الجيش اليمني يحرر مواقع جديدة في الجوف

قصف الميليشيات الانقلابية لشرق تعز يدفع إلى نزوح أهالي «الشمايتين»

مقاتل من الجيش اليمني في حالة تأهب بإحدى جبهات القتال بتعز (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش اليمني في حالة تأهب بإحدى جبهات القتال بتعز (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يحرر مواقع جديدة في الجوف

مقاتل من الجيش اليمني في حالة تأهب بإحدى جبهات القتال بتعز (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش اليمني في حالة تأهب بإحدى جبهات القتال بتعز (أ.ف.ب)

تمكنت وحدات الجيش اليمني وقوات التحالف العربي من تحرير مواقع جديدة بمحافظة الجوف، في عملية عسكرية واسعة لاستعادة مديرية خب الشعف.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة، عن مصدر عسكري، أن الجيش دحر ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، وتمكن من تحرير موقعي الخرشة وجبل كحيل في مديرية خب والشعف، بعد معارك عنيفة، استخدم فيها مختلف أنواع السلاح، وأسفرت عن خسائر فادحة في صفوف الميليشيا. وشن طيران التحالف العربي غارات استهدفت مواقع وتجمعات وتعزيزات تابعة للميليشيات الانقلابية في منطقة صبرين بمديرية خب والشعف.
وفي تعز، شدد اللواء الركن خالد فاضل وهو قائد محور تعز، أمس، على ضرورة رفع الجاهزة الأمنية في المحافظة واستكمال تشكيل كتائب احتياطية لمساندة الأمن.
وقال خلال اجتماعه بقادة الألوية العسكرية والأمنية في المحافظة إن «استكمال عملية تشكيل الكتائب الاحتياطية المساندة للأمن يعتبر ركيزة أساسية وأولوية في غاية الأهمية خلال هذه المرحلة».
وأضاف أن «مسألة الأمن مرهونة بتوحيد الجهود والتفاف الجميع خلف الجهاز الأمني ومؤازرته وذلك دعمًا للأمن وترسيخًا للاستقرار»، مؤكدة على ضرورة «تفعيل الأجهزة الأمنية والقيام بدورها الملقى عليها بأكمل وجه كمسؤولية وواجب وطني».
ميدانيا، تستمر المواجهات العنيفة في مختلف جبهات القتال بالمحافظة الواقعة جنوب صنعاء، بين الجيش اليمني وميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، على وقع سماع انفجارات كبيرة تهز مدينة تعز جراء القصف المستمر من قبل الميليشيات على أحياء المحافظة بمختلف أنواع الأسلحة، موقعة بذلك خسائر مادية وبشرية بأوساط المدنيين.
وتواصل قوات الجيش اليمني إلحاق الهزائم بالميليشيات الانقلابية في مختلف جبهات المدينة والجبهات الريفية، لا سيما جبهتي الصلو وحيفان، جنوب المدينة، حيث تمكنت قوات الجيش بإسناد جوي من طيران التحالف العربي الذي يواصل غاراته المركزة والمباشرة على تجمعات ومواقع ومخازن أسلحة الميليشيات، من السيطرة على مواقع جديدة، وتصدت لمحاولات الميليشيات التقدم نحو مواقعهم.
وتجددت المواجهات في مديرية الصلو بعد هدوء استمر لساعات، بعدما تكبدت الميليشيات الانقلابية الخسائر على أيدي قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وغارات التحالف التي استهدفت الميليشيات في منطقة الشرف بالصلو، حيث اشتدت حدة المواجهات على أطراف قرية الصيار، معقل الميلشيات الانقلابية.
واستهدفت قوات الجيش والمقاومة مواقع الميليشيات الانقلابية في الجبهتين الغربية والشرقية بمدفعيتها، وبشكل أعنف في الجبهة الشرقية، حيث قامت مدفعية الجيش الوطني باستهداف الميليشيات الانقلابية المتمركزة في تبة سوفتيل بعد قيام الميلشيات الانقلابية القصف من موقعها في التبة على مناطق ثعبات وحسنات والمكلل، شرق المدينة.
كما شنت الميلشيات الانقلابية قصفها بصاروخين كاتيوشا على منطقة المفاليس بجبهة الأحكوم بمديرية حيفان، جنوب المدينة، ولم ترد معلومات عن إصابات أو وفيات حتى كتابة الخبر، إضافة إلى القصف بالمدفعية الثقيلة على قرى جرداد التابعة لمديرية الشمايتين، جنوب تعز، مما أسفر عن إصابة طفل وسيدة ونزوح عدد من السكان، بحسب ما أكده شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»
وقال أحمد الذبحاني، وهو من المقاتلين مع الجيش اليمني في تعز إن «قوات الجيش اليمني تواصل تقدمها في الجبهات وحققت تدم في تبة الاريل وهيجة الشرج في مديرية الصلو، فيما قصفت بالمدفعية مواقع الميليشيات الانقلابية في الصيار والحود ونجد علفقة والشرف، وذلك في ظل استمرار تقدم وحدات الجيش مسنودة بطيران التحالف العربي في مديريتي الصلو وحيفان، جنوب تعز».
وأضاف: «أحرزت عناصر الجيش الوطني انتصارًا نوعيًا على الميليشيات الانقلابية في قرية الصيار بمديرية الصلو وتمكنوا من صد هجوم للميليشيات الانقلابية على المنطقة وكبدوهم خسائر في الأرواح والعتاد، حيث قامت هذه الميليشيات الانقلابية بزراعة عدد كبير من الألغام في الطرقات والجبال وبشكل عشوائي، ما يهدد حياة سكان الصلو لسنوات».
وأكد «وجود مقاتلين من الصومال يقاتلون في صفوف الميليشيات الانقلابية، وبعد سقوط قتلى من صفوف ميلشيات الحوثي والمخلوع في تعز، اتضح وجود مقاتلين صوماليين من بين القتلى».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.