مقتل 30 إرهابيًا في المكلا.. وتحرير مواقع جديدة جنوب تعز

صد هجمات انقلابية حاولت إعادة السيطرة على «الهان» * التحالف يستهدف مواقع عسكرية

طفلة يمنية تسير فوق أكوام القمامة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح (أ.ف.ب)
طفلة يمنية تسير فوق أكوام القمامة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح (أ.ف.ب)
TT

مقتل 30 إرهابيًا في المكلا.. وتحرير مواقع جديدة جنوب تعز

طفلة يمنية تسير فوق أكوام القمامة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح (أ.ف.ب)
طفلة يمنية تسير فوق أكوام القمامة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح (أ.ف.ب)

استهدفت قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن معسكر الحفا التابع لانقلابيي اليمن أمس، كما استهدفت غارات أخرى مواقع للحوثيين في منطقة مرهبة ومفرق رمادة بمديرية نهم (40 كلم شرق صنعاء)، دون أن تتضح على الفور الخسائر التي خلفها القصف.
وسمع دوي انفجارات عنيفة، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من المواقع المستهدفة، في حين لا تزال مقاتلات التحالف تحلق في أجواء العاصمة بشكل كثيف دون إطلاق المضادات الأرضية من الحوثيين وقوات صالح، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وفي المكلا، قتل ثلاثون من مسلحي تنظيم «القاعدة» في اليمن إثر عملية كبيرة للجيش اليمني في جنوب شرقي البلاد، بحسب حصيلة جديدة أعلنها الجيش أمس، في حين قتل 4 من جنود الجيش اليمني وأصيب 12 بجروح في العملية التي تم شنها غرب مدينة المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت، بحسب بيان لقيادة المنطقة الثانية للجيش اليمني.
وأضاف البيان أن العملية استمرت 24 ساعة وانتهت صباح الأربعاء قرب المكلا، المدينة التي تم تحريرها من سيطرة التنظيم المتطرف في أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضح مصدر عسكري في البيان أن الجيش نفذ «عملية استباقية استهدفت وكرا لعناصر إرهابية تابعة لتنظيم (القاعدة) وذلك في منطقة المسيني بمزرعة باغزوين غرب المكلا، وتمت مهاجمة الوكر والقضاء على المجموعة التي فيه والمقدر عددها بنحو 30 عنصرا إرهابيا»، مضيفا: «ساندت هذه العملية قوات التحالف العربي فكان لضربات الطيران أثر كبير في إنزال الخسائر الكبيرة بالعناصر الإرهابية بين قتلى وأسرى». وأشار المصدر إلى أن مسلحي «القاعدة» وبعد طردهم من المكلا انكفأوا إلى الجبال لكنهم «يواصلون تهديد المكلا ومن غير المستبعد أن يشنوا هجمات انتقامية».
ورغم طرده من المكلا عزز تنظيم «القاعدة» وجوده في جنوب اليمن وجنوب شرقها، مستفيدا من النزاع بين الحكومة والمتمردين الحوثيين وحلفائهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبالانتقال إلى محافظة تعز المحاصرة من الانقلاب، فقد تصاعدت وتيرة المواجهات العنيفة في الجبهة الغربية بين قوات الجيش اليمني وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، على أثر محاولة الانقلاب للتقدم إلى مواقع الجيش.
وتمكنت القوات الشرعية من التصدي لمحاولات الميليشيات الانقلابية للتقدم إلى مواقعهم في محيط جبل هان الاستراتيجي ومنطقة الصياحي بحذران، غرب المدينة، وتبادلت القصف المدفعي، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من الجانبين، علاوة إلى إحباط محاولة الميليشيات الانقلابية للتسلل إلى مواقع الجيش اليمني في منطقة المفاليس بجبهة الأحكوم بمديرية حيفان الريفية، جنوب تعز.
وقال قائد محور تعز اللواء الركن خالد فاضل، إن وحدات الجيش تمكنت من تحرير منطقة الصيرتين وتبة الأريال في مديرية الصلو الريفية، جنوب المدينة، بشكل كامل من قبضة الميليشيات الانقلابية.
وأضاف بحسب ما نقل عنه المركز الإعلامي لقيادة محور تعز، أن «قوات الجيش اليمني، تواصل تقدمها في اتجاه قرية الشرف بمديرية الصلو، المطلة على منطقة دمنة خدير الواقعة على طريق تعز - لحج - عدن، والتي تعد أيضا خط إمداد للميليشيات الانقلابية».
وأكد اللواء فاضل أن «مناطق النجدين، الممشاج، وجبال العبلية الواقعة في مديرية حيفان، جنوب تعز، قد تم تطهيرها من قبضة الميليشيات الانقلابية وسط انتصارات كبيرة وتقدم مستمر للجيش، في الوقت الذي كبدت القوات الميليشيات الانقلابية خسائر فادحة في العتاد، وسقوط العشرات من عناصرها بين قتيل وجريح».
وتواصل الميليشيات الانقلابية قصفها المستمر، بأنواع الأسلحة كافة، من مواقع تمركزها على أحياء مدينة تعز، وقرى وأرياف المحافظة، حيفان والصلو. وتركز القصف العنيف في وسط مدينة تعز من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية من مواقع تمركزها في تبتي سوفتيل والسلال على أحياء ثعبات وحسنات، شرق المدينة.
وفي مواصلة انتهاكاتها الإنسانية ضد أهالي محافظة تعز من قصف وتهجير وقنص للمواطنين، أقدمت الميليشيات الانقلابية على تفجير أحد المنازل للأهالي بحجة دعمه للجيش اليمني، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح فجرت منزل أحد المواطنين في حي عقبة، مقابل مدرسة عقبة، في الجبهة الشرقية للمدينة، وتم تدمير مبنى مكون من ثلاثة أدوار، ولم يتسن معرفة إن كان هناك أناس يسكنون فيه أم كانوا قد غادروا المبنى».
وفي مديرية حيفان، جنوب المدينة، شهدت منطقة السراق بقرية المشاوز في الأعبوس، عمليات نزوح للمواطنين من قريتهم جراء المواجهات العنيفة بين الجيش اليمني والميليشيات الانقلابية، التي تتخذ منازل المواطنين متاريس لها ومخازن لأسلحتها.
وقال أحد المواطنين لـ«الشرق الأوسط» إن «الميلشيات الانقلابية جعلت من قرية السراق في المشاوز من قريتهم ثكنات عسكرية ومخازن لأسلحتها، وإنه جراء المواجهات المستمرة مع قوات الجيش التي تحاول دحرهم من المنطقة، هجرت الميليشيات 10 أسر من منازلها بما يصل إلى 49 فردا، ما جعلها تتنقل إلى القرى المجاورة».
في المقابل، أجرى الجيش اليمني في تعز والميليشيات الانقلابية عملية تبادل 16 جثة، وبوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وذكرت مصادر في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن العملية «شملت تبادل 7 جثث من قتلى الجيش اليمني في تعز مقابل 9 جثث للميليشيات الانقلابية».
في حين قال عدنان حزام، وهو المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر أسهمت بعمليات تبادل 16 جثة بين الطرفين، وإن ذلك تم بعد التوصل إلى اتفاق بين جميع الأطراف والتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الخصوص التي لعبت دورها كوسيط إنساني محايد، وهي من دعمت فريق الهلال الأحمر من الوصول إلى منطقة التبادل ومنطقة التسلم وتم عملية التسلم والتبادل».
وأشار المتحدث إلى «استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أن تسهم في مزيد من عمليات التبادل سواء في عمليات تبادل المعتقلين أو تبادل الجثث بين جميع الأطراف، وتشجيعها على مثل هذه الخطوة كونها تساعد في معرفة مصير سواء المعتقلون أو المفقودون، وفيما يخص الجثث فهذا يسهم باحترام الإنسان، سواء كان ميتا أو حيا».
وأكد حزام لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر على «استعداد على تكرار هذه العملية عدة مرات وفي أي مكان من أماكن الصراع في اليمن».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.