الجزائر: سفر بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج يثير الجدل من جديد حول قدرته على الاستمرار في الحكم

مجموعة من المسؤولين يتولون شؤون السلطة بدلاً منه منذ 2013

الجزائر: سفر بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج يثير الجدل من جديد حول قدرته على الاستمرار في الحكم
TT

الجزائر: سفر بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج يثير الجدل من جديد حول قدرته على الاستمرار في الحكم

الجزائر: سفر بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج يثير الجدل من جديد حول قدرته على الاستمرار في الحكم

أعادت سفرية علاج جديدة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى الخارج، طرح الجدل حول قدرته على الاستمرار في الحكم، بعد 3 سنوات ونصف من خضوعه لعملية جراحية على إثر إصابته بجلطة في الدماغ. ويوجد بوتفليقة منذ صباح الاثنين بفرنسا، «في إطار إجراء فحوصات طبية روتينية»، بحسب مقربين منه. وكتبت صحيفة «لو دوفيني ليبريه»، التي تصدر بمدينة غرونوبل (جنوب شرقي فرنسا)، حيث يوجد الرئيس الجزائري، أن بوتفليقة سيقيم بعيادة جراحة القلب المحلية، لعدة أيام. ونقلت عن مصادرها أن الطاقم الطبي سيجري عليه عملية جراحية، من دون توضيح طبيعتها. وقال بيان للرئاسة الجزائرية أول من أمس، إن بوتفليقة «توجه أول من أمس إلى غرونوبل بفرنسا، في زيارة خاصة سيجري خلالها فحوصات طبية دورية». ولم يذكر البيان تفاصيل أخرى وأهمها مدة العلاج، وما إذا كانت «الفحوصات الروتينية» مرتبطة بالوعكة الصحية التي ألمَت به يوم 27 أبريل (نيسان) 2013، والتي أدت إلى نقله للعلاج بفرنسا حيث أقام 88 يوما، وعاد إلى الجزائر على كرسي متحرك. وأظهرت صور فيديو نشرتها مواقع إخبارية فرنسية على الإنترنت، موكب الرئيس الجزائري وهو يدخل إلى العيادة المتخصصة في جراحة القلب، حيث يشتغل طبيب كان يعالج بوتفليقة بالمستشفى العسكري الفرنسي بباريس، قبل أن ينتقل إلى غرونوبل. وصرح الطبيب لصحيفة فرنسية العام الماضي، أن علاقة صداقة تجمعه بالرئيس الجزائري، مفسرا بذلك حرص بوتفليقة على متابعة حالته الصحية عنده.
ورفض مسؤول بمديرية الإعلام بالرئاسة الجزائرية، الرد على استفسار «الشرق الأوسط» بخصوص حالة الرئيس الصحية. واكتفى بالقول: «بيان الرئاسة يتضمن كل شيء».
ومنذ أن توقف نشاط الرئيس بسبب تدهور صحته، يتولى تسيير شؤون الحكم نيابة عنه مجموعة من المسؤولين، أبرزهم شقيقه وكبير مستشاريه السعيد بوتفليقة، ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، ومدير الديوان بالرئاسة وزير الدولة أحمد أويحيى. وأحيانا رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الأولى) عبد القادر بن صالح الذي هو الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور، ورئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الثانية) محمد العربي ولد خليفة. والحال أن ملف «مرض الرئيس» يجري تسييره في غموض تام منذ أكثر من 10 سنوات. فقد نقل عدة مرات إلى فرنسا وسويسرا للعلاج في السنوات الأخيرة، ولا يعلن عن ذلك إلا إذا كانت حالته خطيرة. وفي الغالب يستعلم الجزائريون عن تطورات حالة رئيسهم الصحية من الصحافة الأوروبية، وأحيانا من مسؤولين فرنسيين لا يكشفون عن أسمائهم. وللرئيس طريقة خاصة لتفنيد الأخبار المتعلقة بحالته الصحية، ويكون ذلك عادة بتنظيم استقبال مع أي مسؤول أجنبي يزور الجزائر، ويبث في نشرات أخبار التلفزيون الحكومي.
ويأتي الغموض حول «صحة الرئيس»، بعد مرور سنة من جدل حاد حول رسالة رفعتها إليه مجموعة من المقربين منه، يطلبون مقابلته بحجة أنهم يستغربون قرارات صدرت عنه «لا تمت بصلة لشخصيته». وخلَف المسعى سخط سلال، والأحزاب الموالية للرئيس التي رأت فيه «إيحاء بأن الرئيس عاجز بدنيا علن الاستمرار في الحكم».
وتنقسم الطبقة السياسية حول «مرض الرئيس»، إلى فريقين. أحدهما يطالب بتفعيل المادة 102 من الدستور التي تتحدث عن تولي رئيس «مجلس الأمة» رئاسة الجمهورية لمدة 90 يوما على أقصى تقدير، يعقبها تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، إذا ثبت عجز الرئيس عن الاستمرار في الحكم. ويمثل هذا التوجه الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية». أما الفريق الثاني فهو المدافع عن «شرعية الرئيس»، ويعارض فكرة تنحيه عن الرئاسة بحجة أن الشعب «انتخبه لولاية مدتها 5 سنوات». ويمثل هذا التوجه حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».