وقت متأخر من المباراة. ومع هذا، يبقى السبب الرئيس وراء استمرار هذه المباراة حية في الأذهان الأحداث التي تلتها مباشرة، عندما اقتحمت الجماهير الاسكوتلندية أرض الملعب وخربت شباك المرمى. ورغم الصدمة التي مُنِي بها المنتخب الاسكوتلندي في الأرجنتين، يُحسب له أنه نجح في المشاركة ببطولة كأس العالم ذلك العام من الأساس، بينما أخفق نظيره الإنجليزي بقيادة ريفي في ذلك.
من ناحية أخرى، كانت هناك مشاعر ترقب واهتمام بالغين بالمواجهة بين المنتخبين في إطار دور المجموعات ببطولة «يورو 1996» على استاد ويمبلي، خصوصًا أنها كانت المباراة الأولى للجانبين منذ سبعة سنوات، وهي بالتأكيد فترة طويلة للغاية بخلاف فترات التوقف بسبب الحرب. وبالفعل، اتضح أن المباراة كانت جديرة بكل مشاعر الترقب والانتظار التي سبقتها. ويتذكر الجميع بالتأكيد الهدف الرائع الذي سجله بول غاسكوين. أما الأمر الذي لا يتذكره الكثيرون بالدرجة ذاتها الآن بعد مرور 20 عامًا على المباراة الهدف الافتتاحي الذي أحرزه ألان شيرر، وركلة الجزاء التي تمكن ديفيد سيمان من صدها، قبل دقيقة من هدف غاسكوين.
ولا يزال ثمة جدال لم يُحسَم بعد ما إذا كان الفوز قد حالف بالفعل الطرف الأجدر عام 1996، وربما لجيراننا في الشمال وجهة نظر خاصة بهم حيال ما إذا كانت مسيرة إنجلترا نحو آخر دور نهائي تبلغه حتى يومنا هذا ينبغي النظر إليها كنجاح مبهر أم إخفاق واضح. إلا أن الأمر المؤكد أن الفوز أمام اسكوتلندا أعاد الأمل إلى المنتخب الإنجليزي في أعقاب تعادله البائس أمام سويسرا خلال المباراة الافتتاحية.
والمؤكد كذلك أن لاعبي كلا الفريقين الآن يخطط كل جانب منهما في هدوء لاحتفالات صاخبة بعد المباراة حال اقتناصهم الفوز.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».